د. محمد أحمد الدبعي*الغذاء والصحة قرينان لا فاصل بينهما، في الغذاء غير الضار للجسم والداعم نموه وقوته يوصف بالصحي.. انه الوقود المحرك الذي يولد فينا الطاقة للحركة والعمل والنشاط والدرع الداعم مقاومة الجسم من مختلف الأمراض والمطلب الاساسي اليومي في مزج متعدد الاصناف ليحصل منه الانسان على كامل احتياجاته من العناصر الغذائية اللازمة.وبتنوع الغذاء وتوازنه بالمعيارين الكمي والنوعي نستمد المواد اللازمة لبناء الجسم ولتعويض التألف من أنسجته وخلاياه.ما سنتناوله اليوم هو نوع من الأمراض، شائع في مجتمعنا ويرتبط بالغذاء.. أنه فقر الدم الناتج عن سوء التغذية، بالحديث عن أسبابه ودواعيه وعلاماته وشروط وقاية المعرضين له، مع تفاصيل اخرى سنأتي على ذكرها..[c1]أسباب.. ومسببات[/c]تتوقف قدرة جسم الانسان في أداء وظائفه بشكل طبيعي واستمرارها في الظروف المختلفة على مقدار ما يوفره الغذاء من الاحتياجات اللازمة له كماً ونوعاً، ونقص هذه الاحتياجات يقف وراء الاصابة بالكثير من الأمراض.كما ان عدم توافر المتطلبات اللازمة في مكونات الغذاء والتي تتطلبها عملية تكون الدم، كالحديد وفيتامين (B- 12) وفيتامين (C) والفولات (أملاح حمض الفوليك)، وكذا بعض المعادن، مثل النحاس والزنك والكوبلت، أو وجودها بكميات لاتفي بالحاجة.. يعتبر أحد الاسباب المؤدية إلى الاصابة ببعض أنواع فقر الدم ( الانيميا) أو ما يسمى يفقر الدم الغذائي والذي يشمل فقر الدم بعوز الحديد وفقد الدم الضخم الاورومات (بعوز فيتامين (B- 12) أو بعوز الفولات أو بفيتامين (C)).ولا يتقصر التعرض لفقر الدم لاسباب غذائية على جنس معين أو على فئة عمرية بعينها، فالذكور والاناث من مختلف الاعمار بصابون به، ويلاحظ ان نسبة اصابة الاناث في سن الانجاب ضعف نسبة اصابة الذكور، ويرجع ذلك إلى زيادة الحاجة إلى الحديد اثناء الحمل والولادة وخلال فترة الارضاع.وتؤكد دراسة اجرتها منظمة الصحة العالمية ان معدل الهيموجلوبين أقل من معدله الطبيعي لدى 4 من الذكور و 8 من الاناث في العالم، ويرتفع هذا المعدل من 2 إلى 5 اضعاف في دول العالم الثالث وبشكل اساسي يرتبط بسوء التغذية وصعوبة الحصول على تغذية سليمة نتيجة الفقر وتدني مستوى الوعي الصحي في ظل الاوضاع والظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة.[c1]العلامات السريرية[/c]من خلال العلامات السريرية تظهر الاصابة بفقر الدم، مثل الضعف العام، التوعك، الصداع، الدوار أو الدوخة- خصوصاً عند محاولة الوقوف-، ضعف الذاكرة وانخفاض القدرة على العمل. بالاضافة إلى شحوب لون الجلد والاغشية المخاطية وخاصة الملتحمة (الغشاء المبطن للجفن).بينما يتم التأكد من الاصابة بفقر الدم عن طريق فحص الدم الذي يتحدد من خلاله مدى انخفاض كمية كريات الدم الحمراء و (الهيموجلوبين) في الدم عن المستوى الطبيعي.[c1]غذاء المرضى[/c]يستدعي فقر الدم الناتج عن سوء التغذية من المرضى اهتماما كبيرا بالغذاء كماً ونوعاً، وهو ما تتطلبه ايضاً الوقاية من هذا المرض، فالتغذية السليمة الصحيحة المؤمنة لاحتياجات الجسم وفق معايير الكم والنوع هامة جدا لمثل هذه الحالات، حيث يمكن الحصول عليها من الاصناف الغذائية التالية:1- التمر: صنف غذائي هام وضروري لما يحويه من سكريات سهلة الامتصاص وفيتامينات وأملاح معدنية واحماض أمينية ذات فائدة عالية للجسم، فإن ما فيه من حديد ونحاس وفيتامين (B- 12) وفيتامين (C) يحقق نفعاً وفائدة كبيرة لمرضى فقر الدم.2- المنتجات الحيوانية: مثل اللحوم، الاسماك والكبد، لاحتوائها على كميات كبيرة من الحديد ثنائي التكافؤ الذي يمتص سريعاً، مقارنة بالحديد ثلاثي التكافؤ الموجود في المنتجات النباتية والذي يمتص بدرجة أقل لا تتجاوز 1 إلى 3 بينما تصل نسبته لدى لحم العجول والابقار من 25 إلى 30.كما تحتوي المنتجات الحيوانية على نسب عالية من فيتامين (B- 12) والفولات والمعادن المختلفة، كالنحاس والزنك والكوبلت. عدا عن ان البروتينات في هذه المنتجات تساعد على امتصاص الحديد.3- البقوليات: كالفاصوليا، الفول، العدس، والبازيلياء، هي الاخرى غنية بفيتامين (B- 12) وبالفرلان والنحاس والزنك، بالاضافة إلى الحديد ثلاثي التكافؤ.4- الخضروات والفاكهة الطازجة: تعتبر غنية بالفيتامينات والمعادن والاملاح المختلفة، وتحتوي على كميات كبيرة من الفولات، وبفضل تناولها طازجة، نظرا لان طهيها لفترة طويلة يؤدي إلى تكسر 50 من الفولات.5- العصائر الطازجة: البرتقال، الليمون والتفاح، تحتوي على كميات من الفيتامينات المختلفة، لاسيما فيتامين (C) الذي يسهل عملية امتصاص الحديد، وبالمقابل يؤدي نقصه إلى اختلال عملية استقلاب حمض الفوليك الذي يلعب دوراً مهماً في تكوين الخلايا المكونة للدم.6- العسل: يحتوي على نسبة عالية من الحديد والفيتامينات والمعادن والمواد السكرية، ويسهل امتصاص الحديد، حيث ينصح بتناول 25 جم إلى 30 جم منه ثلاث مرات يوميا قبل الاكل مباشرة او بعد الاكل بساعتين في حالة زيادة الوظيفة الافرازية للمعدة (وجود حموضة).في الاخير.. ينصح بزيادة كمية الاغذية المذكورة في وجبات النساء خلال فترة حملهن وبعد الولادة، كذلك المرضعات والرياضيين ومن هم في مرحلة البلوغ فحاجة هذه الفئات إلى الحديد زائدة عن حاجة غيرهم، بينما لا ينصحون بتناول الشاي والحليب والالياف النباتية والدهون واملاح الكالسيوم ومضادات الحموضة والانتفاخات اثناء أو بعد تناول هذه المواد الغذائية مباشرة حتى لا تعيق امتصاص الحديد .* المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني بوزارة الصحة العامة والسكان