أضواء
هاهو والد الجميع يجدد رسالته لأبنائه وإخوانه لعل النائمين والمتوهمين بعودة «زمن العويل» يفيقون من سباتهم العميق, ولعل المتصارخين والمستصرخين والمتشنجين يكفون عن الزعيق الذي بلي ثوبه ولم يعد صالحا للتدثر به لتحقيق غايات شخصانية على حساب صالح الوطن ومصالح مواطنيه, وهي رسالة نجزم بأنها امتداد للخطاب التاريخي الذي ألقاه ولي الأمر عشية حل مجلس الأمة, وحفل بعبر وعظات جمة لمن ينشد العظة.تحذيرات صاحب السمو من مغبة ما تشهده الساحة السياسية من مظاهر الشحن وإثارة الفتن والنزعات الفئوية البغيضة, عكست مجددا وبجلاء قرب الوالد من همس أبنائه ومتابعته الدائمة لكل ما يأملونه او يأنفونه.. أملهم في غد مشرق لوطنهم خال من شوائب الإحباط واليأس ومفعم بعبق التفاؤل, وأنفهم من فئة استمرأت استخدام حناجرها الصوتية للمتاجرة بمشاعر الناس والتمصلح على أكتافهم بشعارات فارغة الجوهر والمضمون.إن هذه الدعوة السامية للأجهزة الأمنية والحكومية المعنية بعدم التهاون مع أي ممارسات انتخابية تنتهك صريح القانون وتمس بأمن البلاد واستقرارها وتتجاوز الثوابت الوطنية, أثلجت - والله - صدورنا كشعب وطمأنتنا أكثر على أن قادم أيامنا لن يشهد تلك الفوضى التي كانت تمارس من قبل البعض باسم الاستحقاق الديمقراطي, كما إننا نحسبها أيضا - أي الدعوة - لفت نظر أخيرا - جديدا للعابثين ومثيري الضجيج السياسي لمراجعة أنفسهم والتوقف عن نهجهم المنبوذ وإلا فالحساب يومها سيكون مؤلما جدا لهم بقدر ما سيكون مريحا جدا للغالبية العظمى من المواطنين.فقد تابعت - كإعلامي - كل الانتخابات البرلمانية منذ المجلس التأسيسي ولم اشهد انتخابات يعايشها الناس ببرود وبمنتهى اللامبالاة كما يجري الآن فبرامج المرشحين المعلنة حتى الآن واهية وليست ذات معنى, بعضها مكرر والآخر لا يستقيم مع فكر الناخبين وتطلعاتهم لاسيما في ظل الفهم والوعي الشعبي الجارفين لما تضمنه خطاب سمو الأمير أخيرا من نقاط مهمة تؤكد التمسك والإصرار على تدشين مرحلة عمل حقيقي يتسامى على إخفاقات أداء مجالس الأمة والوزراء السابقة والتي بلغت ذروة سنامها في السنوات الثلاث الأخيرة, وتسببت في معاناة الناس وتعطل أعمالهم, وإصابتهم بالتوهان بين مطرقة حكومات تهاب المساءلة وسندان نواب لا يتورعون عن رفع لواء: ما القول والفعل إلا ما نرى. فكانت المحصلة الطبيعية عدم قدرة الشعب نفسه على معرفة «الأبيض من الأسود» واختلطت عليه الألوان وتوقفت بالتبعية حركة النمو وتضاربت المصالح وغاب الاستقرار.نعم لدعوة ولي الأمر إلى العمل على إرساء الاستقرار في كل مناحي ومجالات الدولة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية... فالاستقرار أهم من الديمقراطية والحرية, فكم من شعوب لا يكتمل غذاؤها ومعيشتها إلا بتوافر كل مقومات الأمن المختلفة في ربوعها, ماذا فعلت الديمقراطية في العراق ؟... ماذا فعلت الديمقراطية في لبنان وبعض دول أميركا اللاتينية ؟... الجواب البديهي لا يخرج عن إطار الفوضى وأحيانا الخراب.هناك قول مأثور في علم السياسة مفاده انه عندما يتحدث المرء عن الإدارة المثالية للشعوب فإن طرحه يجانبه الصواب اذا لم يقترن بمعطيات تضمن الأمن والاستقرار, فالفوضى والمتاجرة بمثاليات خيالية تستند فقط إلى بلاغة اللسان وقلة الفعل أمر يغذي الناس بالهواء ولا يطعمهم, إذ أن هذه السياسة قوامها فقط الأمنيات والمطالب والتطلعات المستحيل تنفيذها واقعيا.خلاصة القول: إننا نأمل أن تكون أجواء هذه الانتخابات الباردة إرهاصات صحوة المواطنين كافة إلى ما يفترض أن يفعلوه بدلا من أن تذهب أصواتهم لمن يدفع أو إلى قريب أو طائفة أو تكتل سياسي ضحك عليهم, استفاد ولم يفدهم, صوتوا له بأبخس الأثمان وبقوتهم تمصلح واستفاد... أفاد نفسه وأهله وذويه وطبطب على ظهر من صوت له ودعا له بالبركة والتوفيق, وليس أدل على مولد هذه الصحوة الشعبية من الانسحابات التي شهدتها ساحة النواب السابقين, إدراكا من هؤلاء أن الناس بدأت تعي أن غدا يوم آخر والأمس لن يتكرر, وان الجزاء سيكون على قدر الفعل, وان ساحة الحراك السياسي في الكويت لم تعد تقبل استمرار العبث والمداهنة والتلاعب بعواطف الناس فيما بطون النواب وجيوبهم تكبر على حساب الناخبين.[c1]* عن / صحيفة (السياسة) الكويتية [/c]