جمعني أكثر من لقاء بأكثر من مواطن يمني، أحدهم يعمل في سلك الدولة وآخر يعمل في القطاع الخاص وثالث يعمل في الإعلام ورابع يعمل في الأمن شرائح متعددة من الأفكار والتوجهات السياسية والفكرية والمناطقية، جميعهم يتحدثون عن معاناة يلمسونها في حياتهم في هذا الوطن الغالي، وجميعهم يعرفون خفايا السياسة وألاعيبها، وجميعهم يكتوون بضعف الاقتصاد والتسيب وأصحاب النفوذ والفساد، وجميعهم يؤمنون بالثوابت التي لايختلف عليها العقلاء، وجميع هؤلاء يشخصون المسألة اليمنية في مسألة واحدة ألا وهي سلطة الدولة وضعفها وقوتها.لقد عرفنا دولاً كثيرة في العصور والأزمنة السابقة . كانت دولاً قوية وقوتها ليست معتمدة على عدد سكانها أو ثرائها الاقتصادي أو موقعها الإستراتيجي بين الدول وليس أيضا بمكانتها الدينية أو التاريخية بل من خلال تعاملها مع مواطنيها بالعدل والمساواة بينهم وذلك بتطبيق القانون . جميعهم أمام القانون سواسية كأسنان المشط . وللتذكير فانه لا يجب أن نتحسس من ذكر أن قوة الدولة وهيبتها في الشطر الجنوبي من الوطن قبل الوحدة اليمنية ماثلة للعيان أمامنا، وليس معنى هذا أن كل الأمور في تلك الأيام كانت أفلاطونية أبدا، لكن قوتها من الناحية الأمنية هي أفضل سيئاتها والحق يقال، الإشارة إلى ذلك هنا هي للتدليل فقط . وكثير من المواطنين والمغتربين على السواء يضع هذه المقارنة نصب عينيه .عندما يتم النقاش في الشأن اليمني المحلي تجد كل الآراء تتفق على أن الدولة ممثلة بالسلطات التنفيذية لاتتعامل مع الاختلالات القانونية بالقانون، ونحن لانفتقد القانون الذي ينظم مصالح الناس بكل شرائحهم وفئاتهم وأحجامهم، فالمشكلة هنا في تطبيق القانون فإذا عجزت الدولة أو تمادت في عدم تطبيق القانون على الكبير والصغير، سيلجأ الناس إلى وسائل متعددة وسيكسب الغني ويخسر الفقير وستخسر الدولة جزءاً كبيراً من مواطنيها . وليس بعيدا أن يكون هذا الجزء أو الشريحة مهيئين للانضمام إلى أي جهة تعادي الدولة انتقاما منها ونكاية بها نتيجة إهدار حقوقه والتي كثير منها واضح للعيان ومثبت بالوثائق في بعض الأحيان. الشريحة التي كسبت بالقوة وبسلطة القبيلة والمركز وليس بالقانون هي تلك التي يجمع على تسميتها الناس بالمتنفذين والفاسدين، وتلك الشريحة هي الأقلية في الوطن، ولكنها في نظر الكثير هي التي تملك سلطة الدولة أو لنقل بوضوح هي التي انحرفت بالدولة وقوانينها وذهبت وتذهب بالبلد حاليا إلى الهاوية . فهل نعيد للدولة مكانتها في تطبيق القانون أولا عليهم حتى يثق الناس بأن لديهم دولة نظام وقانون وبالتالي دولة قوية وان لافرق بين كبير وصغير وغني وفقير ماداموا يحتكمون للقانون.؟أحد المواطنين في الضالع سألته أين دور المجتمع الضالعي ( وهم الأعظم حبا للوحدة اليمنية ) في كشف كل المجرمين والمخربين وقطاع الطرق الذين تمادوا في أفعالهم في منطقتكم ولم لايتم التبليغ عنهم وعن أسمائهم مادام المجتمع يعرف أسماءهم بهذه الدرجة من الوضوح مثلما ذكر !؟أجابني: مافائدة ذلك إذا كنت قد بلغت عنهم وكشفتهم للدولة وللمسؤولين في الأمن ووجدتني في اليوم التالي احد ضحاياهم قتيلا أو مصابا . أجابني بوضوح وألم وغصة في حلقه . إجابة كانت في الصميم مردها أن الخلل هو في سلطة الدولة التنفيذية، والمشكلة أو الظاهرة يكبر حجمها إذا لم تتصرف الدولة مع تلك العصابات من الهمج بالقانون، وإذا لم تتصرف مع المتعاونين معهم من رجال الأمن والسلطة بالقانون أيضا . يجب أن نكون واضحين في تشخيص المرض دون خجل أو محاباة حتى نستطيع معالجة المشاكل، وعدم الوضوح في التشخيص والقول للمخطئ مخطئ يزيد الطين بلة مثلما يقولون .الدولة ستفقد هيبتها كلما تهاونت مع مخرب وفاسد ومتنفذ همه الأول مصلحته . الدولة ستفقد كيانها إذا لم تتعامل مع كل مخالف للقانون بالقانون، وستفقد وجودها إذا لم تسارع في تطبيق القانون على الجميع وستفقد كل عوامل شرعيتها إذا لم تحاسب كل مقصر في عمله بالقانون . مشاكلنا جميعها مفتاح حلها يمر عبر القانون.. لن تفلح عصابة الحوثي لو كانت الدولة تعاملت معهم بالقانون، ولن تفلح عصابات همج الانفصال والخونة المتاجرين بالدين واعني بهم هنا أعضاء القاعدة مهما تسموا بمسميات متعددة إذا طبقت عليهم قوة القانون مهما كثر عددهم ومهما كانت مواقعهم ومناصبهم الاجتماعية والقبلية لأنها في هذه الحال ببساطة ستسحب البساط من تحت تلك العصابتين في شرعية أعمالهم، ولكن إذا لم تطبق القانون على جميع أفراد الشعب فان الدولة في هذه الحال هيأت لهم الأرضية المناسبة للاحتجاج والاستعراض والتظاهر والتخريب والتقطع والقتل ودعوة الانفصال. هل تعي الدولة أن القانون وتطبيقه هو المفتاح لحل كل مشاكلنا في اليمن . ؟ وهل تبدأ في تطبيق القانون على موظفيها الكبار قبل الصغار ؟ نأمل ذلك فاليمن غال علينا ويجب أن نطرح الرؤية بشكل شفاف وواقعي وصريح، فالقانون وتطبيقه هو معيار قوة الدولة.[email protected]
أخبار متعلقة