د. فهد محمود الصبريبدأ العد التنازلي للسنوات الخمس من خطة تحقيق أهداف الألفية التي موعدها عام 2015م حيث حددت هذه الأهداف الألفية الخاصة باليمن المرتبطة بصحة الأم التي تتمثل في خفض وفيات الأمهات إلى 90 حالة وفاة لكل مائة ألف ولادة حية بحلول عام 2015م الذي يعتبر من أهم الأهداف والمؤشرات لواقع المجتمع ووضعه الصحي والاقتصادي وحتى الثقافي.وفي اليمن يعتبر عدد وفيات الأمهات من المؤشرات المرتفعة على مستوى الإقليم والعالم حيث يقدر بـ 366 حالة وفاة لكل مائة ألف ولادة حية وهذا الرقم نستطيع أن نقول إنه كان هدفاً مهماً وتحدياً جاداً وصعباً أمام كل القطاعات الصحية والتخطيطية وراسمي السياسات السكانية. إن تحقيق هذا الهدف يتطلب العمل الجاد والموجه نحو تحسين صحة الأمهات وتوفير وسائل السبل التي تحقق ذلك.وهناك عوامل عديدة تؤثر في صحة وسلامة الأمهات وتجعل من الوفيات والمراضة عالية في اليمن،وهي ليست فقط عوامل ومؤثرات صحية بل عوامل اجتماعية واقتصادية تتمثل أولاً في ارتفاع نسبة الفقر والأمية خاصة بين النساء مع تدني في البنية التحتية الأساسية للسكان خاصة في خدمات مياه الشرب والصرف الصحي والمواصلات المناسبة. وارتبطت كل هذه الأوضاع بارتفاع معدلات الخصوبة وضعف مكانة المرأة في الأسرة والمجتمع ،وفي الإطار الصحي سنجد أن خدمات الأمومة لا تزال محدودة كماً ونوعاً خاصة في الريف وأوضح مسح صحة الأسرة لعام 2003م أن 89.3 % من وفيات الأمومة تحدث بين الأميات،وأن 43 % من أزواج المتوفيات أميون وهو ما يبين أثر الأمية وأهمية التعليم في تحسن الحياة العامة وخاصة في الصحة ومنها صحة الأمهات. وأوضحت نتائج المسح أن 74.2 % من المتوفيات تزوجن قبل العشرين عاماً والنسبة العالية من المتوفيات كن في عمر 25 سنة فأكثر وارتبطت تلك النسبة بارتفاع عدد المواليد فبلغ متوسط عدد المواليد 4.3 مولود.وباستعراض ظروف هذه الوفيات بين المسح أن 25.7 % كانت مرتبطة بإجهاض و 21.2 % ارتبطت بمواليد موتى وكانت84.3% من الوفيات تمت لولادات في المنزل و 10.8 % في مركز ومستشفى عام و 4.7 % في مراكز خدمات صحية خاصة. ومن استخدمن تنظيم الأسرة من المتوفيات تراوحن بين 7.5 % أما من حيث الخدمات الصحية وارتباطها بهذه الوفيات سنجد أن المسح قد بين أن 31.9% فقط ( 58.3 % في الحضر و 29.9 % في الريف) ممن عانين من مشاكل صحية أثناء الحمل وقد حصلن على رعاية وشكل بعد المكان وعدم توفر الخدمة وارتفاع تكلفتها سبباً لما يتعدى 65 % من المتوفيات اللاتي لم يحصلن على رعاية أثناء الحمل.وقد كانت هذه الوفيات نتيجة لأسباب مباشرة غير مباشرة وتمثلت الأسباب المباشرة لهذه الوفيات في أن 45.3 كانت بسبب حدوث نزيف و40.4 % س حمى،والبقية غيبوبة وتشنجات.وتوضح أن 57 % عانين مشاكل صحية قبل الوفاة تمثلت في 30 % ملاريا و13 % من ارتفاع ضغط الدم و6% من السل و15 % من حالات كبد. والنسبة الباقية للأعراض ضيق نفس وأمراض القلب. وإذا كانت هذه الحالات والأوضاع مرتبطة بحدوث الوفيات وأسبابها وعواملها فإنها انعكاس للرعاية الصحية التي تتلقاها الأم أثناء الحمل بكل المستويات خاصة مع تدني الأوضاع الحياتية لغالبية الأمهات وبدرجة رئيسية في الريف الذي يشكل 74 % من السكان.وقد بينت نتائج مسح صحة الأسرة أن من حصلن على رعاية أثناء الحمل لمرة واحدة من شخص مؤهل وصلن إلى 44 % من الحوامل وبمتوسط 3.2 مرة للحامل (4.3 في الريف،3.2في الحضر) أما من لم يستخدمن هذه الخدمة فقد كان السبب في ذلك عدم الوعي بأهميتها كرعاية وقائية وليست فقط في حالة حدوث أمراض حيث أوضحت 47 % أنهن لم يشعرن بالضرورة بينما توزعت النسبة الباقية بين عدم توفر الخدمة وبعدها وكلفتها العالية.تبين أن 52.5 % قد عانين من عرض مرضي أثناء فترة الحمل توزعت بين النزيف والحمى والصداع وتورم الجسم. كما أنه يمكن الاستنتاج لأن معدل فقدان الحمل يصل إلى 3 % سنوياً حيث حدثت 60 % منه في الثلث الأول من الحمل. وقد أوضحت 69 % ممن فقدن حمولهن أنهن عانين من مشاكل وأثار صحية تزوحت بين 46 % للنزيف المهبلي الحاد.و 37 % للأم أعلى البطن والبقية لأعراض أخرى مع أن بعض الحالات عانت من أكثر عرض.وعلى الرغم من ذلك فإن حوالي 31% منهن ذهبن لتلقي رعاية صحية .وبينت 68 % أن السبب مرتبط بالكلفة وبعد الخدمة أو عدم توفرها وهي عوامل تحد من الحصول على الخدمة. أما في مجال رعاية الولادة فقد كانت أقل بكثير فقد تمت 25 % فقط من الولادات تحت إشراف صحي ماهر شكلت الولادات الطبيعية 87 % منها بينما تبينت أن 9 % من الولادات كانت قيصرية.وأوضحت البيانات أن 40 % من الأمهات قد عانين من عرض أو من الصعوبات الصحية تمثلت 25 % في طول مدة الطلق الذي تعدى 18 ساعة ونفس النسبة عانين من ارتفاع في درجة الحرارة و14 % من نزيف مهبلي مع 9 % تشنجات. ونلاحظ أن الرعاية تتضاءل بعد الولادة رغم أهميتها حيث حصلت 13 % على رعاية ورغم أن 44 % عانين من عرض مرضي عانت البقية من حدوث الم في مواضع مختلفة مع حمى. إن 57 % ارجعن السبب في عدم الحصول على الرعاية بعد الحمل إلى عدم شعورهن بالحاجة وأن 30 % كانت متعلقة بعدم توفر الخدمي بسبب التكلفة . العامل الآخر المرتبط بارتفاع مراضه ووفيات الأمهات يتمثل في السلوك الإنجابي المتسم بدرجة عالية من الخطورة حيث سنجد من المسح المذكور أن الخصوبة الكلية وصلت إلى 6.2 مولود حي لكل امرأة. ومن الواضح أن نصف النساء المتزوجات في العمر اقل من عشرين عاماً قد أنجبن مولوداً أو أكثر وثلث النساء في الأعمار 25-29 سنة قد أنجبن خمسة أطفال فأكثر كما أن 25 % من النساء قد كان التباعد بين حمل وأخر لديهن اقل من 18 شهراً مع 16 % كانت بين 18 شهر واقل من سنتين. وتوضح البيانات من المسح المذكور أن نسبة الحمل غير المرغوب عالية حيث أوضحت 22 % من الحوامل أن حملهن الحالي لم يكن مرغوباً به إطلاقاً حيث أوضحن إنهن كن قد اكتفين من الأولاد . كما بينت 35 % منهن عدم رغبتهن في حدوث الحمل في هذا التوقيت وكن يفضلن تأجيله وبشكل عام فإن 38 % من النساء في سن الإنجاب عبرن عن رغبتهن في عدم المزيد من الإنجاب إطلاقاً ورغم هذا الطلب العالي والرغبة في استعمال وسائل تنظيم الأسرة فإن حوالي 23 % فقط يستخدمن وسيلة ما لمنع الحمل .وهذه العوامل لها أثرها ودورها في تحقيق أهداف الألفية وكذلك في رفاهية الأم والطفل والأسرة بشكل عام وتعكس مدى أهمية العمل على تسهيل حصول الأمهات على التوعية والخدمات المناسبة في كل المناطق والمواقع مع التركيز على تلك الأقل حظاً.
أهداف الألفية والعد التنازلي
أخبار متعلقة