تقلبات الطقوس الجوية ألقت بظلالها على العمليات العسكرية البربرية والوحشية التي ما فتئت إسرائيل تقوم بها ضد الشعب الفلسطيني، غير أن فصل الصيف المنصرم تعدى حدود الدولة الفلسطينية ليصل إلى دولة مجاورة لها في لبنان في العملية المشهورة التي سميت بـ (أمطار الصيف).فعلاً كان الصيف ساخن جداً وأمطاره كانت وبالاً وجحيماً بالنسبة لمن احترق بلظاها، كانت البداية من غزة ووصلت إلى بيروت، في غزة اكتوى الفلسطينيون بنيران آلة الحرب الإسرائيلية بعد أسر الفصائل الفلسطينية للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، واستنفرت إسرائيل عدتها وعتادها ومع ذلك لم يتم الإفراج عنه حتى اللحظة بعد تعثر صفقات تبادل الأسرى، مما جعل الدولة العبرية تصب غضبها وجحيمها على مؤسسات الحكومة الفلسطينية التي تقودها حركة حماس التي هي في نظر إسرائيل والمجتمع الدولي حركة إرهابية، فتم تدمير عدد من مباني الوزارات الحكومية وتطور الأمر إلى اعتقال عدد من وزراء حكومة حماس وأعضاء المجلس التشريعي الذي تسيطر عليه حماس بأغلبية كبيرة.لم تكد سخونة هذا الصيف تخف وتتعدل إلى الرطوبة حتى أقدم حزب الله على أسر جنديين إسرائيلين وهو مازاد من درجة حرارة الصيف فبعد أن أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أن الجنديين الإسرائيليين لن يتم الإفراج عنهما إلا بالتفاوض الغير مباشر والتبادل قررت إسرائيل أن تسقط أمطارها الجحيمية الصيفية على لبنان هذا البلد الذي ما كاد أستعاد عافيته بعد انسحاب إسرائيل منه عام 2000م، ،لم ينسى اللبنانيون بعد الجراح التي سببها لهم ذلك العدوان الغاشم من مجازر صبرا وشاتيلا إلى مجزرة قانا عام 96م والتي كررتها إسرائيل مرة أخرى في الصيف المنصرم.تعودت إسرائيل على الصمت العربي أثناء ما تقوم به من دمار وتنكيل وأعتاد العرب أن يسمعوا التبريرات الأمريكية بأن كل ما تقوم به إسرائيل وآلتها العسكرية هو دفاع عن النفس، كما اعتاد العرب أيضاً أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض لإجهاض أي قرار دولي يدين إسرائيل، حتى أن الشارع العربي لم يعد يستغرب من حدوث هذه الأمور بعد أن ألفها وتعود عليها.وبعد ذلك أنقضى الصيف وانقضت أمطاره التي حولت حياة من هطلت عليه إلى جحيم وتعاسة ودمرت الأخضر واليابس، ولكن لم يتنفس الفلسطينيون الصعداء فما أن انقطعت أمطار الصيف حتى حلت غيوم الخريف وأبشع منها من غيوم بالنسبة للفلسطينيين الذين اكتووا بظلها، عشرات الشهداء من النساء والأطفال وكل جريح يعتبر مشروع شهيد فما لبثت هذه الغيوم تنتشر في سماء الفلسطينيين حتى أتت مجزرة بيت حانون البشعة التي خلفت وراءها عدداً لا يستخف به من القتلى والجرحى والعذر مجهز دائماً : خطأ تقني وسنقوم بالتحقيق!، رغم أن لا أحد يعلم ما هي نتائج التحقيق يا ترى في الحادث الذي أودى بجميع أفراد أسرة الطفلة هدى غالية، كان ذلك خطأ تقني وقاموا بالتحقيق، فما هي نتائج التحقيق ولماذا لم يحاسبوا أحد.إن أكثر من مليار عربي مسلم لا يريدون سوى العيش بأمان مع إسرائيل فهل هذا كثير؟ ولماذا لا تخطو الدولة العبرية خطوات جادة نحو السلام، لماذا لم تستجب لمبادرة السلام العربية، لماذا.. لماذا.. كثيرة هي الأسئلة ولكن لا أحد يجيب، ولكن الأمل في أن يكون الغد أجمل من الأمس والقادم أفضل من الماضي.. هذا هو الأمل.. العيش في أمن وسلام ليس إلا.. نعم العيش في سلام.. والتعايش مع الغير في وئام، فهل سيستحق ذلك؟![c1]عبد الرحمن أنيس [/c]
صيف ممطر.. خريف مغيم!!
أخبار متعلقة