جواد محمد الشيباني :يعتبر مؤتمر القاهرة للسكان والتنمية نقطة التحول في مجال الصحة الإنجابية، حيث أكد المؤتمر ضرورة الاهتمام بصحة المرأة وتمكين دورها في المجتمع وإطلاق مفهوم الصحة الإنجابية كأحد إنجازات المؤتمر الرائدة، والمفهوم الجديد يهتم بمشاكل الصحة الإنجابية بطريقة متكاملة وشاملة للرجل والمرأة حيث غير المفهوم الجديد الفهم الديموغرافي البحت للصحة الإنجابية المتمثل في برامج تنظيم الأسرة سابقاً ، وأعطى اهتماماً لبعض الفئات التي لم تتلقى عناية وخدمات سابقاً كفئة المراهقين، كما يشمل المفهوم الجديد مشاكل المرأة الصحية خلال فترة حياتها كاملة وليس فقط فترة الإنجاب .وعرف مفهوم الصحة الإنجابية في المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بأنها “حالة رفاه كاملة بدنية وعقلية واجتماعية في جميع الأمور المتعلقة بالجهاز التناسلي ووظائفه وعملياته، وليست مجرد السلامة من المرض أو الإعاقة”. وبذلك يكون التعريف قد وضع رؤية شمولية للفرد للتمتع بصحة نفسية واجتماعية وجسدية شاملة.ومن هذا المنطلق بدأت اليمن في اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ مخرجات مؤتمر القاهرة الدولي للسكان والتنمية وذلك من خلال القيام بوضع السياسات والبرامج المتعلقة بالصحة الإنجابية وصولا إلى تحسين الوضع الصحي وتحقيق مستوى عال في مجال تقديم الخدمة إلى كل أفراد المجتمع . وبرغم الجهود التي بذلت في هذا لجانب إلا أن مؤشرات الصحة الإنجابية تبين أن أوضاعنا الحالية مازالت متدنية مقارنة بالدول الأخرى، وتؤكد بأن المطلوب مازال كبير وتحتاج الى مزيدا من الجهود والدعم، ففي وفيات ومراضة الأمومة تعكس المؤشرات أوضاعاً متدنية،حيث أن معدل وفيات الأمومة مازال من أعلى المعدلات فقد قدرته خطة العمل السكاني المحدثة بـ 1000 وفاة في كل مائة ألف مولود حي سنوياً عام 1995م رغم أن منظمة اليونيسيف كانت تقدرها بـ 1400، وبحسب مؤشرات مسح صحة الأسرة لعام 2003م بين أن وفيات الأمهات بلغت 365 وفاة لكل مائة ألف مولود حي ، ومعظم وفيات الأمهات من الريف 80% ، برغم أن السياسة السكانية هدفت إلى تخفيض 15% من 351 وفاة مع حلول عام2005 أي إلى حوالي 298 حالة وفاة في كل مائة ألف مولود حي ولكن ورقة إستراتيجية تخفيض الفقر حددت الوصول إلى 305 حالة وفاة وأن تخفض إلى حوالي 75 حالة وفاة بحلول عام 2015م ، ومن حيث التوجه فإنه ينسجم مع تحقيق أهداف الألفية وأهداف مؤتمر القاهرة.أما فيما يتعلق بعدد الولادات فقد تبين من مسح م 2003صحة الأسرة أن ثلاث أرباع الولادات قد تمت في المنازل ، وتبين المؤشرات أن نحو 55% من النساء لم يتلقين أي رعاية صحية أثناء الحمل، وهنا يتضح ان لمستوى تعليم المرأة أثر واضح على تلقي الخدمة أثناء الحمل حيث وجد أن 62%من من النساء الأميات لم يتلقين هذه الخدمة ،كما تبين من نتائج مسح 2003م أن أكثر من 87% من النساء اللاتي لهن مولود حي خلال الثلاث السنوات السابقة للمسح لم يلجأن للحصول على أي رعاية بعد الولادة.بخصوص تنظيم الأسرة فأن استخدام وسائل تنظيم الأسرة يعتمد على الوعي وتوفر الخدمات والمواقف من عملية الإنجاب، وخلال فترة التسعينيات من القرن العشرين وهي المرحلة الأولى من تطبيق السياسة السكانية زاد استخدام وسائل تنظيم الأسرة ونمط الاستخدام ولكنه لا يلبي الطلب وحجم التحدى.نجد ان الاستخدام الحالي بين النساء المتزوجات وقت المسح واللاتي يستخدمن أي وسيلة من وسائل تنظيم الأسرة 23.1% ويكثر الاستخدام في الأعمار الكبيرة وخاصة بين الثلاثين من العمر، ويتباين وفق المستوى التعليمي حيث نجد مثلا أن نسبة الاستخدام تصل إلى 19.3% بين الأميات ولكنها ترتفع إلى 44.8% بين من هن في مستوى التعليم الثانوي فأكثر .وعلى الرغم من الدلائل الواضحة على التقدم في خفض معدلات وفيات الأمهات والأطفال ورفع معدلات استخدام وسائل تنظيم الأسرة إلا انه ما يزال هناك العديد من التحديات التي تواجه الحكومة والتي من الممكن أن تعيق إحراز المزيد من التقدم مستقبلاً. في مشاكل الصحة الإنجابية و الفرو قات الكبيرة بين مناطق الريف والمدينة هي من أهم التحديات، بالإضافة إلى صعوبة الطبيعة الجغرافية وتشتت السكان من المعوقات التي يواجهها مقدمي الخدمة ، ومن الإشكاليات أيضا سوء توزيع الموارد البشرية كما يعاني النظام الصحي بما فيه خدمات الصحة الإنجابية من ضعف نظم الإشراف والمتابعة والتقييم ، إضافة إلى وجود قصور في تقديم الخدمة الصحية المقدمة والتي قد لا تتوفر جميع خدمات الصحة الإنجابية في المرفق الصحية وضعف تقديم المشورة المناسبة ضمن استمرارية استخدام تنظيم الأسرة وخاصة في الريف . كما أن هناك قصوراً في خدمات الصحة الإنجابية للشباب والمراهقين المناسبة للعمر والواقع الاجتماعي والتي تكاد تكون معدومة
الصحة الإنجابية..الواقع والتحديات
أخبار متعلقة