أضواء
بين فينة وأخرى تطالعنا الصحف بقصص من الواقع الاجتماعي تكون المرأة فيها البطل الرئيسي، وإن كان أغلب هذه المواقف يثير الضحك إلا أنها في عمقها تعكس البنية الذهنية للمجتمع السعودي ونمط تعاطيه مع المرأة، وتشير إلى أسباب هذا السلوك، ومدى توغله وعمقه في تركيبة المجتمع النفسية والذهنية. فعلى صفحات صحيفة (الوطن ) ذكر الكاتب عبدالله المغلوث في إحدى مقالاته بعض الحكايا التي يعتقد جازما أنه لا يمكن مشاهدتها إلا على الطيران السعودي؛ حيث الفوضى العارمة جراء تغيير مقاعد المسافرين لمنع (الاختلاط)، فلا يصح أن يجلس رجل على كرسي مجاور لامرأة ليست محرما له، فحتى بين السماء والأرض تحتاج المرأة إلى حارس، لأنه فيما يبدو أن الكثير من الرجال السعوديين لا يعترفون ولا يحترمون وجود المرأة إلا من خلال حارس يحميها من نظيره الذكر؛ الذي ما إن يراها دونما نده حتى يعتبرها مشاعا لأمثاله، وهذا بعض ما تدل عليه الحكاية التي ذكرها الأستاذ المغلوث والتي حدثت على متن الطيران السعودي، حيث أصر رجل تصادف أن يكون المقعد المجاور له مشغولا بامرأة، فتجرأ على سحب الصحيفة، التي وضعتها هي في جيب المقعد بعد أن انتهت من قراءتها، ليكتب فيها رقم جواله بخط عريض ثم يقوم بوضعها في حجر المرأة !!!.. حقيقة لا يسعني إلا أن استعيد ما كتبه المغلوث معلقا على هذه الحادثة المؤسفة حدّ الوجع، فلقد كتب معلقا (إن هذه المشاهد رغم أنها تفجر ضحكا غفيرا من شفاهنا إلا أنها في نفس الوقت تعمق جروحا غائرة في أعماقنا لأنها تجسد تخلفنا أمامنا والعالم).وإليكم حكاية أشد طرافة وألما، ففي تاريخ 16 مايو 2009 وعلى صفحات صحيفة الزميلة عكاظ قرأنا حكاية على طرافتها وتفاعل الجمهور معها إلا أن دلالتها عميقة؛ تعكس عمق النظرة الدونية للمرأة، فالخبر جاء تحت عنوان “عاكسها فضربته بعقاله”، وإن كان الخبر فيه ما يكفي من الإثارة ويُلخِص ما حدث، إلا أن تفاصيله لا تقل إثارة. فالأمر ليس مجرد معاكسة عابرة أثارت غضبة امرأة شريفة فجاءت ردة فعلها قوية وعنيفة، مما استدعى وصفها بأنها أخت رجال، بل هو أبعد من ذلك. [c1]*عن / صحيفة (الوطن ) السعودية[/c]