العدالة الانتقالية مفهوم جديد لمرحلة ما بعد الحروب والصراعات
عدن / أفراح صالح محمد يأتي مفهوم العدالة الانتقالية - من وجهة نظر مجلس الأمن الدولي - بكونها العمليات والآليات المرتبطة بالمحاولات التي يبذلها المجتمع لتفهم تركة من تجاوزات الماضي الواسعة النطاق بغية كفالة المساءلة وإقامة العدالة وتحقيق المصالحة. وقد تشمل هذه الآليات القضائية وغير القضائية ،مع تفاوت مستويات المشاركة الدولية(أو عدم وجودها مطلقاً)ومحاكمات الأفراد والتعويض، وتقصي الحقائق، والإصلاح الدستوري، وفحص السجل الشخصي للكشف عن التجاوزات والفصل واقترانهما معا . فهل نحن بحاجة لتطبيقها في اليمن؟عدن نقطة بداية .. لماذا ؟هذا المفهوم قالت عنه الأخت سماح جميل المدير التنفيذي لمركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان «انه يجد تعبيراته في خلق مناخات وشروط المصالحة الوطنية الشاملة ، ولهذا لابد من معالجة كل تراكمات ومشكلات وآثار حُقب مضت حتى يمكن بعدها البدء ببناء المستقبل . وهذا المفهوم ينطبق على الدول التي حدثت فيها صراعات سياسية كاليمن ، لهذا ارتأى ملتقى المرأة للدراسات والتدريب ( WFRT ) إن بداية التوعية بهذا المفهوم يجب أن يكون من محافظة عدن ، لكونها تجيش بالحراك السياسي والاجتماعي ، والآثار الناتجة عن هذا الحراك (إصابات وانتهاكات وأضرار بعضها جسيمة) . وربما قد حان الوقت ليكون لمفهوم العدالة الانتقالية الجديد أهمية لتغيير المفاهيم القديمة من عدن إلى كل الوطن اليمني “ .الأخت سعاد القدسي رئيسة ملتقى المرأة للدراسات والتدريب في حلقة النقاش التي نظمها ملتقاها الاسبوع الماضي بالتعاون مع مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان ، وفي مركزه بخور مكسر ، محافظة عدن ، قالت : “ إن هدفنا من مناقشة مفهوم العدالة الانتقالية هو التوصيل للناس بان هناك طرقاً وآليات جديدة للحديث حول قضية ما تمس المجتمع ، كحل وسط ، إذا ما فهمنا معنى العدالة الانتقالية التي أصبحت بعض الدول تنتهجها لأنها حققت لها السلم المجتمعي . وإذا أحسسنا بأن هناك تقبل لهذا المفهوم في عدن ، سنقوم بإعداد مشروع طويل الأمد للتدريب على آليات العمل المحققة للعدالة الانتقالية في الوطن كله “أما أدبيات مجلس الأمن الدولي - تقرير الأمين العام ( عام 2004 م ) والتي قدُمت في هذه الحلقة النقاشية فقد ربط نجاح هذا المفهوم بتجنب صيغة الحل المناسب لكل الحالات ، واستيراد النماذج الأجنبية ، بل دعا للتركيز على الضحايا الذين لقوا المعاناة ، واتخاذ إجراءات علاجية لهم وتعويضهم ، وتحقيق العدالة لهم لا التركيز على المرتكبين للمعاناة . وقد هدف هذا التقرير، الذي حوى تجربة مجلس الأمن الدولي في مجال تعزيز العدالة وسيادة القانون في مجتمعات الصراع ومجتمعات ما بعد الصراع ، إلى التوضيح أن توطيد السلام وصونه في فترة ما بعد الصراع لا يتحقق إلا إذا كان السكان على ثقة من إمكان كشف المظالم عن طريق الهياكل الشرعية لتسوية المنازعات بالوسائل السلمية ، وإقامة العدل بشكل منصف . وفي الوقت ذاته ، فان حالة الضعف الشديد للأقليات والنساء و الأطفال والسجناء والمحتجزين والمشردين واللاجئين وغيرهم ، والتي تتجلى في جميع حالات الصراع وما بعد الصراع ، تضفي عنصر استعجال على حتمية استعادة سيادة القانون . وحوى التقرير نقاطاً مهمة مثل ضرورة تقييم الاحتياجات والقدرات الوطنية والحلول الموضوعة من قبل الخبراء الوطنيين وإشراكهم ، إلى جانب الخبراء الدوليين لسيادة القانون وتقديم الدعم لدوائر الإصلاح المحلية لا فرض المبادرات والإصلاحات من الخارج ومشاركة القانونيين الوطنيين والحكومة والمرأة والأقليات والفئات المتضررة والمجتمع المدني ، وعمل حملات التوعية والتثقيف الجماهيرية ومبادرات التشاور العامة ، والمؤسسات التي تتلقى المساعدات الدولية لا يمكن تقييمها بشكل معقول من حيث كفاءتها المعززة وحدها ، دون اعتبار لالتزامها إزاء حقوق الإنسان أو مسؤولية خطابها العام . يجب تامين مجال سياسي للمصلحين ، وحماية إنفاذ القانون من التجاوز السياسي ، وتعبئة الموارد لتعزيز قطاع العدالة. [c1]التعويض المناسب للمتضرر[/c]وأوضح الدكتور علاء قاعود أستاذ في جامعة منيسوتا ( مركز حقوق الإنسان ) في الولايات المتحدة الأمريكية ، واحد المشاركين ضمن لجنة تقصي الحقائق الدولية في دارفور ، ضرورة تقديم التعويضات للضحايا أكانت مالية ، عند خسارة الممتلكات أو استعادتها ، أو معنوية لقاء ما عانوا من أذى ، أو رد الحقوق القانونية ، واتخاذ تدابير رمزية مثل تقديم اعتذارات رسمية ، وإقامة نصب تذكارية ، وتنظيم احتفالات لإحياء ذكرى الضحايا . ومهما تكن برامج التعويضات التي ستقدم للضحايا فان ما تقتضيه العدالة ويمليه السلام يستلزم تقديم هذه التعويضات.