أحمد عبدالله الشهاريلا نبالغ عندما يقولون أن المطربين في محافظة لحج يتميزون عن غيرهم في مجال العزف سواء على العود اليمني القديم أو الحديث ولا ينكر دورهم قديمهم وحديثهم بأن لديهم خبرة وذكاء طربي خارق في إجادة العزف على جميع أنماط وألوان الألحان والأغاني والموشحات اليمنية مما يجعلهم مؤهلين أكثر من غيرهم على أداء مختلف النغمات اليمنية بل ويتعدوا ذلك إلى إجادة بعض النغمات العربية وقدر بما يرجع السبب في ذلك أولاً : إلى إتقان مشائخ الفن في لحج للأداء المتميز فمثلاً لو رجعنا إلى الخلف قليلاً وبدأنا نستعرض بعض الأغاني التراثية التي غناها كل من الشيخ فضل محمد اللحجي والشيخ عوض عبدالله المسلمي والشيخ صالح يوسف الزبيدي والشيخ محمد سعد علي الدباشي ويسلم حسن صالح وعمر محفوظ غابه وأحمد يوسف الزبيدي ومحمد سعد عبدالله العازف المتمكن الفنان فيصل علوي ونحسن ونركز في الاستماع إلى هذه الأغاني بإمعان وتدبر في أسلوب أدائها من هؤلاء الفنانين العباقرة سنجد أن لها نكهة خاصة وبالذات الأغاني اليافعية والصنعانية واللحجية وندلل على ذلك بالآتي :مثلاً الفنان فضل محمد اللحجي عندما يؤدي أغاني مثل ( وا مغرد )، ( على المحبين شني ) ( يا هلال الفلك )، ( أهلاً بمن داس العذول ) و ( ياجزيل العطا ) أو الفنان صالح يوسف الزبيدي عندما يؤدي أغنية ( يا مكحل عيوني بالسهر ) ، (وعلى امحنا ونجيم الصباح) أو الفنان محمد علي الدباشي عندما يؤدي أغنية (حوى الغنج) وأغنية (مال قلبي لم يزل عشقه فنون) أو الفنان عوض عبدالله المسلمي عندما يؤدي أغنية (ليت تعلم ما بقلبي يا حبيبي) و (الناس عليك يا ريم أقتلوني) أو (ياخل عليك الناس أقلقوني) أو عمر محفوظ غابة عندما يؤدي أغنية (هل أعجبك يوم في شعري غزير المعاني) و (يا محجب عن الصب من جمعة رجب) وأحمد يوسف الزبيدي عندما يؤدي أغنية (أنا من ناظري)، (ليتني وردة) و(ألا ليتني وا حبيبي) أو محمد سعد عبدالله عندما يؤدي أغنية (وسط صنعاء) و (يوم الأحد في طريقي) أو فيصل علوي عندما يؤدي أغنية (مني مساك الخير يالغصن الرطب) ،(ألا يا أهل الحسيني) و (صادت فؤادي بالعيون الملاح) وغيرها من الأغاني الجميلة الأخرى التي غناها هؤلاء الفنانين العظام وغيرهم أمثال ( محمد سعد الصنعاني) ،( عبدالله حنش)، (حسن عطا)، (سعودي أحمد صالح)، (محمد صالح حمدون)، (مسعما بن أحمد حسين اللحجي)، ( فضل الوهطي)، ( وإسماعيل سعيد هادي)، (سعيد عبد الغني)، (نورا النجار)، (عبد الكريم توفيق)، (أحمد تكرير)، (علي سعيد العودي)، (مهدي درويش)، (عوض أحمد)، (صالح البصير)، ( أولاد كرد)، (أولاد سيلان)، (محمد مفتاح)، (بشير ناصر)، ( صالح اللحجي)، (أبو حسن اللحجي)، (غالب اللحجي)، (علوي فيصل علوي)، (عوض دحان)، (السعيدي) والمواهب اللحجية الجديدة التي لا زالت تحذو حذو المدرسة القمندانية عزفاً وأداءً. وثانياً : يرجع السبب إلى التأثير الكبير للبيئة التي أبرزت هذا الجمال وهذه البيئة تتمثل في جمال الطبيعة الخلابة النابعة من وادي الحسيني الساحر الذي يعد من أهم مصادر الإلهام الفني في ذلك الوقت والذي كان يحتوي على مختلف أصناف الثمار اللذيذة النادرة مثل فاكهة (العباسي) وكما نعلم أن لحج وعدن قديماً كانتا ملتقى جميع الأطياف الفنية التي كانت تأتي من مختلف محافظات اليمن والبلدان المختلفة خصوصاً من دول الخليج وأفريقيا.وكم كانت سعادة الفنانين غامرة في ذلك الوقت خصوصاً عندما قام الموسيقار الكبير المرحوم فريد الأطرش بزيارة لمدينة عدن والتقائه بمجموعة من كبار الفنانين ومن بينهم المرحوم الفنان الكبير فضل محمد اللحجي الذي أمتعه بأغنية (وا مغرد بواد الدور من فوق الأغصان) هذه الأسطورة الغنائية التي جعلت الموسيقار فريد الأطرش يشيد بموهبة المرحوم فضل محمد اللحجي الغنائية.ومن هذا المنطلق نستطيع أن نستنبط بأن موقع عدن الجغرافي في أيام القمندان وما قبل القمندان كان يلعب دوراً بارزاً في خلق الإبداع الطربي لدى العازفين اللحجيين وندلل على ذلك بذكر هذه الأسماء ومنهم المرحوم الفنان الكبير فضل ماطر وهادي سبيت النوبي والد عبدالله هادي سبيت الذي عزف على العود الصنعاني القديم ومن بعده صالح الظاهري وصالح عيسى الذي عزف على الآلة النحاسية ثم السمسمية فالآلة الوترية، أحمد قاسم والد الفنان أنور أحمد قاسم وسعد عبدالله الصنعاني والد الفنان محمد سعد عبدالله وعبدالله المسلمي والد الفنان عوض عبدالله المسلمي وعوض سالم المطيري وفضل طفش وهادي سعد سالم وأحمد صالح علي ومحمد سعد الصنعاني إلى جانب الأستاذ أحمد صالح اللذين أدخلا بعض المقدمات الموسيقية لبعض أغاني التراث اللحجي (القمندانية) والفرقة الشعبية للتمثيل والموسيقى للشاعر والفقيد أحمد عباد الحسيني وما يتميز به فنانو لحج أن معظمهم يجيدوا غناء الألوان الغنائية الأربعة المتمثلة في الصنعاني واليافعي والحضرمي واللحجي وخصوصاً اللون الغنائي الصنعاني له ميزة خاصة عندهم لجماله وصعوبته وكانوا خير من يجيد هذا اللون بجانب الفنانين الصنعانيين القدامى قبل التسجيلات الصوتية أمثال سعد عبدالله الكوكباني وقحطة والسالمي وكانت الأغنية الصنعانية ولا زالت تعتبر المحك الرئيسي والشهادة التي تمكن الفنان الللحجي المبتدئ اجتياز عالم الفن الغنائي اليمني ولنضرب مثل : عندما يأتي السائح لزيارة اليمن ويعشق معالمها السياحية وفنونها تجده يعرف عن اليمن أكثر من اليمني نفسه وهكذا عشق فنانوا لحج القدامى للأغنية الصنعانية يجعلهم يجيدونها أكثر من غيرهم وهذا المثل ليس فيه أية مبالغة تذكر.وأخيراً نتمنى أن تكون حوطة لحج مقراً رئيسياً لعقد المهرجانات الفنية الدائمة كون هذه العاصمة التاريخية حاضنة للتراث الغنائي ومصدراً قوياً من مصادر الجمال والإبداع ونتمنى على المجلس المحلي لمحافظة لحج إيلاء هذه القضية كل الاهتمام ومدها بوسائل الاستمرارية والاهتمام الخاص ما تبقى من عباقرة التراث الغنائي اللحجي ومدينة الحوطة التاريخية حتى تكون مؤهلة ثقافياً وفنياً وسياحياً لاستقبال أي وافدين عليها من مختلف الأطياف الفنية والملتقيات الإقليمية كما كانت سابقاً.
|
ثقافة
التأثير الإيجابي لمطربي اللون الغنائي اللحجي
أخبار متعلقة