اندلاع احتجاجات غاضبة على مقتل بوتو في أنحاء البلاد وسقوط عشرات القتلى
جثمان بوتو
نوديرو(باكستان)/14 أكتوبر/من فيصل عزيز: دفنت زعيمة المعارضة الباكستانية بينظير بوتو أمس الجمعة في مقبرة أسرتها بعد أن أدى اغتيالها إلى سقوط البلاد في أزمة وثار احتجاجات عنيفة في إقليم السند مسقط رأسها. وانتحب عشرات الآلاف من المشيعيين وضربوا رؤوسهم فيما تحرك الموكب الجنائزي لبوتو التي قتلها مهاجم في تجمع انتخابي الخميس من مسقط رأسها في السند بجنوب البلاد إلى مقبرة العائلة. وأثار مقتل بوتو (54 عاما) المخاوف من أن الانتخابات المقررة في الثامن من يناير والتي كانت تهدف إلى عودة باكستان إلى الديمقراطية تحت قيادة مدنية قد تتأجل رغم أن رئيس وزراء حكومة تصريف الأمور محمد ميان سومرو قال إن موعد الانتخابات لم يتغير في الوقت الراهن. وانتحب زوجها آصف علي زرداري وهو يصطحب الكفن الذي غطي بشعار حزب الشعب الباكستاني الذي كانت تتزعمه بوتو إلى مقبرة العائلة في قرية جارهي خودا بخش. وصلى زرداري في المقبرة مع أولاده الثلاثة وهم ابنه بلوال (19 عاما) وابنتاه بختاوار (17 عاما) وآصفة (14 عاما). وردد كثير من المشيعين شعارات معادية للرئيس الباكستاني برويز مشرف والولايات المتحدة التي أيدت على الدوام قائد الجيش السابق على أمل أنه سيستطيع صون الاستقرار في البلد النووي الذي تعصف به أعمال عنف ينفذها متشددون إسلاميون. وردد المشيعون هتافات مثل «العار على مشرف القاتل والعار على أمريكا القاتلة». وقال المزارع إمام بخش وهو يغالب دموعه «بوتو كانت اختي وكانت مثل أمي.. بموتها العالم انتهى بالنسبة لنا.» وناشد مشرف الذي تولى السلطة في انقلاب عسكري عام 1999 لكنه ترك منصب قائد الجيش الشهر الماضي ليصبح رئيسا مدنيا الباكستاني التحلي بالهدوء وألقى مسؤولية اغتيال بوتو على متشددين إسلاميين. لكن كثيرين اتهموه بالتقاعس عن حماية بوتو التي قتلت في مدينة روالبندي حيث مقر الجيش. وفي إقليم السند حيث تتمتع بوتو بشعبية كبيرة ولاسيما بين القرويين الفقراء قتل 23 شخصا على الأقل بينهم أربعة من أفراد الشرطة خلال احتجاجات. وقال وزير داخلية السند أختار زمان «نتوقع أن يزداد الموقف سوءا بعد الجنازة». وحث زعماء العالم باكستان على ألا تنحرف عن المسار الديمقراطي في حين هزت المخاوف من مزيد من عدم الاستقرار في منطقة تعصف بها تيارات التشدد الإسلامي الأسواق أمس الجمعة ودفعت المستثمرين إلى الهروب إلى الأوعية الأقل مخاطرة مثل السندات والذهب. وقال كويتشي أوجاوا وهو مدير محافظ الاستثمار بمؤسسة دايوا اس. بي انفستمتس «الاضطرابات في باكستان تؤثر بقوة على أداء الأسواق لان من المعروف أن باكستان على عكس كوريا الشمالية وإيران لديها بالفعل أسلحة نووية.»
موكب جنازة بوتو
وفي اقليم السند أصدرت السلطات أوامر بإطلاق النار على المحتجين الذين يلجؤون للعنف على الفور. وأحرقت مئات السيارات والشاحنات والحافلات في الإقليم ووضع حشود من الرجال حواجز على الطرق ورددوا شعارات مناهضة لمشرف. ومن ناحية أخرى قالت الشرطة إن ستة قتلوا منهم مرشح في الانتخابات المقررة في يناير المقبل عن حزب مؤيد للرئيس برويز مشرف فيما بدا انه هجوم لمتشددين. كما وقعت احتجاجات متفرقة في أنحاء أخرى من البلاد وقتل شخص في مدينة لاهور الشرقية. وفي أكتوبر عادت بوتو إلى باكستان بعد أن عاشت في المنفى الاختياري على أمل أن تصبح رئيسة لوزراء البلاد للمرة الثالثة. لكن حينما غادرت التجمع الانتخابي الذي تحدثت فيه عن المخاطر التي تعرضت لها حياتها وقفت لتحية أنصارها من فتحة سقف سيارتها المضادة للرصاص. وقالت الشرطة وشهود عيان ان المهاجم أطلق عليها أعيرة نارية قبل ان يفجر نفسه. وصرح مسؤول امني بأن الرصاصات التي قتلت بوتو إصابتها في الرأس والعنق وقال «الذي أطلق الرصاص إما كان على درجة عالية من التدريب أو كان قريبا جدا منها ليصيبها في الجبهة والرقبة.» ودفنت إلى جانب والدها ذو الفقار علي بوتو الذي أعدم شنقا في عام 1979 بعد أن أطيح به في انقلاب عسكري.، كما دفن أيضا في المقبرة التي أمرت هي ببنائها شقيقاها مرتضى وشاه نواز اللذان توفيا في ظروف غامضة. وكانت الولايات المتحدة التي تعتمد على باكستان حليفا في محاربة القاعدة وطالبان في أفغانستان المجاورة قد ناصرت بوتو التي تلقت تعليمها في جامعتي اوكسفورد وهارفارد ورأت أنها أفضل أمل لعودة باكستان إلى الديمقراطية. وقال الرئيس الأمريكي جورج بوش في بيان «تدين الولايات المتحدة بقوة هذا العمل الجبان الذي ارتكبه متطرفون قتلة يحاولون تقويض الديمقراطية في باكستان.» وأجرى بوش اتصالا هاتفيا بالرئيس الباكستاني وحث الباكستانيين على تكريم ذكراها بمواصلة العملية الديمقراطية. وقال رئيس الوزراء المؤقت محمد ميان سومرو للصحفيين «موعد الانتخابات كما أعلن.» لكن محللين يقولون إن اغتيال بوتو الذي جاء في أعقاب سلسلة من الهجمات الانتحارية وتنامي أنشطة المتشددين الإسلاميين قد يجعل ذلك مستحيلا. وقال نواز شريف رئيس الوزراء الباكستاني السابق والمنافس السياسي القديم لبوتو ان حزبه سيقاطع الانتخابات. وأنحى باللائمة في زعزعة استقرار البلاد على مشرف. وفرض مشرف حالة الطوارئ في نوفمبر فيما اعتبره البعض محاولة لمنع القضاة من الاعتراض على إعادة انتخابه رئيسا للبلاد. ورفع حالة الطوارئ هذا الشهر. وأصبحت بوتو أول امرأة تتولى رئاسة الوزراء في باكستان عندما انتخبت عام 1988 بينما كان عمرها 35 عاما. لكنها نحيت عام 1990 غير أنه أعيد انتخابها عام 1993 قبل الإطاحة بها مرة أخرى في عام 1996 وسط اتهامات بالفساد وسوء الإدارة. وقالت بوتو ان الاتهامات ذات دوافع سياسية. وكانت بوتو قد تحدثت عن مؤامرة يدبرها تنظيم القاعدة لقتلها. لكن لها أيضا أعداء آخرين بينهم شخصيات في أجهزة المخابرات القوية وبعض حلفاء مشرف. وقالت الشرطة أمس الجمعة إنها استطاعت إعادة تجميع رأس بشري على أمل التعرف على هوية الرجل الذي قتلها.