منذ نشأتي في سن صغيرة كانت تدور في رأسي تساؤلات ككل طفل يحاول فك شفرة هذه الحياة ، واكتشافها ومحاولة فهم نفسه والآخرين من حوله خاصة الذين يعيش بينهم وينتمي إليهم ، ومن بين هذه التساؤلات التي دلفت إلى عقلي كانت مسألة الحياة والوجود والموت والدين فعرفت أن ديني هو الإسلام وشريعتي هي الشريعة الإسلامية المستقاة من القرآن الكريم الذي أنزله الله على رسوله محمد ابن عبدا لله الصادق الأمين، ليفسر للناس معنى هذا الوجود وهذه الحياة وينظمها في اطار قيمي وأخلاقي وسلوكي وعقلي لصالح الإنسان وليعرف هذا الإنسان معنى وجوده وما يجب عليه تجاه خالقه وتجاه نفسه وتجاه الآخرين ، هذا ما تعلمناه طبقا لفطرتنا التي جبلنا عليها من المهد إلى اللحد بعيدا عن تعاليم أي من هذه المذاهب والطوائف.ولما كانت الأديان السماوية الأخرى التي سبقت الإسلام قد طالتها يد التحريف من قبل رهبانها وكهنتها الذين ادعوا لأنفسهم حق إعادة صياغة هذه الأديان وإعمال التحريف فيها عن طريق تغيير وتلبيس أغلب الآيات والتعاليم و تشويه مضمون ما تحتويه لصالح أفكارهم وأغراضهم الدنيوية.والثابت أن بعض الأديان كانت في بادئ الأمر نقية و صحيحة من التحريف والتدليس والتلبيس ولا يختلف عليها اثنان ولكن حين ظهرت المصالح السياسية والسلطوية أعمل التحريف فيها بما يخدم هذه المصالح والأغراض ، لهذا جاء الدين الإسلامي ناسخا لكل هذه الأديان ومكملا ً لها ، إلا أن الإسلام ظل ثابتا من أن تصل إليه يد التحريف والتقسيم لانه آخر الأديان وقد وعد الله بحفظه وبحفظ القرآن الكريم ، إلا أن هناك جوانب منه لم تلبث أن تعرضت لبعض اللبس لاختلاف آراء الفقهاء وفتاواهم المنطلقة من اختلاف المصالح والأغراض . والثابت من خلال تتبع مسرح الأحداث على الساحة العربية القديمة والجديدة ذلك المشهد المأساوي الذي يكرر نفسه من خلال عودة هذه الصراعات وحروب الطوائف والفرق المتناحرة الى الساحة السياسية والثقافية والاجتماعية ، وأخطر ما في هذه الظاهرة الخطيرة انها تحاول جرنا الى صراعات تاريخية قديمة ابتلى فيها أجدادنا الأسلاف ،كلنا نحلم بوجود دولة الإسلام التي أسس قواعدها نبينا الكريم .. دولة السلم والأمان تحت تعاليم ديننا الحنيف السمح الذي يدعو إلى احترام كرامة وحقوق الإنسان والحفاظ عليه وعلى كل الكائنات الحية على وجه الأرض وإعمال العقل في مجال تطوير وبناء نفسه وبيئته و التمييز بين ما ينفعه وما يضره وفق مقتضيات بيئته وزمانه . فمن نعم الله على أمة الإسلام أن الإسلام دين مرن ويصلح لكل زمان وذلك لن يكون الا من خلال إعادة قراءة النصوص وتفسيرها في ضوء المتغيرات والمستجدات لأن القراءات والتفسيرات القديمة للنصوص محكومة بشروط وأحكام زمانها وطريقة تفكير أصحابها . لا يجوزأن نغلق أنفسنا في الماضي ونبحث فيه عن حلول للحاضر.. صحيح أن الماضي هو أساس الحاضر لكنه ليس الحاضر نفسه فهناك عامل التغيير الذي يلعب دورا في تغيير حياتنا وعاداتنا وتقاليدنا فإذا بقينا على نفس الطريقة التي كان يسير عليها الأسلاف الذين عاشوا في الماضي سنواجه مشاكل جمة في السلوكيات والأخلاق والعمل وفي معظم شؤون حياتنا الجديدة لأن حياتهم تختلف عن حياتنا كل الاختلاف . نحن الآن نعيش حياة سريعة متجددة كل يوم بل كل دقيقة خاصة بعد الثورة الصناعية التي غيرت كثيرا من مجرى الأحداث والوقائع .لقد تأثرت كثيرا ً بهذا الصراع الدائر بين بعض الحركات السياسية الطائفية التي تسعى أما لإعادة نظام الخلافة او نظام الإمامة ، وكلاهما لا يصلحان في عصرنا الذي يقوم على الديمقراطية وحق الشعوب في انتخاب حكامها عبر صناديق الاقتراع .
أخبار متعلقة