من الحكايات الشعبية اليمنية :
محمد زكرياعلى ضفاف شاطئ صيرة في عدن ، وقعت حكاية شعبية إنسانية عاطفية أشبه بقصة مجنون ليلى ، وجميل بثينة وغيرهما من روائع وملاحم القصص العاطفية التي ذاع صيتها في العصر الجاهلي والتي مازالت تجد حتى هذه اللحظة صدى واسع في عصرنا الحالي . مازالت تلك الحكاية ذكراها منحوتة في قلوب ونفوس وعقول العديد من الطاعنين في السن من صيادي عدن الذين تناقلوها على ألسنة الأجيال السابقة في الماضي البعيد أو قل إذا شئت توارثها الأبناء عن الأجداد ، أنها حكاية شعبية من الحكايات الشعبية اليمنية التي ملئت صفحاتها بالحب النقي ، والوفاء الذي ليس له مثيل ، ونسجت خيوط الحكاية من الحقيقة والخيال . وقعت أحداثها في الحرب العالمية الأولى سنة 1915م ، وكانت بدايتها في مدينة الحوطة بالحج وانتهت على شاطئ صيرة . [c1]أبطال الحكاية[/c]وأبطال الحكاية شخصيتان . الأولى تتمثل بشخصية مشهورة ومعروفة في تاريخ اليمن ، كانت ملء السمع والبصر ، والفؤاد ، أنه قائد الحملة العُثمانية علي لحج على سعيد باشا والتي وصفته المصادر التاريخية بأنه كان ً نزيهاً ، عادلاً وبالإضافة إلى ذلك ، كان قائدًا محنكًا ، وذا رباطة جأش ، وصعب المراس ، ولقد وصفه خصومه القادة الإنجليز بأنه قائدًا عسكريًا فذاً خاض معركته بكل شرف وشجاعة واستحق عليها كل التقدير والثناء والاحترام الكبير . ولقد مكث القائد العسكري العثماني علي سعيد باشا في لحج قرابة ثلاث سنوات ( 1915 ــ 1918م ) . “ وبفضل نزاهته وشجاعته لم يجرؤ أحد من قادته أو جنوده على التعرض لحرمات أهالي لحج ، وأموالهم ، وفي أيامه هاجر كثير من أبناء بلاد الصومال إلى لحج والتحق كثير منهم بخدمة الجيش التركي فيها . . . ولم تتوقف القوافل التجارية بين عدن والبر الداخلي إلاّ أثناء المعارك فقط ( بين العثمانيين والإنجليز ) “ .[c1]زهرة في ربيع العمر[/c] وحتى لا ننزلق إلى الخوض في شخصية القائد العثماني علي سعيد باشا الذي مدحه الأصدقاء والأعداء على حدٍ سواء . علينا أنّ نتحدث عن شخصية أخرى ضربت مثالاً رائعاً للعاطفة الإنسانية الذي يسمو بالإنسان إلى أعلى درجات الشفافية ، والوفاء النادر الذي يضرب به المثل وهي فتاة في ربيع العمر لم تبلغ من العمر السادسة عشرة ،تروي الروايات أنها كانت باهرة الجمال ، ورائعة الحسن ، شعرها الناعم الأسود يغار منه الليل الحالك ، ووجها هو البدر بعينه يسحر القلوب ، ويخلب الألباب ، ويهز المشاعر، ويدغدغ الأحاسيس . كانت زهرة من أسرة لحجية ريفية بسيطة من الحوطة والدها فلاح مثله مثل الفلاحين الآخرين البسطاء يرضون بما قسمهم الله لهم من رزق ، كانوا أناساً قانعون ، وكانت أبنته زهرة تذهب إلى والدها لتحمل معه وجبه الغذاء في الحقل . وكان شباب لحج يترقبون حضورها في ذلك الوقت ، ليطلعون على جمالها الأخاذ. وكان والدها شديد الشغف بها وشديد الخوف عليها ، وتصفه المصادر الشفوية بأنه كان شهماً ، كريماً على الرغم من ضيق يده . وأماّ عن سيرة والدتها لم نعرف عنها شيئاً ، فقد صمتت المصادر الفلكلورية عن الحديث عنها أو حتى إعطائنا معلومات بسيطة حولها ولكن كل الذي ذكرته المصادر الشفهية أنها كانت فاتنة الحُسن ، ولقد ورثت زهرة من والدتها جمالها ووفائها ، ويقال أنّ والدتها ماتت جراء الطاعون الذي أنتشر في لحج قبل مجيء العثمانيين إليها بفترة قصيرة. [c1]الفارس المهيب الطلعة [/c]وتذكر الروايات الشفوية أنّ ( زهرة ) كانت ترى في المنام أنّ فارسًا مهيب الطلعة يمتطي صهوة حصان أبيض ، يقترب إليها وهي في وسط حديقة غناء ، ويلتقطها ويمضيا معًا ، يسابقان الريح. وكانت تشعر أنها تسبح بين السحب البيضاء في السماء . وفجأة تهوى من السماء إلى مكان سحيق ، وتدخل وحيدة في مغارة مظلمة وموحشة وتحيط بها الكواسر المتوحشة من كل مكان ، وتسمع أصوات الذئاب وهي تعوى ، تشعر زهرة بأنّ الموت يقترب منها شيئاً فشيئاً ، ويغرز خنجره في صدرها . [c1]لحج والأيام العصيبة[/c]وتمضي الأيام والشهور ، وحياة ( زهرة ) الجميلة هادئة ، مطمئنة في كنف والدها الذي يدللها ، ويخشى عليها من هبة النسيم . ولكن لحج تشهد أيام عصيبة ، فقد ترامت إلى مسامع أهلها الطيبين أنّ العسكر العثماني قادم إلى لحج لإخراج السلاطين العبادل من لحج المتحالفين مع الإنجليز في عدن ضد السلطان العثماني خليفة المسلمين . مما دفع الكثير والكثير جدًا من سكان لحج أنّ يغادروا إلى عددٍ من القرى كقرية الشظيف ، الحمراء ، و الثعلب ، و البعض التجأ إلى مدينة الوهط المدينة الدينية المليئة بأضرحة أولياء الله الصالحين ليعيشوا في كنفهم وغيرها من القرى البعيدة عن الحوطة عاصمة السلطنة اللحجية والمقر السياسي للسلاطين العبادل سلاطين لحج حينئذ . وفي أثناء تلك الأيام المضطربة ، والقلقة ، دخل والدها إلى بيته في حالة اضطراب شديد ، وظهرت على قسمات وجهه قلق كبير . كان قلقه ليس على حياته وإنما كان على ابنته الوحيدة ( زهرة ) التي كانت أغلى شيء له في الوجود . وطلب منها أنّ تعد العدة للرحيل من البيت والذهاب إلى أخواله في قرية الشظيف ، وأنه سيبقى في الحوطة لحراسة البيت وكذا العناية بالحقل . نظرت ( زهرة ) إليه ، والجمود أخذ منها كل مأخذ والدموع الرقيقة تلمع في عينيها الواسعتين النجلاوتيين السوداويتين . صمتت عن الكلام برهة ، وتطلعت على وجه أبيها ، وجالت نظرها إلى أركان البيت الذي كان يمثل لها قصرها البديع. فقد وضعت بصماتها الأنيقة بالرغم من تواضعه في كل ركن من أركانه. وتذكرت في تلك اللحظة والدتها ، وهي على فراش الموت في غرفتها ، شعرت ( زهرة ) أنّ الخروج من البيت هو بمثابة أنّ تنسل روحها من جسدها . تعجب والدها من الحزن الذي كسي ملامح وجهها الجميل ، وحبات الدموع المتدحرجة على خديها . شعر والدها ، أنّ أبنته متشبثة بالبيت ، وأنها تفضل البقاء فيه على الرحيل منه على الرغم من الأخطار التي تحيق بالحوطة بسبب الزحف المتوقع عليها . ولكي يبدد والدها سُحب الحزن التي غطت وجهها الجميل ، سارع بقوله : بأنه لا يرغمها على الرحيل ، وإنما كل ما أراده هو أّنّ تكون أبنته وقرة عينه في مأمن من المخاطر من جراء الحرب التي قد تشتعل في أية لحظة في الحوطة بين العسكر العثماني وجنود سلطان لحج علي بن أحمد محسن . [c1]الدنيا تضحك لها[/c]وارتسمت ابتسامة حلوة على محيا زهرة ، عندما سمعت من والدها ما سرها ، وأنه لم ولن يرغمها على الرحيل من مدينتها وبيتها طالما هي تريد ذلك . والحقيقة أنّ زهرة ، كانت ترى بيتها حياتها ودنيتها ، فحولت ذلك البيت البسيط المتواضع إلى جنة بسبب العناية والاهتمام الكبيرين به ولمساتها الرقيقة والجميلة على كل ركن من أركانه ـــ كما قلنا سابقاً . وفي الصيف عندما كان يسدل الليل ستائره ، وتتلألأ النجوم ، في قبة السماء ، ويصير القمر بدرًا ، كانت زهرة تصعد على السطح ، ووتتأمل النجوم وهي تخترق بضوئها الباهت جدران الليل الدامس ، ونسمة الهواء العليل تداعب شعرها الناعم الأسود الطويل المُرسل . كانت زهرة تشعر أنّ العالم بين يديها والدنيا تضحك لها . وأنّ الدنيا فتحت لها ذراعيها ، وأحست أنها ترفل في ثوب السعادة . ولذلك عندما طلب منها والدها الرحيل من البيت شعرت أنها تودع الحياة . ولكن سرعان ما عادت إليها الروح ، عندما خضع والدها لمشيئتها بعدم مغادرة بيتها ، والبقاء فيه . [c1]في قيادة العمليات العثمانية[/c]ونترك ( زهرة ) مؤقتاً لنطلع على مشهد آخر جدير بالإطلاع وتسليط الضوء عليه ,وهو غرفة قيادة العمليات العسكرية للقوات العثمانية في صنعاء ، ونرى قائد القوات العثمانية في اليمن علي سعيد باشا الجركسي ، وهو يقف بجانب خريطة كبيرة معلقة في غرفة الجدار ، يشرح خطته العسكرية في مهاجمة الإنجليز في عدن مباشرة و الأسباب العسكرية التي أجبرته على ذلك ، وكان من بين الحاضرين الوالي العثماني محمود نديم باشا , والقومندان أحمد توفيق. والحقيقة أنّ المشهد في غرفة القيادة العسكرية العثمانية ، كان مشهدًا يدل على الاضطراب الشديد ، والقلق الكبير الذي كان يسود القادة العثمانيين . فقد كان الوضع العسكري العثماني في الجزيرة العربية وضعًا صعبًا بسبب اندلاع الثورة العربية بقيادة الشريف حسين ضد العثمانيين في ديسمبر سنة 1915م ، بتأييد من إنجلترا ، التي حاصرت السواحل اليمنية بعد أعلنت الدولة العثمانية الحرب ضدها وانضمامها إلى جانب ألمانيا القيصرية . ومن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي وجدت نفسها القوات العثمانية في اليمن هو قلة تموين الموارد الغذائية لقواتها المرابطة فيها . “ فالعثمانيون إذن من الناحية النفسية والاقتصادية ، لا بد لهم أنّ يبحثوا عن مخرج وعن متسع يتنفسون فيه الصعداء ، لأنهم توقعوا حدوث ضائقة تطيح بهم إذا استمرت الحرب طويلاً ، وخاصة أنّ أعداءهم يحيطون بهم من كل جانب . لذلك قرروا مهاجمة المحميات بل وعدن نفسها ، وكانوا يرمون من راء ذلك حلاً لضائقتهم الاقتصادية المتوقعة . ويؤكد هذا ما قاموا به من استيلاء على المحاصيل والأغنام . . . “ . [c1]طرد الإنجليز من عدن[/c]والحقيقة أنّ القيادة العثمانية العُليا في الآستانة ، كانت تعيش في أوهام رسمتها طموحاتها الواسعة البعيدة عن حقائق الأرض التي كانت تدور فيها المعارك الضارية ، فقد كانت تعيش في برج عالي ـــ كما عبر أحد الضباط العثمانيين ـــ . فقد وضعت خطة مفادها أنّ تقوم القوات العثمانية المرابطة في اليمن بهجوم واسع على الإنجليز في عدن وطردهم منها , وأيضًا احتلال جزيرة بريم “ وهما مفتاح البحر الأحمر الجنوبي ، وبذلك يعطلون مواصلات بريطانيا . وكانت مهاجمة عدن جزءًا من خطة مهاجمة الإنجليز في مصر والاستيلاء على قناة السويس حتى يحرموا بريطانيا من أهم طريق حيوي في مواصلاتها الإمبراطورية “ . ولكن تلك الخطة التي وضعتها الدولة العثمانية تحطمت على صخرة قوة إنجلترا التي كانت سيادة البحار في العالم حينئذ ، ففشلت خطتها فشلاً ذريعًا ، وذهبت أوهام الدولة العثمانية أدراج الرياح ، وفي الأخير أعلنت السلطنة العثمانية استسلامها للحفاء ( إنجلترا ، فرنسا ، وإيطاليا ) بعد خروجها من الحرب منهزمة سنة 1918م . وتوزعت أملاكها في الوطن العربي بين إنجلترا ، وفرنسا في اتفاقية ( سيكس بيكو ) السرية التي وقعتها كل من الدولتين قبيل انتهاء الحرب العالمية الأولى. [c1]لحج بوابة عدن[/c]وقبل أنّ تزحف القوات العثمانية على عدن ، بعث قائد القوات العثمانية في اليمن ، وقائد الحملة العثمانية علي سعيد باشا على عدن برسالة مفادها “ . . . يستأذنه بالمرور عبر بلاده ، ويعده بالمحافظة عليه وعلى ملكه ، فأبى السلطان ـــ علي بن أحمد محسن ـــ لأنه كان حليفاً لبريطانيا وخاضعًا لحمايتها “ . وكان من نتائج رفض السلطان ( علي ) أنّ قرر القائد العثماني بالزحف على لحج والاستيلاء عليها , وجعلها قاعدة انطلاق لطرد الإنجليز من عدن . والحقيقة لقد أدرك القائد العثماني أهمية لحج بالنسبة لمستعمرة عدن ، فقد كانت لحج بوابة عدن . والحقيقة أنّ سلطان لحج ( علي ) كان رفضه لعلي سعيد باشا مبنيًا على الدعم القوي الذي من المقرر أنّ تقدمه السلطات الإنجليزية في مستعمرة عدن في حالة الهجوم العثماني على بلاده “ وكانت بريطانيا وراء موقف لحج ، فهي بدون شك ترى لحج خط دفاع أول لعدن ، وأنّ على لحج أنّ تعرقل تقدم الترك “ .[c1]العثمانيون قادمون[/c]وأرسل أمير الضالع نصر إلى السلطان ( علي ) يصف قوات علي سعيد باشا الجركسي ، بأنها تمتلك المدافع الثقيلة ، والبنادق الفتاكة ، وأنّ عدد عساكره تبلغ ألف جندي إلى جانب متطوعين من اليمنيين وغالبيتهم من منطقة تعز ويبلغ عددهم أربعة آلاف . ويخبره أيضاً أنّ العثمانيين وصلت قواتهم إلى الضالع وأنهم في طريقهم إلى قعطبة ، ماوية ، الدريحة ، والراهدة . وعلى الرغم من التحذيرات التي وجهها الأمير نصر إلى سلطان لحج إلى أنّ الأخير لم يكترث مما قاله أمير الضالع ، وكان سبب عدم اكتراثه هو أنه كان متأكدًا أنّ السلطات البريطانية في عدن لن تتخلى عنه في حالة هجوم العثمانيين على سلطنته لحج ، وستقف بجانبه ـــ كما قلنا سابقاً ـــ . وعلى أية حال ، حشد سلطان لحج قرابة 2000محارب لمواجهة القوات العثمانية والعمل على عرقلتها وتأخيرها من دخول الحوطة عاصمة سلطنة العبادل حتى تصل القوات الإنجليزية لصد الهجوم العثماني ، وإخراجهم من لحج . [c1]واشتعلت لحج نارًا[/c]وفي الخامس من يوليه سنة 1915م ، ظهرت القوات العثمانية في الدكيم على مشارف لحج . وساد الذعر والخوف الكبيرين في نفوس الناس وصار الناس سكارى وما هم بسكارى ، وصارت لحج أرض حرب . وترامت إلى مسامع الناس دوي أصوات انفجارات القنابل التي كانت تنطلق من مدافع العثمانيين الثقيلة بصورة مستمرة ودون انقطاع ، واهتزت الأرض اهتزازا ّعنيفًا ، ودمرت الكثير من البيوت وباتت إطلالاّ ، وإزاء ذلك القصف الشديد وقع عدد من الناس بين جريح وقتيل ، واشتعلت لحج نارًا . وفي تلك الأوقات العصيبة ، كانت زهرة ووالدها في منزلهما الذي كان يهتز من جراء انفجار القنابل التي كانت تحفر الأرض حفرًا عميقاً وواسعًا بسبب ضخامتها ، وقوتها . وعلى الرغم من القصف الشديد من قبل المدفعية العثمانية على الحوطة ، والاستعدادات الضخمة للقائد علي سعيد باشا في العدد والعدة إلاّ أنّ قوات سلطان لحج صمدت فترة ليست قصيرة . ولكن الميزان العسكري مال بعد فترة إلى جانب القوات العثمانية . وفي منتصف الليل دخل العثمانيين مدينة الحوطة ، ووقع الكثير من جنود سلطان لحج في الأسرى ، والآخرون فروا إلى مناطقهم ، ولقد تعامل القائد العثماني على سعيد باشا الجركسي بكل شهامة ، ومروءة مع هؤلاء الجند ، فلم يتعرضوا للأذى ، وأمّا المصابين منهم فقد تم علاجهم . ولقد أصدر علي سعيد باشا أمراً حازمًا أإلى قواته بعدم التعرض للأهالي ، وعدم النهب والسلب لممتلكاتهم . على أية حال ، تعرض السلطان علي أحمد سلطان لحج إلى إصابة قاتلة من جراء إطلاق النار من قِبل الفرقة الهندية التابعة لمستعمرة عدن التي ظنت أنّ قافلة السلطان ( علي ) من العدو . ولم تمض أيام قليلة حتى توفى في مدينة عدن متأثرًا بجراحه . [c1]العثمانيون في الشيخ عثمان[/c]والحقيقة أنّ القائد علي سعيد باشا ، بعد أنّ نظم قواته ، في مدينة الحوطة ، وأعاد الأمن والطمأنينة فيها . وثبت أقدامه في لحج ، وجد أنّ الضرورة العسكرية تحتم عليه أنّ يبادر بالهجوم على القوات الإنجليزية في الحال ، التي كانت تحت صدمة هزيمتها في لحج . وعلى أية حال تحركت قوات علي سعيد باشا تجاه مدينة الشيخ عثمان . وتحت ضغط الهجوم العثماني المباغت على القوات الإنجليزية ـــ والتي كانت غالبيتهم من الفرقة الهندية القادمة من الهند لتعزيز الحامية الإنجليزية في مستعمرة عدن ــــ ولا غير المتوقع ، انسحبت الأخيرة من المدينة . والحقيقة أنّ المصادر الإنجليزية لم تذكر بصورة مستفيضة عن وقائع المعارك التي دارت على أرض مدينة الشيخ عثمان . والمحتمل أنّ القيادة الإنجليزية في عدن حاولت أنّ تخرج العثمانيين من الشيخ عثمان ولكنها فوجئت بقوة عثمانية كبيرة مما دفعها إلى الاستنجاد بفرنسا في جيبوتي التي أمدتها بحوالي 800 جندي من مدغشقر “ كما أرسل الجنرال مكسويل ـــ القائد العام في القاهرة ـــ فرقة هندية للمساعدة أيضاً ، وكيفما كان الأمر ، فقد استرجعت السلطات الإنجليزية في عدن الشيخ عثمان بفضل المساندة والمساعدة الكبيرين من قِبل فرنسا والقيادة العليا الإنجليزية في القاهرة . [c1]وتبدأ الحكاية[/c]وبعد انسحاب القوات العثمانية من مدينة الشيخ عثمان ، فقد وجد القائد علي سعيد باشا ضرورة تثبيت أقدام قواته في لحج . والعمل على نشر الأمن والطمأنينة في ربوع البلاد . وترقب الموقف العسكري في جبهة عدن . والحقيقة لقد أدرك القائد العثماني على سعيد باشا أنه من الصعوبة بمكان أخراج أو حتى زحزحة الإنجليز من عدن بسبب تحصيناتها القوية والتي من المستحيل اختراقها . وعندما تجمد القتال على الجبهتين العثمانية والإنجليزية “ فبدأت الحالة تعود إلى مجراها الطبيعي ، وبدأ الناس يعودون إلى الزراعة والتجارة ، واستئناف الحياة العادية ، لأن الأهالي والعساكر شرعوا يزرعون ويشتغلون فازدهرت بالاخضرار والثمار . . . بل الأكثر من ذلك أنّ القائد التركي سمح لقوافل بالمرور حرة إلى عدن . . . “ . والحقيقة أنّ أهالي لحج أحبوا القائد علي سعيد باشا بسبب نزاهته ، وعدله ، وشهامته ، ومروءته . وفي فترة مكوثه في لحج مدة ثلاث سنوات تقريبًا . وكان القائد العثماني بدوره يقدر ويحترم أهالي لحج ، ويقدر مكانة علماءها ، وفقهاءها ، ووجهاءها ، وكان لا ينقطع عن زيارتهم ، ولا هم ينقطعون عن زيارته . ولقد عرض وجهاء لحج على القائد علي سعيد باشا ، أنّ يتزوج ، ولقد وجد ذلك الاقتراح قبولاً لديه . والجدير بالذكر أنّ عدداً غير قليل من الجنود والضباط العثمانيين بعد إعلان الهدنة سنة 1918م ، فضلوا البقاء في لحج ، وأكثروا فيها الزواج ، وصاروا جزء لا يتجزأ من نسيج مجتمع لحج وعاشوا تحت سمائها ، ودفنوا في ثراها . [c1]وكان الزواج[/c]والحقيقة كان علي سعيد باشا ، صريحًا مع الذين طرحوا عليه فكرة الزواج ، وقال لهم : “ أنه لن يأخذ معه زوجته إلى الآستانة بتركيا “ عند انتهاء الحرب ، على أية حال ، عرض بعض الوجهاء على والد ( زهرة ) أنّ تكون أبنته زوجًا للقائد العثماني . وأنّ قبوله لهذا الزواج من ذلك الشخص لشرف كبير له ولأبنته . ولقد رفض الأب مطلبهم هذا رفضاً قاطعًا لأنه كان يريد لأبنته العزيزة حياة هادئة ، ساكنة لا يشوبها القلق ، كان يفضل لها أنّ تتزوج من أبناء لحج . وعندما ترامت إلى مسامع ( زهرة ) ، أنّ والدها رفض طلبهم ، فقد سارعت إليه أنّ يوافق على تزويجها منه . وقال والدها لها : أنه لن يصطحبك معه إلى بلاده بعد انتهاء الحرب ، ولكن زهرة ضغطت على والدها أنّ يوافق على هذا الزواج ، لما لها من دلالة عليه ، فوافق والدها مرغمًا . فقد ، كان القائد التركي يمثل لـ ( زهرة ) فارس أحلامها التي كانت تراه وهو يمتطي صهوة الخيل الأبيض ويلتقطها ، ويطيران في سماء الحب الصافي .[c1]واستيقظت من أحلامها الوردية[/c]وتزوجت زهرة ذلك الفارس المهيب الطلعة التي كانت تحلم به في منامها ، وابتسمت الدنيا لها. وعلى الرغم ، من فارق السن بينها وبين القائد العثماني إلاّ أنها شعرت في كنفه ، وتحت ظله بالسعادة الغامرة ، وأحبته حبًا عميقاً ، ملك كل ذرة من كيانها . ويقال أنّ علي سعيد باشا بادلها الحب بالحب ، وغمرها بحنانه وعطفه الكبير . ودارت عجلة والشهور ، والسنين سريعًا في حياة ( زهرة ) كأنها أيام معدودة ، ولاح في الأفق أخيرًا نهاية الحرب العالمية الأولى ، وبعدها بوقت قصير أعلنت الدولة العثمانية استسلامها للحلفاء بعد هزيمتها من الحلفاء . والحقيقة لقد ، كانت ( زهرة ) تحسب لهذا اليوم ألف حساب ، وعندما كانت تفكر بأنّ فارسها سيرحل عنها إلى بلاده ينتابها حزن عميق يكاد يمزق كيانها ، وترى الدنيا من حولها سوداء. وأنّ السماء أطبقت على الأرض . فقد استيقظت ( زهرة ) من أحلامها الوردية على كابوس فظيع ، جعل حياتها قطعة من العذاب .[c1]في الشيخ عثمان[/c] وعندما سمعت أنّ الجنود العثمانيين ، وقائدهم سيرحلون من لحج ثم سيتجهون إلى عدن وبعدها يغادرونها على سفن تقلهم إلى تركيا ، حاولت زهرة عدة مرات أنّ تقنع زوجها القائد العثماني أنّ يصطحبها معه إلى بلاده . وكان يرفض مطلبها بشدة. وتحت توسلاتها ، وبكاءها اصطحبها علي سعيد باشا معه إلى الشيخ عثمان ،. وكانت ( زهرة ) طوال الوقت تعيش في المنزل وحيدة بسبب غياب القائد العثماني الذي كان يشرف على ترتيبات انسحاب قواته من اليمن بصورة عامة ، وكان دائماً يلتقي بالقادة العسكريين الإنجليز لوضع اللمسات الأخيرة من الانسحاب . و كانت الأحداث ساخنة وملتهبة ، وعجلة الحياة تلتهم الهدوء ، والصمت ، والناس في شغل شاغل ، والصخب ، والضجيج يطغيان على كل شيء . كل ذلك يحدث ، وزهرة في تعيش في حزن دائم ، وتنساب على خدودها الدموع الحارة . لقد رأت في شريك حياتها علي سعيد باشا الحب ، والمودة ، والسكينة ، والأمان وأنها ترفل في النعيم ، ولكن تلك الأحلام الوردية سرعان ما تبخرت ، وذهبت أدراج الرياح . [c1]وكان الرحيل[/c]وأخذت زهرة تمني النفس ، أنّ فراقها من زوجها علي سعيد باشا ، ما هو إلاّ أوهام ، وأنه لابد أن يصطحبها معه إلى بلاده . ولكن الحقيقة المُرة أطلت برأسها . فقد أخبرها القائد التركي أنّ الرحيل سيكون في فجر اليوم التالي . وأحست أنّ صاعقة من السماء صعقتها ، وأنّ روحها تنسحب من جسدها . وأنّ كيانها يتصدع ، وقلبها يتمزق ، وصارت تمثالاً جامدًا لا روح فيه ، وحانت ساعة الرحيل ، ودعها القائد العثماني علي سعيد باشا وداعًا باردًا خاليًا من العاطفة بسبب كونه قائدًا عسكريًا تعلم على الخشونة ، وعدم إظهار عواطفه في أشد الأوقات حرجًا . نظرت ( زهرة ) نظرة إلى عينيه كأنها تقول له : أنّ ينشلها من الموت من الفراق وتلح عليه أنّ تكون بجانبه في السفينة التي سيقلها إلى بلاده تركيا ، كست وجهها الدموع ، وعجزت عن الكلام ، تسمرت عينيها في وجهه ، كأنها تريد أنّ تطبع صورته في قلبها ، وعقلها ، وروحها . وأنّ تكون صورته آخر ذكرى جميلة تحتفظ بها قبل رحيله . وقفت زهرة في وسط البيت ، وترى حبيب العمر وهو يغيب عن نظرها شيئاً فشيئاً . حتى غيبه باب البيت . أسرعت إلى النافذة ، رأت حبيب العمر ، وهو يلتفت التفاتة خاطفة نحو نافذة البيت وهو يهم بالرحيل . ومن عدن سافر إلى جزيرة مالطة ثم إلى الأناضول . [c1] في مهب الريح[/c]والحقيقة أنّ الكثير من أهالي لحج ، كانوا يرثون لحالها ، وكان ولدها دائمًا ، وأبدًا بجانبها يعمل على التخفيف من مصابها . وتمضي الأيام ، والشهور ، والسنيين بطيئة و كئيبة على زهرة . كانت صورة فارسها لا تفارق خيالها لحظة واحدة . وكان من المحال دوام الحال ، فقد خطف الموت فجأة والدها الصدر الحنون الذي كان يخفف عنها آلامها وعذاباتها ، ويمسح دموعها. ودارت عجلة الحياة وانغمس الناس بحياتهم ، ومشاكلهم ، وهمومهم ، وطويت حكايتها ، ولم تعد شيئاً مذكوراً ، ولم يعد أحد يعتني بـ ( زهرة ) التي لم يكن لها موردًا يعيلها على شئون الحياة ، بعد والدها . كانت فقيرة لا تملك من حطام الدنيا شيء مما زاد من مأساتها ، فصارت زهرة وحيدة في الحياة ، بعد أنّ فقدت والدها القلب الحنون والوحيد الذي كان يسهر على رعايتها ويعتني بها ، ويحاول قدر استطاعته أنّ يخرجها من محنتها الصعبة لفراق زوجها القائد العثماني . وصارت ( زهرة ) في مهب الريح .[c1]عدن في قلب النار[/c]واشتعلت الحرب العالمية الثانية ، وتعرضت عدن إلى أهوال القصف الجوي الإيطالي لفترة من الزمن وتعرضت عددًا من الأحياء في المدينة للغارات الجوية الإيطالية . منها حي التواهي ، فقد “ استهدفت الغارات الجوية الإيطالية جميع المراكز العسكرية الحيوية ، وأهم المنشآت الاقتصادية في معظم أحياء (( مستعمرة عدن )) ، وكان حي التواهي أكثر الأحياء تعرضًا لأخطر الغارات الجوية الإيطالية “ ولم تسلم المعلا والخساف ، والشيخ عثمان من الغارات الجوية الإيطالية أيضًا . وقد سببت تلك الغارات الإيطالية فزعًا وخوفًا بين سكان عدن ، ونزح الكثير من أهلها إلى لحج ، وتعز . [c1]في انتظار الفارس المغوار[/c]كل تلك الاضطرابات والأهوال ، والأخطار ، لم تحرك زهرة ساكنًا للأحداث الخطيرة التي حدثت في عدن . فقد كانت في وادٍ ، والناس في وادٍ آخر ، وظنت ( زهرة ) أنّ حبيبها الفارس التركي المغوار سيأتي إلى لحج مرة أخرى على صحوة حصان أبيض ، ويهزم الأعداء الذين يريدون بالحج وعدن شرًا لكونه قائداً شجاعًا يتواجد دائماً في ميادين القتال . ، فانتعش الأمل في نفسها ، واعتقدت أنّ الأحزان الكثيفة ، قد تبددت عن سماء حياتها إلى الأبد ، وانتظرت فارسها ، وحبيبها سعد ، ولكنه لم يأتِ ، ولم يقرع باب بيتها الذي بات شبحًا بسبب الحزن الذي التهمها ، فأنساها الاهتمام به . وأخذ الشيب يسري في جسمها بعد أنّ كان بضاً ، فبات هيكلاً عظميًا ، واختفى جمال وجهها وراء التجاعيد الغائرة ، وتغير لون عينيها ، فصارت بيضاء من كثرة البكاء على فارسها علي سعيد باشا من ناحية ، وفقدان والدها ، وأحبابها من ناحية أخرى بعد أنّ حصدهم الموت الواحد بعد الآخر ، وبكت لحالها ، وما صار إليه من بؤس ، وفقر .[c1]على شاطئ صيرة[/c]غادرت زهرة منزلها الذي كان دنياها ، وحياتها ، وأحست زهرة وهي ترحل منه أنّ روحها تخرج من جسدها ، غادرت أجمل الذكريات التي قضت فيه طفولتها ، ومرتع شبابها . فقد انزوت زهرة وحيدة ولم يسأل عنها أحد ، صارت نسياً منسياً ، مما اضطرت أنّ تغادر البيت وترحل من لحج عسى أنّ تجد في عدن من يرعها أو يسأل عنها ، ولكن الأبواب قد أغلقت في وجهها ، فالناس مشغولين في أنفسهم حتى أخوالها الذين يعيشون في قرية الشظيف وجدت منهم الصدود لكونهم أناس فقراء ، فكان من الصعب أنّ يعيلوها . وعلى أية حال ، رحلت ( زهرة ) من الحوطة ، واتجهت إلى مكان الصيادين عسى أنّ تجد بينهم الشفقة والرحمة ، فاعتنوا بها ، وصارت واحدة منهم ، وعاشت بجانب شاطئ بحر صيرة في كوخٍ حقير ، وفي أيام الصيف كانت تتذكر أيامها الهانئة الجميلة في بيتها بالحوطة ،و عندما كان الليل ينشر رداءه الأسود على العباد والبلاد ، وتصير قبة السماء مطرزة بالنجوم ، والقمر يغزل بخيوطه الفضية الحقول الخضراء ، ونسيم الصيف يداعب خديها . وكانت ( زهرة ) تخرج من كوخها ، وتستند على خديها ، وقد تسمرت عينيها على البحر. وكانت تتخيل أنها ترى من بعيد حبيبها على سعيد باشا ، وهو يأتي من بعيد على متن سفينة ، وقد نزل إلى الشاطئ وأتجه إليها ، وقد فتح ذراعيه لها ، وابتسامة عريضة تغطي وجه . ولكن سرعان ما تستيقظ من أحلامها الوردية ، وتنظر يمنة ويسرى ، فلا ترى سوى جبل صيرة العتيق يطل عليها وعلى البحر ، وصفير الريح تصم الآذان ، وهدير أمواج البحر العاتية تحدث في النفس الخوف والكآبة والوحشة . [c1]وكان اللقاء[/c]وظلت زهرة تحلم بفارس أحلامها التي التقت به في لحج وصار لها زوجًا ، وعاشت هي وهو تحت سقف واحد ، وغاصت في النعيم والسعادة العميقين ، فقد وجدت به الزوج العطوف ، والأخ الكريم، والرجل الشهم الذي بادلها الحب بالحب . قلنا : أنّ زهرة كانت ومازالت تحلم بفارس أحلامها لعلها تلتقي به من جديد ، فتبتسم لها الحياة مرة أخرى . ظلت صورة فارسها علي سعيد باشا لا تفارقها لحظة واحدة ، دائمًا وأبدًا معها في سواد الليل ، وبياض النهار . تعاقبت الأيام ، والشهور ، والسنيين ، وزهرة مازالت على عهدها القديم ، منتظرة فارسها الذي يمتطي صهوة الخيل الأبيض ليلتقطها معه ، ويطيران في سماء المدينة الفاضلة المبنية على الحب النقي ، والوفاء النادر ، والمروءة ، تقوقعت ( زهرة ) على نفسها ، وكتمت حزنها ولوعها في صدرها على فراق حبيبها الفارس المنتظر . ولكن يد الزمن غيرت ملامح شكلها . فقد أنحنى ظهرها ، وغزا الشيب مفرقها ، وأصابها العمى ، والصمم ، حقيقة تغيرت ملامح جسدها ، ولكن روحها لم تتبدل أبدًا ظلت في سن السادسة عشرة عندما التقت بفارسا أحلامها القائد العثماني التي لم تعرف الحب إلاّ معه . كانت زهرة تخرج من أول خيوط الفجر ، وتجلس على صخرة كبيرة بجانب البحر ، وتمد عينيها ، وتصيخ السمع إلى البحر لعلها ترى فارسها على سعيد باشا . ويقال أنّ الناس رأوا ( زهرة ) في يوم من الأيام وهي تبكي بشدة ، وكانت تصرخ ، وتقول لقد غاب الفارس الغيبة الأبدية . فقد رأت في منامها أنّ حبيبيها على سعيد باشا . راقد على فراش الموت ، وأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة ، والقادة العسكريين والجند من حوله . وفي هذا اليوم أدركت أنّ فارسها ، قد فارق الحياة . وعلى أية حال ، ظلت ( زهرة ) تبكيه بكاءً حاراً ، وفي يوم من الأيام ، وجد بعض الصيادين ( زهرة ) جسد هامدة ممدة على الشاطئ ، ولكن كانت ابتسامة رقيقة ترفرف على وجهها ، كأنها التقت بفارس أحلامها الذي طال انتظاره ، وقد ركبا صحوة الخيل الأبيض ، وهما يسابقان الريح ، والشباب والحيوية ، والنضرة تملأنهما والسعادة تغمرهما . وأخيرًا التقت زهرة بفارس أحلامها القائد التركي علي سعيد باشا. وعلى أية حال ، مازالت ألسنة الرواة ينقلون تلك الحكاية الشعبية من جيل إلى جيل.[c1]الهوامش : [/c]حسن صالح شهاب ؛ العباد سلاطين لحج وعدن ، مركز الشرعبي للطباعة والنشر والتوزيع ــ صنعاء - .د . سيد مصطفى سالم ؛ تكوين اليمن الحديث ، الطبعة الثالثة 1984م ، مكتبة مدبولي ، 6ميدان طلعت حرب ــ القاهرة -. شفيقة عبد الله العراسي ؛ السياسة البريطانية في مستعمرة عدن ومحمياتها 1937 ـــ 1945.الطبعة الأولى 2004م ، إصدارات جامعة عدن .