د. هديل رزق القزاز تعتبر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من الحقوق التي يغلب عليها الطابع الجماعي والتي يمكن رصد انتهاكاتها على مستوى المجتمع والفرد على حد سواء، في الواقع الفلسطيني كانت هذه الحقوق مغيبة في ظل الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يحترم التزاماته كقوة محتلة حسب اتفاقيات جنيف الرابعة، وعاث فساداً في شتى مجالات الحياة؛ إلا أن مؤسسات حقوق الإنسان المختلفة ركزت في رصدها لهذه الانتهاكات على الحقوق السياسية والمدنية، بحكم الاحتكاك اليومي والمستمر مع الاحتلال، وظل رصد انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية محدوداً، وموسمياً، ومرتبطا بدرجة كبيرة بالانتهاكات الأخرى التي تتعلق بحرية التنقل وحرية الرأي والتعبير وغيرها، ومع تكوّن أول سلطة وطنية في الأراضي الفلسطينية وبدايات تشكل أجهزة رسمية ممثلة في الوزارات والمجلس التشريعي، بات واضحا أن هناك الكثير من المهمات التي على هذه الأجسام الناشئة أن تنفذها، ولعل أهمها جميعاً المهمات التي تمس واقع حياة الناس اليومية؛ ومن هنا برزت أهمية ملاءمة المعايير التي تضعها الأجهزة الناشئة مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتحديدا ما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي كانت مهملة لفترات طويلة في أثناء الاحتلال، والتي تتطلب بطبيعتها التزاما من الأجهزة الرسمية وتكلفة عالية تزيد على طاقة هذه الأجهزة.ويعتبر الحق في التعليم من الحقوق الأساسية التي كفلتها جميع المواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية؛ وقد وردت في ذلك عدة مواد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وغيرها من مصادر القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان.[c1]الحق في التعليم لفئات خاصة في المجتمع[/c]تضمن المواثيق الدولية إمكان الوصول للتعليم لجميع الفئات في المجتمع، مع التركيز على حق النساء في الوصول لفرص تعليم متكافئة مع الرجال، وحق ذوي الاحتياجات الخاصة، والأقليات الدينية والإثنية؛ وتؤكد على حقهم في الحصول على التعليم المناسب كما تؤكد على أن العوائق المادية مثل الفقر وعدم توافر مدارس قريبة وغيرها يجب ألا تقف أمام حق الفقراء وذوي الدخل المحدود في الوصول إلى فرص تعليم مناسبة.وجد تقرير الفقر في فلسطين 1998 أن التعليم العالي يرتبط ارتباطا وثيقا بتدني الفقر. فمعدل نسبة الفقر بين أولئك الذين أتموا أقل من المستوى الابتدائي (32) وهو أعلى بكثير من الذين أتموا تعليم المرحلة الابتدائية (23). وتنخفض نسبة الفقر بشكل متسق مع ارتفاع مستويات التعليم العالي، فقد بلغت 20 للذين أتموا مرحلة الدراسة الإعدادية، و 12 للذين أنهوا سنتين دراسيتين، و8 بين حملة الدرجات الجامعية، إذا كان التعليم العالي أحد الإستراتيجيات المهمة لمكافحة الفقر فإنّه لا توجد تسهيلات محددة الإجراءات وواضحة المعالم تمكن الفقراء وذوي الدخل المحدود من الوصول للتعليم العالي.[c1]فرص التعليم للنساء [/c]لا يوجد في القوانين الفلسطينية أو اللوائح التنظيمية لعمل وزارة التربية والتعليم العالي ما يشير إلى تمييز بين الذكور والإناث في مجال الالتحاق بالمدارس بأنواعها، إلا أن الممارسات اليومية مازالت تشير إلى فجوات مجتمعية واضحة. فعلى سبيل المثال، من ضمن الأطفال بعمر 6-11 سنة يوجد 9.3 من الأولاد، و8.7 من البنات، لا يذهبون للمدرسة الابتدائية. تقل معدلات التحاق الفتيات في المناطق الريفية بالتعليم، لعدة أسباب منها عدم توافر مدارس قريبة من البيت، أو الاضطرار للتغيب عن المدرسة للمساهمة في الأعباء المنزلية، أو بسبب التكلفة المادية للتنقل للمدارس. وفي العام الدراسي 1999 / 2000 كانت الإناث تشكل 49.5 من طلبة المرحلة الأساسية و50.7 من طلبة المرحلة الثانوية أما في مرحلة رياض الأطفال فقد بلغت نسبة الإناث 47.5.يوجد 9052 فصلا للأولاد مقابل 8749 فصلا للإناث بالإضافة لوجود 7311 فصلا من التعليم المختلط، ولا يوجد في أدبيات وزارة التربية والتعليم ما يشير إلى تمييز إيجابي لصالح الإناث عند إقرار موازنات لبناء مدارس جديدة أو إضافة غرف صفية، مع أن الممارسات المجتمعية تميل إلى عدم إرسال البنات إلى مدارس بعيدة عن أماكن سكنهن مما يستوجب توفير عدد كاف من المدارس للبنات في المناطق الريفية والنائية.من الملاحظ أن معدلات التسرب بين الأولاد أعلى في المرحلة الابتدائية من معدلات تسرب البنات، حيث تبلغ 2.23 للذكور مقابل 2.01 للإناث مع تسرب أكبر لذكور الضفة الغربية 2.69 عن قطاع غزة 1.53 ولإناث الضفة الغربية 2.39 عن إناث قطاع غزة 1.42. ويفسر هذا جزئيا بعدم ملاءمة ومراعاة المناهج الدراسية لطاقات الجنسين، وخبراتهم، وعدم توافر هامش للمدرسين لخلق جو من الإبداع بين الطلاب والطالبات، وحيث إن الذكور يتمتعون بهامش أوسع من الحركة وإمكانيات أكبر لقضاء وقت الفراغ فإنَّ ذلك يؤدي لاستخدام هذا الوقت بعيداً عن الدراسة وتخلق لهم مجالات تسهل التسرب والرسوب، بينما تميل الإناث للبقاء في البيت مما يتيح المجال أمامهن للدراسة لوقت أطول.وتنعكس الصورة في الصفوف الأول والثاني الثانويين فتصبح معدلات التسرب بين البنات أعلى، حيث تبلغ 1.1 للذكور في الصف الأول ثانوي علمي مقابل 3.4 للإناث و8.4 في الأول الثانوي الأدبي للذكور مقابل 11 للإناث. في المرحلة الأساسية وتتسع الفجوة في المرحلة الثانوية بنسبة 3.4 للذكور مقارنة ب 1.1 للإناث، نسبة الأولاد والبنات الذين يتمون مستويات تعليم عال تزداد مع ازدياد السنوات الدراسية المكتملة للآباء، مما يشير إلى خطورة الزواج المبكر للفتيات خصوصا، وضرورة إصدار تشريعات تحدد سن الزواج ب 18 سنة كحد أدنى؛ كما تساهم المسافات الطويلة بين المدارس والمنازل في قرى الضفة الغربية في زيادة التباين بين المناطق في معدلات التسرب من المدارس.أمّا معدل معرفة القراءة والكتابة بين البالغين فهو 79.7 للنساء مقابل 92.2 للرجال، ويلاحظ أنّ معدلات الأمية بين الإناث أكبر من 15 سنة تبلغ 20.3 بينما لا تتجاوز معدلات الأمية بين الرجال من نفس الفئة العمرية 7.8. وأعلى معدلات الأمية هي في مناطق جنين وأقلها في مناطق القدس؛ وعلى الرغم من انخفاض معدلات الأمية بين الفتيات صغيرات السن عن نظيرتها لمن هن في سن الأربعين فما فوق، إلا أن هناك مؤشرات تحذر من ازدياد عدد الأميات بين صغيرات السن وخصوصا اللواتي دخلن المدرسة في أثناء الانتفاضة، من الضروري الاهتمام بمراكز تعليم الكبار وتوفير الدعم اللازم لها حتى يتم محو أمية كبيرات السن وتوفير فرص لصغيرات السن الراغبات في العودة لمقاعد الدراسة.وتبلغ معدلات القيد في المرحلة الثانوية 53.7 للإناث و 56.4 للذكور، القضية الأكثر إلحاحا في التعليم الثانوي هي التفريع، حيث يضطر الطالب لاختيار التخصص العلمي أو الأدبي أو المهني. تميل الفتيات لاختيار التخصص الأدبي مما يحدد من خياراتهن المستقبلية في مجال العمل والتعليم الجامعي. الظروف الاجتماعية والاقتصادية وعدم قدرة الفتيات على مواجهتها تثير التساؤلات عن جدوى التفريع في هذه السن المبكرة. تتفوق الإناث في نتائج امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) عادةً، مما يفسر على أنه تميز لصالح الإناث والواقع أن الفتيات لا يجدن متسعا لممارسة أي أنشطة ترفيهية خارج المنزل، وتكون الدراسة والتفوق هما المتنفس الوحيد لهن، ولا تنعكس نسب التفوق هذه على نسب الالتحاق في الجامعات أو في سوق العمل فيما بعد.[c1]ذوو الحاجات الخاصة [/c]تشير نتائج التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت إلى أن نسبة الأمية بين المعاقين تبلغ حوالي 53 وهو معدل أعلى بكثير من المعدل العام في فلسطين (تبلغ معدلات الأمية في فلسطين 14).وتشير معطيات الاتحاد العام للمعاقين الفلسطينيين إلى أن غالبية مؤسسات التعليم الفلسطينية لا يوجد فيها تسهيلات هندسية تتيح للمعاقين إمكانيات استخدامها، كما لا تتوافر فيها الأجهزة التعليمية، والأدوات المساعدة، مثل: أجهزة الكومبيوتر الخاصة، والمجسمات والخرائط اللازمة. وتتساوى في هذه الإشكالات المدارس الخاصة والمدارس الحكومية.فما هي جهود السلطة الوطنية الفلسطينية لتجاوز هذه الإشكالات ومساندة المعاقين الفلسطينيين للحصول على حقهم الكامل في التعليم؟ ينص مشروع القانون الأساسي الفلسطيني صراحة على عدم التمييز للمعاقين وقد جاء فيه: "الفلسطينيون أمام القانون والقضاء سواء لا يميز بينهم العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة". وفي عام 1999، أقر المجلس التشريعي قانونا خاصا بحقوق المعاقين (قانون رقم 4 لعام 1999) وتمت المصادقة عليه من رئيس السلطة الفلسطينية ونشره في الجريدة الرسمية؛ ويغطي القانون عدة مجالات ذات صلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية للمعاقين الفلسطينيين، أما فيما يتعلق بالحق في التعليم فقد نص القانون في الفصل الثاني على مجموعة من الحقوق الخاصة منها:1- ضمان حق المعوقين في الحصول على فرص متكافئة للالتحاق بالمرافق التربوية والتعليمية والجامعات ضمن إطار المناهج المعمول بها في هذه المرافق.2- توفير التشخيص التربوي اللازم لتحديد طبيعة الإعاقة وبيان درجتها.3- توفير المناهج والوسائل التربوية والتعليمية والتسهيلات المناسبة.4- توفير التعليم بأنواعه ومستوياته المختلفة للمعوقين بحسب احتياجاتهم.5- إعداد المؤهلين تربويا لتعليم المعاقين كل حسب إعاقته."على الرغم من أن بنود القانون تغطي الاحتياجات التربوية والتعليمية للمعاقين وتشير إلى النقص الموجود فعليا إلا أن مصادر الاتحاد العام للمعاقين الفلسطينيين تأخذ على القانون عدم تحديد النظم واللوائح التنفيذية التي تضمن إمكانية استخدامه من قبل المعاقين الذين يشعرون بأي تمييز ضدهم، كما يلزم وجود هيئة أو منصب لمراقب دولة يضمن تنفيذ القانون ومراقبة مدى التزام المؤسسات الحكومية والأهلية به.وقد أطلقت وزارة التربية والتعليم برنامجا يسمى "التعليم الجامع"، وعرفته بأنه "التعليم الذي لا يستثني أحدا من الطلبة بغض النظر عن الفروق الفردية، والصعوبات، والإعاقات التي تواجههم ملبيا الاحتياجات الفردية لكل منهم." وقد بدأ العمل بمشروع التعليم الجامع، كمرحلة تجريبية مدتها ثلاث سنوات (1997- 1999)، مستهدفا طلبة المرحلة الأساسية وكان يهدف بصورة عامة إلى دمج ذوي الحاجات الخاصة في مدارس التربية والتعليم، وتطوير قدرات المعلمين للتعامل مع ذوي الحاجات الخاصة في قاعة الدراسة وتطوير وتأهيل المدارس المشاركة بتوفير التسهيلات الفيزيائية التي تسمح لجميع الطلبة بدخولها، كما هدف المشروع إلى تطويع المناهج الدراسية لتصبح أكثر مراعاة للفروق بين الطلبة، وتعديل الاتجاهات المجتمعية السائدة تجاه ذوي الحاجات الخاصة. وعلى الرغم من أن المشروع يبدو واعدا ومميزاً، إلا أن الاتحاد العام للمعاقيين الفلسطينيين يبدي تحفظاته؛ حيث إن هذا البرنامج تأخر كثيرا في إحداث التغيير اللازم الذي يضمن دخول أكبر عدد من المعوقين في المدارس العامة، ويضع حدا لعزلهم في أماكن بعيدة عن أسرهم، وبيئتهم الاجتماعية.[c1]محو الأمية وتعليم الكبار [/c]حتى قيام السلطة الوطنية وسيطرتها على جهاز التعليم في العام 1994، كانت جهود محو الأمية وتعليم الكبار تتركز في جهود المؤسسات الأهلية الفلسطينية التي أدركت بوعي كامل أن الاحتلال الإسرائيلي يعتمد سياسة التجهيل المتعمد، وأن القضاء على الأمية هو همّ فلسطيني وطني، وقد ساهم الهلال الأحمر الفلسطيني وجمعية إنعاش الأسرة، ومركز تعليم الكبار في جامعة بيرزيت بالجهد الأكبر في هذا المجال، أما بعد قيام السلطة، ومع مأسسة عملية محو الأمية وتعليم الكبار فقد استمر التعاون والتنسيق بين الجهات المختلفة في مجال تبادل الخبرات، والمشاركة في الدورات التدريبية والمؤتمرات المختلفة، وفي تزويد مراكز محو الأمية التابعة للمؤسسات الأهلية بالكتب والقرطاسية مجانا.[c1]الانتهاكات الإسرائيلية للحق في التعليم[/c]مازالت الأراضي الفلسطينية تخضع للاحتلال الإسرائيلي الذي يتحمل مسؤولية تاريخية عن الانتهاكات المتكررة للحق في التعليم؛ وقد زادت أحداث انتفاضة الأقصى من وتيرة هذه الانتهاكات وتكرار حدوثها؛ حتى بات من الصعب رصدها ومتابعتها بدقة، وفيما يلي بعض أنماط هذه الانتهاكات وأمثلة عنها لكي لا ننسى:[c1]قتل طلبة ومعلمين [/c]277 طالباً وطالبة فقدتهم أسرة التربية والتعليم الفلسطينية، منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في 29 / 9 / 2000 حتى 31 / 10 / 2002، بما يصل إلى ثلاثة عشر صفاً مدرسياً، ويكاد يمثّل مدرسةً كاملة، وجرح 2690 طفلاً منتظمين على مقاعد الدراسة، وأصيب المئات منهم بإعاقات وعاهات دائمة.[c1]حصار المدارس [/c]فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلية حصاراً مشدداً على الأراضي الفلسطينية منذ اندلاع انتفاضة الأقصى وأغلقت الطرق الرئيسة والفرعية بالكتل الإسمنتية والسواتر الترابية والحجرية، ووضعت الحواجز العسكرية، ونشرت الدبابات والآليات الثقيلة في محيط عدد من المدارس وفي الطرق المؤدية إليها؛ مما أدى إلى تعثر العملية التعليمية، وحرمان ومنع آلاف المعلمين والمعلمات والطلبة من الوصول إلى مدارسهم، وإلى ضياع الكثير من الحصص الدراسية على الطلبة، وعرقلة انتظام الدراسة؛ الأمر الذي اضطر الهيئات التدريسية والطلبة إلى سلوك طرق جبلية ترابية وعرة، معرضين حياتهم للخطر، حيث كان جنود الاحتلال الإسرائيلي يطلقون النار عليهم دون سبب. ووصل النقص في الهيئات التدريسية في أقله 10 وفي أكثره 90 من المعلمين الأصيلين في كل مدرسة.[c1]إغلاق مدارس [/c]أغلقت سلطات الاحتلال 7 مدارس بأوامر عسكرية حظرت بموجبها دخول هذه المدارس أو استخدامها بأي شكل من الأشكال، وتراوحت مدة الإغلاق هذه ما بين شهر إلى شهرين؛ ومن المدارس التي تعرضت للإغلاق، 4 مدارس في بلدة الخضر بمحافظة بيت لحم ومدرسة ذكور حوارة الثانوية، التي كان آخر إغلاق لها في 23/10/2001 ومدرسة ذكور الساوية _ اللبن الثانوية في محافظة نابلس؛ وبذلك حرم نحو 3آلاف طالب وطالبة من الوصول إلى مدارسهم الرئيسة طيلة هذه المدة.[c1]تعطيل مدارس نتيجة فرض منع التجول [/c]تعطّلت الحياة التعليمية في أكثر من 850 مدرسة، وبلغ عدد أيام تعطيل المدارس 1800 يوم وقصفت واقتحمت 197 مدرسة. فرضت سلطات الاحتلال في فترات متواصلة وأخرى متفرقة، نظام منع التجول في الكثير من المناطق؛ الأمر الذي أدى إلى تعطيل الحياة التعليمية بالكامل في 850 مدرسة؛ وكانت مدارس البلدة القديمة بمدينة الخليل هي الأكثر تضرراً، بحكم سيطرة سلطات الاحتلال الأمنية على المنطقة التي تتواجد فيها، وبلغ عدد المدارس التي تأثرت في البلدة القديمة بإجراءات حظر التجول 28 مدرسة، ومن المدارس التي تأثرت بهذا الحظر أيضاً: 4 مدارس الذكور والإناث في بلدة حوارة بمحافظة نابلس، 4 مدارس في سيلة الظهر بمحافظة جنين، 3 مدارس في بلدة تقوع بمحافظة بيت لحم و5 مدارس في بلدتي سلواد وسنجل بمحافظة رام الله والبيرة.[c1]قصف مدارس [/c]تعرضت 197 مدرسة فلسطينية للاقتحام والقصف الإسرائيلي بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة ( رصاص الرشاشات وقذائف الدبابات وصواريخ الطائرات) بشكل همجي سافر، لا مثيل له في التاريخ، وفي أكثر المشاهد وحشية ما أقدمت عليه قوات الاحتلال حين قصفت الدبابات مدرسة المكفوفات في مدينة البيرة؛ حيث دبّ الرعب والهلع في صفوف الطالبات الكفيفات وتفرّقن في صخبٍ على غير هدى، وكذلك هدم مشاغل مدرسة طولكرم الصناعية وتدميرها بالجرافات.إن قصف الاحتلال الإسرائيلي للمدارس كان يتم في أثناء وجود الطلبة على مقاعد الدرس، كما حدث حين استشهدت الطالبة رهام ورد، وأحياناً وهم يقدّمون امتحاناتهم كما حدث في سيلة الظهر. ومن المدارس التي تم قصفها: مدرسة بيت حانون الزراعية في غزة، ومدرسة طولكرم الصناعية، ومدرسة بنات بيتونيا الثانوية، ومدرسة القدس بنابلس، الأمر الذي أحدث تهدماً في المباني، ودمر المقاعد الدراسية والأثاث المدرسي، وحطم زجاج النوافذ وأتى على الكثير من المرافق والأدوات.[c1]اقتحام مدارس وتحويل أخرى إلى ثكنات عسكرية [/c]اقتحمت سلطات الاحتلال منذ بدء الانتفاضة 60 مدرسة فلسطينية بصورة سافرة، مطلقة على جموع الطلبة الرصاص الحي والمعدني، وقنابل الغاز السام؛ وكانت في حالات عدة تحتجز الطلبة والمعلمين لأكثر من ساعتين، لعرقلة انتظام الدراسة أو الإخلال بسير تقديم الامتحانات. وضمن الانتهاكات الإسرائيلية المخالفة لكل الأعراف والمواثيق الدولية، سيطرت قوات جيش الاحتلال على 4 مدارس في مدينة الخليل، وحولتها إلى ثكنات عسكرية، نشرت الدبابات في ملاعبها وسيطرت على أسطحها ونصبت الرشاشات الثقيلة عليها وأنزلت العلم الفلسطيني عنها، ورفعت العلم الإسرائيلي عليها، وهذه المدارس هي: أسامة بن منقذ، بنات جوهر، وذكور المعارف، ومدرسة ذكور النهضة الأساسية، التي سيطرت عليها مدة أسبوع فيما بقيت تحتل المدارس الثلاث، وأقدمت لاحقاً على الاستيلاء على 4 مدارس في رام الله والبيرة، طيلة فترة اجتياحها للمحافظة وتوغلها فيها في 1 / 12 / 2001، وكذلك في 13 / 3 / 2002، وسيطرت على 25 مدرسة من مدارس المدن، خلال الاجتياح الكبير الذي شنّته في 29 / 4 / 2002، وحوّلتها إلى معتقلات.[c1]الخاتمة [/c]يعتبر الحق في التعليم من الحقوق التي يحرص الشعب الفلسطيني عليها، ويتمسك بها؛ وقد حاولنا في هذه العجالة استعراض بعض أهم المؤشرات للحق في التعليم ووضعها في الواقع الفلسطيني، إلا أن هناك جوانب كثيرة لم يتم التطرق لها وربما يتم تناولها في مقالات أخرى، ومنها على سبيل المثال لا الحصر مؤشرات الحق في التعليم العالي، والمؤشرات النوعية للحق في التعليم وتشمل نوعية التعليم ومحتواه، وانتشار العنف في المدارس واستخدام الأساليب التربوية، السليمة والمساواة حسب النوع الاجتماعي وغيرها، كما لم يتم التطرق لمختلف الجوانب في العملية التربوية ومنها أيضاً حقوق المعلمين، وكيفية تدريبهم، ونوعية التدريب في أثناء الخدمة التي يتلقونها، ونوع الإشراف والمتابعة التي يتلقونها.كما أن مؤشرات الحق في التعليم التي تم تناولها هنا ركزت على أداء السلطة الوطنية الفلسطينية باعتبارها المسئول رسميا عن الالتزام بالحق في التعليم؛ ولم يتناول أداء المؤسسات الخاصة، والأهلية، مع أهمية هذه الجهات ودورها في احترام الحق في التعليم، كما تم التركيز على الدور القانوني الذي يجب أن تقوم به السلطة لصالح توفير الإطار القانوني المناسب لحماية الحق في التعليم، مع التأكيد على أهمية تطوير الجوانب الإجرائية وتشمل الرقابة، والمتابعة، والتنفيذ، وإمكانية تلقي الشكاوى الفردية والجماعية حول انتهاكات الحق في التعليم.ولعل الرسالة الأقوى التي ينبغي التذكير بها هنا هي ضرورة إصدار قانون خاص بالتربية والتعليم، يشكل الإطار القانوني الشامل الذي يتم من خلاله تقييم الأداء ومساءلة منتهكي الحق في التعليم، إلا أننا في نفس الوقت لا ينبغي أن نهمل الثناء على أداء وزارة التربية والتعليم الفلسطينية التي تعمل ضد كل التيارات المعاكسة من اجل الاستمرار في توفير تعليم إلزامي، وشبه مجاني، للآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني في فترة من أصعب فترات تاريخه المعاصر.
الحق في التعليم بين الواقع والطموح 2 - 2
أخبار متعلقة