انقرة / متابعات :«شهر رمضان سلطان لاحد عشر شهرا».. هكذا يصف الاتراك شهر الصوم والعبادة الذي يحتفلون بمقدمه بصور شتى تدخل فيها عدة متناقضات. ومما يذكر أن الرئيس التركي عبد الله غل، وهو من اعضاء حزب العدالة والتنمية الإسلامي، عندما شرب الماء أمام الصحافيين في اول ايام رمضان ناسيا، قال بحدة «من الذي وضع الماء أمامي؟»، مما يلخص التناقضات التي يعرفها هذا البلد، والتي تتجلى أكثر في هذا الشهر الكريم.فمن جهة هناك احتفاليات وطقوس وازدحام الشوارع مع اقتراب ساعة الإفطار، ومن جهة ثانية يمكن رؤية أعداد كبيرة من المفطرين نهارا، سواء في المطاعم أو الشوارع، من دون ان يثير الأمر استغرابا أو استهجانا، إذ ليس هناك قانون يمنعهم من الإفطار جهرا، كما هو الحال في معظم الدول الإسلامية، التي تقوم بفرض هذا القانون حفاظا على مشاعر الصائمين. يذكر أن حوالي %98من سكان تركيا البالغ تعدادهم حوالي 70 مليون نسمة (حسب تعداد عام 2005) مسلمون، وأنها تضم أكبر عدد من المآذن في العالم الإسلامي. مظاهر كثيرة تعرفها تركيا في شهر رمضان وقبله، حيث تبدأ ادارة الاديان والبلديات المحلية بنشر اليافطات الدينية في الشوارع وعلى مآذن المساجد، إلى جانب إجراء البلديات في كل منطقة قبل أيام من بداية الشهر عدة اختبارات لاختيار أفضل مسحراتي، ويسميه الأتراك «داولجي». كما تنتعش حركة الاسواق وتظهر مستلزمات رمضان كالاجبان والحلويات والتمر والمكسرات بشكل كثيف. ومن اهم هذه الاسواق سوق «مصر» التاريخي في اسطنبول، الذي يقصده المتسوقون من كل مكان لشراء أفضل المنتجات الخاصة برمضان، و«سوق العطارين» باسطنبول، الذي اعتبر البعض أن الحياة لا تدب فيه سوى بشهر رمضان، ويشتهر ببيع الحلويات وأهمها «المعجون العثماني»، والتمور بأنواعها حيث اعتادت العائلات التركية أن تبدأ إفطارها به، اقتداء بسنة النبي محمد عليه الصلاة والسلام.وبمجرد اعلان رئاسة الاديان رسميا بدء شهر رمضان، وفقا للحسابات الفلكية، تبدأ المساجد بالامتلاء بعد صلاة العشاء لاداء صلاة التراويح. وقبل اذان الفجر بحوالي ساعتين يأتي المسحراتي بمعداته ويدق على الطبل لإيقاظ الناس، ومن ثم يذهب البعض لاداء صلاة الفجر في المساجد الكبيرة، والبعض يخلد للنوم استعدادا ليوم صعب في العمل أثناء الصيام. ومن المناظر المألوفة ايضا في مدن تركيا خلال رمضان أن تزدحم الشوارع لدى اقتراب ساعة الإفطار، حيث يريد الجميع أن يصل إلى منزله قبل آذان المغرب ليتمكن من تناول وجبة شهية مع افراد عائلته. ومن لا يتمكن من الوصول للمنزل بسبب الازدحام فإنه يجد بديلا لا بأس به في خيام الافطار المجانية، التي تنصبها البلديات المحلية وبعض المؤسسات الخيرية، حيث يمكن لأي عابر تناول وجبة افطار كاملة وشهية يعود بعدها بسهولة إلى بيته، حيث تكون الشوارع قد خلت من المارة تقريبا. ويحرص الأتراك عادة على الإفطار بوجبة خفيفة، تتكون عادة من الأجبان والزيتون والخبز، كما يظهر خبز خاص في أفران المخابز يسمى «بيدا» ويباع بسعر أغلى من الخبز العادي. بعد الإفطار يتوجه البعض لأداء صلاة التراويح في المساجد ويذهب البعض الآخر لحضور الحفلات الدينية التي تقام في مساجد اسطنبول الكبيرة، مثل جامع «السلطان احمد» الشهير بـ«الجامع الازرق» وجامع «السلطان ايوب». وفيما يفضل البعض المشي بعد وجبة إفطار دسمة لمساعدة المعدة على الهضم، فإن البعض الآخر يتوافد على عدد من المساجد لأداء صلاة العشاء والتراويح، ومن أشهرها جامع «السلطان أحمد» ويشتهر بليلته المميزة في ليلة القدر، ويسمى أحيانا «الجامع الأزرق»، ويضع مكتبة ضخمة للكتب الإسلامية طيلة شهر رمضان، كما أن هناك معرضا في الجهة الأخرى من الجامع خاصا بعرض الفنون الإسلامية الشهيرة عند الأتراك، وفنون الخط العربي المذهب.كما أعدت البلدية في الفناء الملحق بالجامع مكانا لتوزيع المشروبات والحلويات الرمضانية على الناس مساءً بعد الإفطار.ولكن ثمة وجها آخر مغايرا في رمضان لتركيا الدولة المسلمة والرئيس الحالي لمنظمة المؤتمر الاسلامي، حيث تعج المطاعم في وسط النهار بمن هم غير ملتزمين بالصيام، يتناولون وجبة الغداء ويدخنون علنا في الشوارع والاماكن العامة من دون اي مضايقات. لكن هذه الظاهرة موجودة أكثر في المدن الكبيرة، بينما يختلف الوضع في القرى والمدن الصغيرة، حيث لا يستطيع المفطر أن يأكل أو يشرب أو يدخن علنا خلال النهار، لما قد يجره عليه ذلك من مضايقات قد تعرضه للضرب وحتى القتل، حسب ما قاله الفلسطيني سليمان واكد، 38 عاما، الذي يقيم في تركيا. ويوافقه الرأي التركي مصفي لكاسيز، 25 عاما، وهو من سكان اسطنبول إلى أنه رغم انه لا يصوم في رمضان ولا يتعرض إلى أي مضايقات في الاماكن العامة، إلا انه يتجنب بعض المناطق في اسطنبول كحي «الفاتح» الذي يقطنه الكثير من المتشددين.
في تركيا.. اختبارات رسمية لأفضل مسحراتي
أخبار متعلقة