لا غرابة في أن نسمع أو نشاهد بعض الساسة في بلادنا وهم يعترضون على أمور وقرارات تتخذها الدولة وقد يكون اعتراضهم بسبب أو من بدونه المهم أنهم يعترضون. هكذا فهم أولئك الديمقراطية أو يتعمدون ذلك لأغراض في نفوسهم المريضة الأمر الذي بات مضحكاً ومقززاً وباعثاً للسخرية ولكل علامات التعجب والاستفهام لاسيما إذا ما لاحظنا أن التحفظ أو الرفض “للنخبة” على أشياء تصب في المصلحة العامة في الأول والأخير.وللتدليل على ما سبق لنتأمل ما يجري هذه الأيام من متغيرات وتناقضات باتت متوقعة ممن تعودوا على السكوت عن المسيئين لوطنهم ومجتمعهم. ولعل الجميع ـ من أبناء الوطن ـ يتابع تعنت بعض “الإخوان والرفاق” في موقفهم من دعوة فخامة الأخ/ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية لانتهاج الحوار الوطني المسؤول تحت قبة مجلس الشورى بمشاركة كل الفعاليات السياسية والشرائح الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني ومختلف الأطياف الشعبية.فما يحدث من تلكؤ وتنظيرات لتلك الأبواق المنادية بعدم القبول أو الانصياع لأسلوب الحوار إلا بشروط حددوها هم مسبقاً كان إعلاناً صريحاً أطلقوه للمواطنين انكشفت فيه وبما لا يدع مجالاً للشك حقيقة من هم ضد الحوار فعلاً!!فلماذا عجز “الخبرة” عن اتخاذ قرار وطني شجاع يستجيب لدعوة الرئيس دون إملاءاتهم المسبقة؟ ثم لهم أن يطرحوا ـ فيما بعد ـ المساومات التي يريدونها أو المزاعم في الحوار نفسه!! وإذا كان “المعترضون دوماً” يرددون أن لهم حقوقاً ويطالبون بأن تقبل القيادة السياسية الحوار معهم وأنهم يؤمنون بالديمقراطية كخيار سلمي يتحلون بها ويتسابقون وقيادتهم في التباكي عليها و.. الخ من الأقاويل.. إذاً لماذا يصرحون ويلوحون برفض الحوار الوطني اليوم؟ أم لأن الداعي رئيس الجمهورية؟أو ليس علي عبد الله صالح هو ولي الأمر الذي يدعونا ديننا الإسلامي الحنيف إلى طاعته ما دمنا مسلمين وما دامت دعوته هذه تهدف إلى عمل الخير وتجنيب البلاد الفتن والمشاكل وتزيل ما يقلق السكينة العامة؟تساؤلات عديدة بالتأكيد إن إجاباتها تعري وتفضح الأصوات النشاز التي تتناقض حتى فيما بينها وتعلن إفلاسها وإلى أي مدى صار الهم الوطني جسراً تتاجر من خلاله بحاضر ومستقبل الوطن وكيف تغلب عنادها على العقلانية والخلاف على الحوار والتعصب على الامتثال لما يخدم الشعب.ومن المعيب جداً أن يتحجج زيد أو ينادي “عمرو” برفض دعوة الوطن للتصالح وحل الخلافات مهما كانت المبررات لأن المنطق يقتضي أن يحضر كل من شملتهم الدعوة الرئاسية ومن ثم لهم أن يقدموا وبأعلى أصواتهم المطالب المشروعة التي ينشدونها وليقدم ـ من شاء حينها ـ رؤيته في معالجة المستجدات الراهنة والقضايا المختلفة على الساحة اليمنية.لكن أن يتملص البعض ويتنصلوا عن مسؤولياتهم فهذا لعمري هو الشيء المشين والأناني بذاته.عموماً : المواطنون ـ بدون استثناء ـ يترقبون الحوار الوطني ويتطلعون وبأمل كبير إلى ما سينتج عنه من قرارات وتوصيات تخرج البلاد من الأزمات التي تعيشها وكأن لسان حالهم يقول للمشاركين في هذا الحوار:نستحلفكم بالله أن تتركوا التعصبات ولو أقتضى الأمر قدموا التنازلات لبعضكم البعض وأحنوا رؤوسكم جميعاً حتى تمر العاصفة بسلام، وتذكروا، أن الوطن والمواطن أمانة في أعناقكم وعليكم تحمل هذه المسؤولية بجدارة والاستشعار بها والعمل على كل ما ينجح الحوار الوطني ليس لأجل شخص بذاته أو فئة أو جماعة بعينها ولا لأجل حزب أو جهة بنفسها وإنما لأجلنا جميعاً من أجل أن تسعد أجيالنا بالأمن والاستقرار من أجل الحاضر والمستقبل المشرق ومن أجل الحفاظ على الوحدة اليمنية وكل المنجزات التنموية التي قدم لأجلها الآباء والأجداد دماءهم رخيصة وضحوا حتى نصل إليها.. من أجل اليمن أرضاً وإنساناً.أخيراً: يجب أن نفطن أن الحوار الوطني هو المحطة التاريخية الشوروية والفرصة الكبرى والمرفأ الآمن والحقيقي الذي سيمكننا من أخذ الحقوق والحصول على الاحتياجات واسترداد المظالم ومكافحة الفساد وإصلاح ومعالجة الظواهر السلبية وترسيخ الأمن والأمان ونبذ الفرقة وعدم السماح للأعداء بالولوج إلى صفوفنا والأهم من كل هذا وذاك أن الدعوة إلى الحوار هي في الأصل تغليب الحكمة اليمانية والمصلحة الوطنية على الدعوات التآمرية والأنانية.. فهل نعي ذلك؟!!
أخبار متعلقة