لقد تأثر طه حسين "باسنت بوف" الذي كتب مقالات اسمها (حديث الاثنين) ثم بدأ بعد ذلك بكتابة مقالات كانت تنشر له في المجلة السياسية في نهاية 1922م أولاً ثم في الرسالة والمنارة وكتب هذه الرسالة على مدى فترة طويلة حتى إن الجزء الأول استمر نشره الى سنة 1935م ثم (نشرها في كتاب حديث الاربعاء) الجزء الأول 1925 و1926م الجزء الثاني والجزء الثالث عام 1945م.يتكون هذا الكتاب من ثلاثة أجزاء ومن حيث كتابة هذه الاحاديث بدأ طه حسين بالاحاديث المتعلقة بالعصر العباسي التي تناول فيها شعر (المجون) في تلك الفترة وكذلك قضايا الصراع بين القديم والجديد ثم أنتقل الى الحديث عن شعراء العصر الاموي لا سيما شعر (الغزل والغزليين) وكذلك تناول الشعر الجاهلي ومختلف قضاياه التي تناولها أيضاً في كتابه الأدب الجاهلي.وفي عدد كثير من أحاديث الاربعاء تناول طه حسين قضايا مختلفة منها الحديثة عربية كانت أم غربية .وأول حديث أربعاء نشره في نوفمبر 1928م وهو مقالة عن رواية (البؤساء) التي ترجمها حافظ إبراهيم عن الفرنسية.لكن طه حسين عندما نشر كتابه حديث الاربعاء استبعد منه هذه المقالة وضمنها كتابه (حافظ وشوقي) الذي نشره سنة 1933م.ومن ناحية المحتوى فقد خصص طه حسين الجزء الأول لموضوعات الأدب الجاهلي وصدر الاسلام والجزء الثاني للعصر العباسي والجزء الثالث للأدب الحديث.أهم القضايا التي تناولها في حديث الأربعاء .أهتم طه حسين بمشكلة تاريخ الأدب العربي وتبويبه وقد أبدى طه حسين تحفظاً تجاه التقسيم السياسي للأدب ذكر ذلك في أول الدراسات في المقياس السياسي وقال :"إن المقياس السياسي لا يكفي لتصنيف الشعراء".واكد أن الظواهر الأدبية تمتد في الواقع لا في تلك العصور السياسية فهو يفضل أن يتحدث عن شعراء لا تجمعهم سمات مشتركة.ومع ذلك فطه حسين لم يستطع أن يترك جانباً ما أسس له المستشرقون الذين درسوا تاريخ الأدب العربي في إطار عصوره السياسية بدءاً من العصر الجاهلي وصدر الاسلام الى العصر الحديث.كما تطرق طه حسين في كتابه حديث الاربعاء الى قضية الصراع بين القديم والجديد لا سيما في العصر العباسي ويرى النقاد أن طه حسين قد لجأ الى إثارة تلك القضايا ليتحدث بشكل غير مباشر عن صراعه الشخصي مع المحافظين من النقاد والادباء في مطلع القرن العشرين وتحديداً مع علماء الازهر.ومن أهم الموضوعات التي يتحدث عنها طه حسين قضية (المحدث) في الشعر العربي لا سيما في العصر العباسي الذي كرس له أول أحاديث الاربعاء .أيضاً تحدث عن شعر الغزل والغزليين كما اسلفنا وتحدث عن قضية الشك والانتحال في الادب الجاهلي وصدر الاسلام والاموي وهذه القضية قد تطرق لها ابن سلام الجمحي في كتابه (طبقات الشعراء).وتحدث أيضاً عن حرية الأدب والأخلاق وحاول أن يستبعد التشكيلة الدينية عن الادب .وكرست بعض الاحاديث لتتناول أوجه الشبه الموجودة بين الادب العربي والآداب الاخرى لا سيما الادب اليوناني والادب الفارسي ويقال إن طه حسين في هذه المسألة قد تأثر بنظرية (الشبه والاختلاف) للمفكر العربي "ابن خلدون".أما أهم قضية أثارها طه حسين في حديث الاربعاء والتي حددت اسلوبه في الدراسة هي قضية (تمثيل الشاعر لعصره ) والتي يسميها تارة (الجبر التاريخي) وتارة (مرآة الادب ، والادب ومرآة العصر، تارة أخرى تمثيل الشاعر لبيئته).فهو يرى أن أبانواس يمثل في شعره حياة القرن الثالث للهجرة وأيام هارون الرشيد بينما يمثل عمر بن أبي ربيعة العصر الاموي وتعكس شخصية الجاحظ بيئة القرن الثالث والمتنبي يمثل القرن الهجري الرابع ويمثل بيئة القرن الخامس للهجرة الشاعر أبو العلا المعري.ومن الامور التي أثارت الجدل في كتاب طه حسين أمر الشاعر عبدالرحمن بن اسماعيل بن عبدكلال بن داذ بن أبي جمر الملقب (بوضاح اليمن) الذي شكك فيه طه حسين .وأول شيء وضعه طه حسين أن وضع وضاح اليمن ضمن الشعراء الذين سماهم شعراء الغزل (الشعراء الغزليين) ثم وضعه ضمن الشعراء الغزليين الامويين ثم جعله ضمن الشعراء الحضريين .إن طه حسين ربط الشاعر ببيئته الحضارية التي تربى فيها حتى يعرف من أي عصر هو ،فهو عندما يتكلم عن شاعر وعصر ما فهو يتحدث عن المجال الفني أما إذا تحدث عن الحضر والبادية فهو يتحدث عن المجال البيئي.لقد أهتم طه حسين بدراسة البيئة لكي يحدد شعر وضاح اليمن ولهذا نجد أنه قد شكك في وضاح اليمن قبل أن يشك في أمرئ القيس .وقد أختلف الرواة في أمر التشكيك في وضاح اليمن ويلاحظ أن طه حسين يميل في كتاباته وأحاديثه الى الاعتماد على القصص والحكايات فهو في الواقع يتبع في ذلك أسلوب النقاد العرب وكذلك الرواة الذين يربطون بين القصيدة أو البيت الشعري والمناسبة التي قيل فيها وهذا يضفي على اسلوب طه حسين ذي الايقاع الموسيقي الرفيع عنصراً إضافياً للفت انتباه القارئ.
|
ثقافة
طه حسين وحديث الأربعاء
أخبار متعلقة