التكامل الاقتصادي العربي في عصر العولمة
القاهرة/14اكتوبر/ رمضان أبوإسماعيل :الاعتماد على صادرات النفط والغاز، وتباين النظم الاقتصادية، وعدم توافر الإرادة السياسية، وعدم وجود سياسة قومية للتصنيع، وعدم وجود شبكة مواصلات عربية عوامل تقف وراء ضعف محاولات التكامل الاقتصادي العربيمؤلف هذا الكتاب الباحث الاقتصادي د. جابر محمد محمد الجزار أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة حلوان وأحد أهم المهتمين بقضايا التكامل الاقتصادي العربي، وأكثر الباحثين الاقتصاديين العرب اهتماماً بمسألة منطقة التجارة الحرة العربية والتجارة البيئية العربية وما آلت إليه من تطورات منذ بداية عقد الثمانينات، وكذلك يعد أكثر الاقتصاديين العرب تخصصاً في مجال تكامل البورصات العربية سعياً وراء هدف البورصة العربية الموحدة.في مقدمة كتابه «التكامل الاقتصادي العربي في عصر العولمة» يقول: إن التكامل الاقتصادي العربي حلم كثيرا ما يراود خيال العرب منذ أكثر من نصف قرن مضي، ورغم أن إخفاقاته تفوق نجاحاته، إلا أن تطلعات تحققه لا تزال كائنة؛ ليكون واقعا معاشا.ويضيف الجزار: يأتي هذا الكتاب ضمن سلسلة كتاب الأهرام الاقتصادي في مائة وتسع عشرة صفحة من القطع المتوسط، مقسمة إلى مقدمة وثلاثة فصول، تناول التكامل الاقتصادي العربي؛ الذي يعد أبرز أشكال التكامل الاقتصادي الذي يستوجب تفعيل التجارة البينية وإقامة منطقة تجارة حرة عربية من شأنها خلق سوق تضم قرابة 300 مليون مستهلك وتقارب نواتجها المحلية الإجمالية 500 مليار دولار، وإتباع أسلوب الإنتاج بكميات كبيرة والتوزيع الأكفأ للموارد، وتسهيل عمليات الدمج التدريجي للاقتصاديات العربية في نظام التجارة العالمي، ودعم قوة التفاوض العربية داخل منظمة التجارة العالمية، وتحفيز روح المبادرة، واجتذاب رؤوس الأموال الوطنية والإقليمية والأجنبية، ووضع حجر الأساس لإقامة السوق العربية المشتركة.ويؤكد أن التكامل الاقتصادي ينشأ عن طريق إزالة الحواجز والقيود أمام انتقال السلع والخدمات وعناصر الإنتاج وحسب مدى الإزالة تتمايز صور التكامل، مشيرا إلى أن صور التكامل الاقتصادي خمس صور وهي، «منطقة التفضيل الجزئي، منطقة التجارة الحرة، الاتحاد الجمركي، السوق المشتركة، الاتحاد الاقتصادي الكامل»، موضحا أنه في عام 1997م تم الاتفاق على إقامة منطقة التجارة الحرة العربية «GAFTA»، والتي تنص إتفاقيتها على إزالة كافة الرسوم الجمركية بين البلدان العربية عدا جيبوتي، الصومال، جزر القمر، وموريتانيا والجزائر، وذلك بواقع 10 % سنويا، إلا أنه بناء على توجيهات قمة عمان عام 2005م، تم استكمال التخفيض التدريجي بشكل نهائي.[c1]السياج الواقي[/c]ويشدد المؤلف على أن عام 2005م شهد التطبيق الفعلي الكامل للإتفاقية لتكون السياج الوقائي لحماية المصالح الاقتصادية للدول العربية في ظل العولمة؛ لما يترتب عليها من منطقة تجارة عربية حرة تعد نواة للتكتل الاقتصادي العربي، فهي السبيل للتحرير الفوري للسلع، ومعاملة ما ينطبق عليها قواعد المنشأ العربية معاملة السلع الوطنية، وعدم إخضاعها لأية قيود جمركية، ومنح معاملة تفضيلية للدول العربية الأقل نموا الراغبة في الانضمام إلى المنطقة، ورغم ذلك كله لا تزال نسب التجارة البينية العربية لا تتجاوز 10 %، في حين تبلغ 62 % بين بلدان الاتحاد الأوربي، لأنه رغم الوصول إلى التعريفة الصفرية إلا أن هناك بعض التحديات التي تحتاج إلي مراجعة كإدخال تجارة الخدمات في مظلة «الجافتا» ومعالجة موضوع الاستثمارات العربية البينية، والانتهاء من تعريق القيود غير الجمركية، وقواعد المنشأ، وآلية فض المنازعات، نظرا لأن «الجافتا» ليست بداية المطاف، بل مرحلة يليها الاتحاد الجمركي والسوق العربية المشتركة. ويشير د. الجزار إلي أنه علي الرغم من بدء نواة التكامل الاقتصادي العربي في بداية الخمسينات أي قبل اتفاقية روما 1957م «حجر الأساس للاتحاد الأوربي» إلا أنه لم يتم تفعيل معظم الإتفاقيات التي تم إبرامها علي هذا الصعيد بالشكل المطلوب، حيث بلغت هذه الإتفاقيات التجارية «ثنائية وجماعية» عدد «462» إتفاقية توجد منها «52» اتفاقية تمثل نظاما للتجارة الحرة، ولكن أهمها إتفاقية تسهيل التبادل التجاري وتنظيم تجارة الترنزيت عام 1953م، واتفاقية إنشاء مجلس الوحدة الاقتصادية العربية عام 1957م، وإتفاقية السوق العربية المشتركة عام 1964م، واتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية عام 1981م.[c1]تفعيل التجارة البينية[/c]ويتطرق المؤلف إلي سبل تفعيل التجارة العربية البينية، مشيرا إلى أن التطورات الملحوظة على حجم التجارة البينية العربية خلال الفترة من 1980 إلى 2003 متذبذبة صعودا وهبوطا، إلا أنها زادت بشكل ملحوظ خلال عام 2004 لتبلغ 64.43 مليار دولار بنسبة 10.1 % من التجارة العربية الإجمالية وبزيادة 36 % عن العام السابق، والمؤسف أن هذه الزيادة ترجع لارتفاع أسعار النفط الذي يسيطر علي أكثر من نصف هذه التجارة، وتدهور قيمة الدولار، وفتح السوق العراقية أمام الصادرات العربية.و»العوامل التي تقف وراء ضعف محاولات التكامل الاقتصادي» كما يري د. جابر، تتمثل في اعتماد الدول العربية علي صادرات النفط والغاز، وتباين النظم الاقتصادية، وعدم توافر الإرادة السياسية، وانخفاض جودة المواد المصنعة عربيا، إضافة إلى ارتباط الدول العربية مع دول أخرى باتفاقيات ثنائية، وتباين التعريفات والقيود الجمركية، وعدم وجود سياسة قومية للتصنيع، وعدم وجود شبكة مواصلات عربية .ويوضح د. الجزار أن المواجهة تكمن في ضرورة تفعيل تطبيق منطقة التجارة الحرة والانتقال إلى مرحلة الاتحاد الجمركي، وإزالة المعوقات غير الجمركية، وتحفيز المستهلك العربي لشراء المنتجات العربية، وتحسين وتطوير مختلف وسائل النقل، وتطوير آليات التمويل، وتحرير تدفقات الاستثمارات العربية البينية وتيسيرها، ومحاولة الإستفادة من المزايا الممنوحة لبعض الدول العربية نتيجة للإافاقيات الثنائية مع بلدان العالم الخارجي، كما يعد مطلب توفير المعلومات التجارية من المطالب الهامة في عصر التكنولوجيا.[c1]تكامل البورصات[/c]ويناقش المؤلف مسألة إنشاء البلاد العربية لاتحاد أسواق المال العربية، موضحاً أن ذلك آلية لتوفيق أواصر التعاون بين هذه الكيانات الهامة ولإبراز كيانها الموحد، تحقيقا للمصالح العربية المشتركة، وبغية زيادة فاعلية الدور الذي تقوم به لخدمة التكامل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية العربية المشتركة، وقد وافق الاتحاد على إنشاء بورصة عربية موحدة عام 3002. ويخلص إلى أنه في عام 2005 تم توقيع إتفاقية إنشاء إدارة البورصة العربية ليكون هذا الكيان جهازا تابعا لاتحاد أسواق المال العربية ومرتبطاً به ويعمل في إطاره، ومن ذلك كله يتضح أن بورصة الأوراق المالية العربية الموحدة باتت واقعا يجب تفعيلها للقيام بنشاطها في تقارب بورصات الأوراق المالية العربية، كما يجب توحيد الإجراءات وتنسيق السياسات بين بورصات الأوراق المالية الأربعة عشر المدرجة بالسوق المالية العربية الموحد، والعمل على تأييد التوجهات التي ترمي إلى العملة العربية الموحدة أسوة بـ(اليورو)، وكذلك يجب الاهتمام بتحرير البورصة العربية الموحدة تمشيا مع توجهات العولمة المالية.