حسن عطا..المربي .الرائد.الفنان
سلوى صنعانييوم الثامن عشر من يناير الذي صادف الأحد أغمض الأستاذ والفنان الكبير حسن عطا عينيه وإلى الأبد في أحد مستشفيات صنعاء.هذا الخبر الأليم ذهبت به الهواتف وعبر الأثير إلى أحبته وأهله...وبذلك نكبت لحج وعدن وعموم المناطق لهذه الفاجعة العظيمة التي ألمت بها ولعظمة الخسارة التي لحقت بها.رحل الأستاذ المربي والرائد والفنان حسن محمد إبراهيم عطا الله عن دنيانا تاركاً فراغاً ملموساً في الحياة التربوية والفنية،فهو يشكل مرجعية كبيرة في هذا المجال علاوة عن كونه أحد رجالات لحج الذين يحدون من الجهات الأربع ومن الرجال الذين يفوق حجمهم وزن الذهب بل وأكثر وأرجو المعذرة لقصور التوصيف الذي لا يرقى إلى هامة كبيرة كهذه.تحت سماء حوطة لحج رأى أستاذنا الراحل لأول مرة النور وأطلق في فضاءاتها الرحبة أول صيحة،فهو من مواليدها الذين رضعوا من مياه تبن العذبة فجرى في شرايينه حب الحوطة وعشقها مجرى الدم.بين ربوعها تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدرستها المتميزة والمعروفة بـ(المحسنية) من قمم تربوية ثرية نهل تعليمه وثقافته؛فقد درس على أيدي الأساتذة الأجلاء مثل صالح دبا،وعبدالله هادي سبيت ومحمد محسن الأفندي،وفضل عوزر،وحسين منيعم،ومدرسين مصريين.عقب تخرجه عين أستاذاً ومعلماً ومربياً وعلى يديه ظهرت العديد من المواهب الفنية التي شجعها أثناء النشاط (اللاصفي) ومنها الفنان المعروف عبد الكريم توفيق فقد عين مدرساً في المدرسة الجعفرية في منطقة الوهط عام1950م واستمر بالعمل فيها مدة عامين ثم انتقل إلى المدرسة المحسنية التي تلقى فيها تعليمه فيها وعمل بين جنباتها مدة خمسة عشر عاماً.عقب الاستقلال الوطني من الاستعمار البريطاني انتقل إلى منطقة الشقعة إحدى ضواحي لحج ثم عاد للعمل مديراً للمدرسة المحسنية خلال الفترة من72-1974م ثم التحق بالعمل في مدرسة المجعلي.هكذا عرفت العديد من الأجيال وفي مختلف مدارس المنطقة الأستاذ الراحل حسن عطا الذي سلخ معظم سنين عمره في خدمة التربية والتعليم.كان أفق الرجل أوسع فضاءاً وطموحه لا حدود له فأنشأ ولأول مرة داراً للمعلمين في محافظة لحج بصفوف ثلاثة.تلك الدار التي أهلت العديد من المدرسين والذين بدورهم رفدوا المدارس ككوادر مؤهلة.ومن هنا اكتسب صفة الريادة.في العام 1980م انتخب عضواً في مجلس الشعب المحلي نتيجة حب الناس والتفافهم من حوله ليس كتربوي.فذ،بل وكفنان له باع وذراع في الساحة الفنية،وقد اتسمت شخصيته الفنية بالطابع الثوري.وأغانيه من ذلك النوع الذي شحذهم الناس للكفاح ضد الوجود البريطاني والنظام الانجلو سلاطيني فقد وقف على خشبة المسرح بدار سعد ضد الفريق الفني الذي دعم بحفلاته ثورة الجزائر وفدائيي بور سعيد وأبرز أغانيه ((أخي في الجزائر يا عربي)) من كلمات أستاذه عبدالله هادي سبيت وألحان الأمير محسن أحمد مهدي وتوالى تعاطيه مع الأغاني الوطنية ومنها.(باسم هذاب التراب) للشاعر صالح سعيد نصيب (ونحميك يا أرض الجنوب) و(ثرنا على الرجعية) و(من أجل الكرامة). وتألق بأغنيته “أشرقي يا شمس ثمن أرض العروبة” من ألحان وكلمات وأستاذه عبدالله هادي سبيت وله كذلك غنى “نشيد الوحدة” ومن أجل الكرامة ومن كلماته وكان شاعراً وملحناً فذاً فله “أعلنا الجمهورية” و “وثرنا على الرجعية وللشاعر محمد محسن الأفندي “ذكرى ثورة 14 أكتوبر “ونشيد الجهاد” عام 1955م قام بادائه مع تلامذة المدرسة “المحسنية” وكذلك “بلادي حماك الله أيضاً بالاشتراك مع طلبة المدرسة وهي من كلمات الشاعر سالم زين عرس مثلما غنى “يايمن يا خالدة عبر الزمن للشاعر عوض الحامد كثيرة هي عطاءاته ذات الطابع الوطني والسياسي.كذلك اشتهر الأستاذ والفنان حسن عطا بالكثير من الأغاني ذات الطابع الغزلي والعاطفي وغنى ولحن للعديد من الشعراء المعروفين على الساحة الفنية فقد غنى للشاعر صالح سعيد نصيب: قل لذي الأوجان يا قلبي حبيبك حقق لك مناك شاهجرك شاحاول أنساك تبكيني وتسألني يا جراح القلب طيبي عرفتكإلى جانب الأغاني الوطنية الآنفة الذكر.مثلما لحن وغنى للشاعر محمود علي السلامي”“يا ساكنة مهجتي و - يحسبوني الناس وتاح” وهي من أشهر الأغاني التي تردد إلى يومنا هذا.ومن كلمات الشاعر عبدالله هادي سبيت غنى “تناساني وأنا ما أنساه” من ألحان الأمير محسن أحمد مهدي.كما أسلفنا أن الأستاذ حسن عطا قد غنى لعدد من الشعراء الكبار المعروفين في الساحة الأدبية والفنية .. ومن تميزه كفنان انتقاء القصيدة ذات الكلمات حاملة المعنى ذات طابع جمالي وغزلي رفيع المستوى فقد غنى ولحن أيضاً للشاعر الكبير علي عوض مغلس عدداً من الأغاني ومنها :عاذلي فوش ماملي جيوبه توبتي بس وبأحلى أمان من نهدك تناسوني وباعونيجل من أنشا وصورغني يا شعب اليمن غنيحالتي ترحمصاحب الشعر المنعثركما قدم لحناً جميلاً لقصيدة الشاعر أحمد سيف ثابت بعنوان “التلفون” التي غناها الفنان المعروف علي سعيد العودي.ومثلما تميزت أغانيه المذكورة وحققت انتشارا واسعاً بين الناس ولأنها متعددة المصادر كذلك كانت أغانيه التي غناها للشاعر المعروف حسين عبدالباري وذات شهرة كبيرة ومنها:منقب صدفة لا قيته . يا محلا ذا الجميل محلاه . ما بين العهود. توب واقنع واهجره.إن علاقاته الواسعة والممتدة مع الأوساط الفنية جعلته متعدداً وممتداً فلم يكن الأستاذ حسن عطا في حياته الفنية مخصراً في نطاق لحج بل وصل إلى عدن وغيرها من مناطق الوطن. ومن هؤلاء الشعراء الذين غنى ولحن الشاعر الكبير سعيد الشيباني الذي غنى له ومن ألحان فضل محمد اللحجي أغنية “وأعالمين” وللشاعر عوض الحامد غنى ولحن “يا يمن يا خالدة عبر الزمن” وللشاعر صالح أحمد بن صالح “ياناسي حبيبك”.لم يكن الراحل الأستاذ حسن عطا رائداً في مجال التعليم ومربياً قديراً وفناناً مطرباً وملحناً فحسب بل يضاف إلى كل تلك المناقب والمواهب موهبته المسرحية من خلال مشاركته في النهوض بالمسرح في حوطة لحج وقدم مسرحيته الشهيرة التي ألفها بعنوان “الزواج مسئولية” وهي عبارة عن منولوج ولأن الرجل كان متواضعاً رغم عظمة شخصية فقد أخفى موهبته كشاعر له عدد من القصائد المغناة ومنها على سبيل المثال لا الحصر “ثرنا على الرجعية” “أعلنا الجمهورية” “من أجل الكرامة” ذلك اللون الوطني أما الغزلي “هيه شغوه” و “واحترت في أمره” و “في الهوى يانار شبي” و “منوه قال لك منوه”هكذا تتجلى لنا أعمال أستاذنا الكبير الفنان حسن عطا خلال مشوار حياته سواء في مجال التربية والتعليم والثقافة ... أو عطاءاته الفنية التي أثرى بها تراثنا اليمني الذي قدم له أكثر من 38 لحناً وغنى أكثر من (40) أغنية ما زالت خالدة تقدح بها ذاكرة الأجيال. وبها يظل خالداً في وجدان الناس وفي سجل التأريخ.