لقناعته بعدم شرعية القتل واراقة الدم
الجزائر/متابعات:سلم «أبو حذيفة» قائد جماعة «جند الأهوال» بولاية تبسة الجزائرية، نفسه لأجهزة الأمن بعد أن وصل إلى قناعة بعدم شرعية القتل واراقة دم الجزائريين، وكذا بطلان شرعية «الجهاد» في الجزائر، بحسب ما أوردت مصادر صحفية جزائرية أمس الأحد.وذكرت المصادر أن أبو حذيفة استسلم مع اثنين من أبنائه بهدف الاستفادة من تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية التي أقرتها الحكومة الجزائرية في سبتمبر عام2005.ويعرف «أبو حذيفة» باسمي «الماريشال» و»أبو عمار»، وتضم جماعة «جند الأهوال» كتيبتين أبرزهما كتيبة «جبل لبيض» ضمن منطقة الشرق لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» الجماعة السلفية للدعوة والقتال سابقا.ونقلت صحيفة «النهار الجديد» الجزائرية عن عائلة القيادي البارز في المنطقة الخامسة لتنظيم «الجماعة السلفية للدعوة والقتال»، أن قراره التخلي عن العمل المسلح جاء بعد أن وصل إلى قناعة بعدم شرعية القتل واراقة دم الجزائريين، وكذا بطلان شرعية «الجهاد» في الجزائر، بعد خلافات حادة نشبت في الأشهر الأخيرة بين عناصر التنظيم الإرهابي، خاصة على مستوى جبال تبسة وباتنة.وكشفت معلومات أوردها بعض من أفراد عائلة «الماريشال»، أن بعض المسلحين سيسلمون أنفسهم قريبا لأجهزة الأمن بعدما تلقوا منه اتصالا يطمئنهم فيه بحسن المعاملة وإمكانية الاستفادة من تدابير المصالحة.وجاء قرار أمير «جند الأهوال» بعد 15 عاما قضاها في أعالي الجبال بين تبسة وخنشلة ووادي سوف، إذ يعتبر من أقدم عناصر الحزب المحل الذين اختاروا حمل السلاح وما زالوا على قيد الحياة.وكانت بداية مشوار «أبو حذيفة» مع الجماعات المسلحة في سنة 1993 عندما ترك مهنة التدريس والتحق بتنظيم «الجماعة الإسلامية المسلحة»، بعد أن كان من كبار المتعاطفين مع الحزب المحل، واختار هذا الطريق عن قناعة تاركا وراءه زوجته وثلاثة أطفال.وفي سنة 1997 أمر «عبد الرزاق البارا» الذي كان أميرا للمنطقة الخامسة حينها، أتباعه أن يحضروا زوجاتهم وأولادهم إلى الجبال، فالتحقت بأبي حذيفة زوجته وولداه؛ حذيفة المدعو «أبو ذقوان» وعمره 8 سنوات، ونصر الدين المدعو «إدريس» وسنه 10 أعوام وقد استقر بهم المقام بجبال أم الكماكم جنوب ولاية تبسة.ولكن بفعل عمليات الجيش المتتالية والقصف المستمر للمنطقة سنة 2000، والتي كان من نتائجها إصابة الزوجة برصاصتين على مستوى الذراع وإصابة أحد الأبناء وهو نصر الدين على مستوى العين اليمنى والرجل اليسرى، بالإضافة على نقص مصادر التموين، قرر التنظيم الدخول في مفاوضات مع الجيش لتسليم النساء والأطفال، وهو ما تم فعلا بعد شهر من المفاوضات مع «البارا»، حينها نزلت العائلات من الجبال وكانت بينها عائلة الماريشال، حيث كانت الزوجة حاملا ومعها ابناها عبد الرحيم وخولة، بينما بقي نصر الدين وحذيفة مع والدهما في معقل الجماعة، وكان قد بلغا حينها 10 و12 سنة.وتشاء الأقدار أن يترعرع الطفلان في وسط لم يرحم براءتهما، فقد تم تدريبهما على كل أنواع السلاح التي يملكها التنظيم، وبعدها تنقل أحدهما، وهو نصر الدين، مع عبد الرزاق البارا إلى الصحراء وبقي هناك إلى أن وقع البارا في الأسر، فتنقل بعدها على مراحل إلى أن استقر بمنطقة سيدي علي بوناب وضواحيها، بينما بقي أبو عمار وحذيفة بجبال تبسة، وبقيت الزوجة تكابد مصاعب الحياة لوحدها لترعى ولديها في ظروف قاسية جدا وزادت قساوة بوفاة ابنها الأصغر حيدرة الذي دهسته شاحنة وهو في السابعة من عمره، خلال شهر رمضان من السنة الماضية.لكن منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر بدأت حياة العائلة تأخذ اتجاها آخر، حيث قرر نصر الدين تسليم نفسه للسلطات بعد أن تم إقناعه بذلك، وتم ذلك بالفعل بعد جهد جهيد ومخاطر كثيرة تعرض لها، كان من بينها التعزير ومنعه من استعمال الهاتف النقال بعد أن حامت حوله الشكوك، ليتمكن بعدها من تسليم نفسه في ظروف صعبة جدا.بعد ذلك سمع الوالد بإقدام ابنه على تسليم نفسه فارتاب في الأمر، وظل يترقب ما سيحدث له، ولما تأكد بأنه لم يتعرض لأية مضايقات أمنية أو قضائية كما كان يُروج لذلك داخل التنظيم، أخذ يفكر بجدية في تطليق العمل المسلح بعد قناعة تامة بعدم جدواه من جهة، ومن أجل لم شمل الأسرة من جهة أخرى.ومن العوامل التي عجلت باتخاذه القرار حسب ما أدلت به بعض العناصر الإرهابية التي ألقي عليها القبض خلال الأشهر الماضية، هو سيطرة «السوافة» على المراكز القيادية في التنظيم بالناحية الشرقية وتحيّزهم الكبير في المعاملات لأبناء منطقتهم، زيادة على جنوح العمل المسلح عن مساره وأهدافه، حسب أقوالهم، وذلك باستهداف الأبرياء والاعتداء على الفلاحين والرعاة بأرياف ولاية تبسة، والتي يعتبرونها لا تمت بصلة إلى الدين، في الوقت الذي لم تتعرض فيه مناطق أخرى تابعة للتنظيم لأي عمليات وحشية من هذا النوع، وهو الشيء الذي أثار حفيظة الكثيرين من عناصر الجماعة الذين رفضوا مثل هذه السلوكات، وحدثت بينهم بالفعل مشادات كلامية بهذا الخصوص.