- قبل أيام وقع طرفا الصراع الحوثي في صعدة على وثيقة لإنهاء الحرب بين الجماعة التي يقودها عبدالعظيم الحوثي وجماعة عبدالملك الحوثي.. وقالوا إن لجنة من الطرفين يمثل الطرف الأول فيها «حسين يحيى الحوثي ورجلا دين ومن يليهم من العلماء والمعلمين والمرشدين والطلاب واتباعهم من الناس» والثاني «عبدالملك الحوثي ومن يليه» اتفقت على التعايش وحرمة الدماء والأموال وعدم اثارة المشاكل وحق كل طرف في التعبد بطريقته وخصوصيته في مساجده ومدارسه وأماكنه الخاصة وعدم تبادل السباب والشتائم وأن يتحكم كل طرف بسلوك أتباعه وأن تحل الخلافات بالحسنى وأن مرجعية الطرفين هي «الثقلين».. وقد أجمع الطرفان على العداء لأمريكا وإسرائيل.. جاء هذا الاتفاق بعد صراع مسلح بين الجماعتين في صعدة مؤخراً.بعد ذلك الاتفاق بثلاثة أيام أعلن مشايخ قبائل في صعدة يوم الاربعاء الماضي عن تشكيل ما يسمى «حلف العهد والترابط القبلي» للوقوف ضد «الحوثيين» في حال قيامهم بالعدوان على أشخاص والنشاط في مناطق تلك القبائل.- لست أفهم من هذا سوى أن حاضر ومستقبل صعدة ليس على ما يرام .. جماعتان زيديتان متصارعتان تحاولان كبح الصراع.. وطرف ثالث هو القبيلة يعلن عن أن علاقته مع الطرفين غير مستقرة ومرشحة للعنف.. والأطراف الثلاثة متفقة في لغتها على الأقل على تجاهل الطرف الرابع الأساسي وهو الدولة الذي يتعين أن يكون الأول وليس الرابع أو الأخير.مكمن الخطورة أن الأطراف الثلاثة: جماعتي المذهب الزيدي المتصارعتين، والحلف القبلي يتصرفون في صعدة وكأنهم ثلاث دول أو ثلاث حكومات .. وفي الوقت الذي تسعى فيه الجماعتان الزيديتان إلى التعايش فيما بينهما كما تدعيان فهما مجمعتان على العداء للطرف الثالث الذي هو الحلف القبلي، وهذا الأخير يبادلهما العداء نفسه.. هذا ما جعلنا نقول إن حاضر ومستقبل صعدة لن يكونا على ما يرام.. ولن يغير من هذا المصير سوى اتفاق حضاري من نوع آخر.- لماذا على هؤلاء أن يسلكوا الطرق الوعرة، بينما لديهم سهول ووديان وطرق معبدة، والسير فيها سهل؟.كون هذا زيدياً وهذا شيعياً وهذا قبيلياً سنياً أو بلا مذهب أو حتى بلا دين قد جمعتهم الأقدار في منطقة جغرافية واحدة، فهذا التعدد والتنوع هو أفضل ميزة لهذه المنطقة، إذا استثمرت هذه الميزة استثماراً إيجابياً، استناداً إلى سنة التدافع الحضاري.. فالأحادية تفضي إلى الاستبداد.. والثنائية تفضي إلى الصراع.. لكن التعددية والتنوع يفضيان إلى التعايش.. ولا بديل غير ذلك.. وفي الوقت ذاته يتعين على هذا التنوع وهذه التعددية خلوهما من العنف والقهر.. نبذهما للسلاح.. والأهم من أجل ذلك خضوع الجميع للقانون والاعتراف بأن الدولة أو الحكومة هي راعية للجميع.. وهي الوحيدة التي تمتلك الحق في استخدام الردع لقمع أي عنف.
أخبار متعلقة