د. فهد محمود الصبري :إن الزواج وولادة طفل في أي مكان في العالم يعتبر من الأمور المفرحة والتي تدخل السرور الى كل نفس وكل أسرة تعيش هذا الحدث الا أن هذا الحدث في العالم والدول النامية على وجه الخصوص في كثير من العائلات ينقلب إلى فاجعة حيث يموت حوالي نصف مليون امرأة كل عام في الدول الأقل نمواً لأسباب تتعلق بهذا الحدث المانح للحياة (الحمل والولادة) .والمحزن والمؤلم أنه يمكن الوقاية من هذه الوفيات وضمان الحياة التي تزهق، وتشارك في موت تلك الأمهات : الدول .. والمنظمات الدولية والمحلية والأفراد رجالاً ونساء متعلمين ومثقفين وصناع القرار فالكل مسؤول عن إنقاذ أولئك النساء وضمان حقهن المقدس في الحياة وتشير الدلائل إلى أن الأمومة يمكن أن تكون أكثر أماناً لجميع النساء وقد اتفق الخبراء إلى حد كبير خلال العقد الماضي على مجموعة من استراتيجيات إنقاذ الحياة التي يمكن تطبيقها حتى في البيئات ذات الموارد المنخفضة وقد وقعت الحكومات في سائر أنحاء العالم معاهدات دولية تدعو إلى الحد من وفيات الأمهات غير أن الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2000م اعترفت بأنه رغم التقدم الذي تحقق في بعض البلدان فإن معدلات وفيات الأمهات ومرضهن مازالت مرتفعة بدرجة غير مقبولة في غالبية البلدان ويبقى أن تلتزم الحكومات بإعطاء أولوية الأمومة المؤمنة.تقدر وفيات الأمهات على مستوى العالم بأن (515000) امرأة تموت سنوياً لأسباب تتعلق بالأمومة (منظمة الصحة العالمية). وتحدث (99%) من هذه الوفيات في الدول النامية مما يجعل وفيات الأمهات المؤشر المتعلق بالصحة الذي يكشف التباين الكبير بين البلدان النامية والمتقدمة وتعاني النساء في أفريقيا جنوب الصحراء أسوا وضع على الإطلاق حيث تموت واحدة من كل 13 امرأة لأسباب تتعلق بالحمل أثناء حياتها بالمقارنة بحالة واحدة من كل (4085) امرأة في البلدان المتقدمة . ومما يدعو للحزن أن هذه الوفيات ليست الا جانباً واحداً من الصورة إذ انه مقابل كل امراة تموت هناك نحو (30) امرأة أخرى تعاني الإصابات والعدوى وأسباب العجز أثناء الحمل أو الولادة بما يصل إلى (15) مليون امرأة سنوياً على الأقل .ويقدر المجموع الكلي للنساء المصابات بنحو 300 مليون امرأة أو أكثر من ربع النساء البالغات في العالم النامي. وتشمل هذه المشكلات الصحية ذات الصلة بالحمل مثل الأنيميا الحادة والعقم والأضرار التي تصيب الرحم والجهاز التناسلي أثناء الولادة. كما أن ناسور الولادة (وهو تمزقات بين المهبل والقناة البولية أو المستقيم تؤدي إلى عجز دائم عن التحكم في إخراج البول أو البراز إذا لم تعالج) وكل هذه المشاكل سببها الأساسي هو السلوك الإنجابي ومن أهمه الزواج والإنجاب قبل سن 18 عاماً ورغم أن السياسة الوطنية للسكان قد هدفت إلى (تخفيض وفيات الأمهات بمقدار ثلاثة أرباعها عن وضعها عام 1990 أي خفضها إلى اقل من 90 وفاة بحلول عام 2015ـ وتعتبر وفيات الأمهات في اليمن من أعلى المعدلات في العالم حيث تقدر بحوالي (365) وفاة لكل مائة إلف ولادة حية - فإن تحقيق هذا الهدف يعني العمل الجاد والموجه نحو تحسين صحة الأمهات وتوفير الوسائل والسبل والتي تحقق ذلك.وهناك عوامل عديدة تؤثر في صحة وسلامة الأمهات وتجعل من الوفيات والمراضة عالية في اليمن، وهي ليست فقط عوامل ومؤثرات صحية بل عوامل اجتماعية واقتصادية وقد كان من اكبر الإنجازات التي تحققت في الحد من وفيات الأمهات والنساء والأطفال هو تحديد سن أدنى للزواج حيث أوضح مسح صحة الأسرة لعام 2003 أن (74.2%) من المتوفيات في اليمن تزوجن في سن قبل العشرين عاماً ووجد أن احتمال وفيات الأمهات للفئة العمرية اقل من 20 سنة هي أربعة أضعاف وفيات الأمومة للفئة العمرية من (20 - 29) سنة ومن جهة أخرى فإن حالات الإصابة بالأمراض والالتهابات الحوضية تكون عالية .أما عن صحة الحمل والمولود والطفل فإن وفيات الرضع أو وفيات حديثي الولادة عند الأمهات اقل من 20 سنة نجد أنه (50%) أعلى من الأمهات في العمر (20- 29 سنة) هذا فضلاً عن حالات المراضة والتي ترتبط ايضاً بقلة الرعاية والتي تكون بسبب نقص الخبرة والوعي ودرجة المسؤولية . أما في الجوانب الاجتماعية فإنه غالباً ما تكون المشاكل الأسرية في مثل هذه الحالة المبكرة أعلى واكبر وأكثر وضوحاً. وبعد هذه المؤشرات والحقائق الا يعتبر الزواج والإنجاب قبل الثامنة عشرة جريمة قتل ؟! في حق الأم والطفل يتحمل وزرها كل من ساهم فيها من الأب ومروراً بالمجتمع ورجال الدين انتهاء بصناع القرار إذا تراجعوا عن قانون مجلس النواب في هذا الصدد.
زواج الصغيرات .. جريمة قتل
أخبار متعلقة