غضون
- لا تزال المملكة العربية السعودية تواصل جهودها الأمنية لضرب الإرهاب مستخدمة قدراتها الأمنية الكبيرة، فهي تتبع الأنشطة الإرهابية وتحبط فعاليتها، ولهذا السبب اختار كثير من الإرهابيين في السعودية اليمن ودولاً أخرى بحثا عن الملاذ الآمن للتدريب والتخطيط وتنفيذ العمليات، ورغم أهمية الحلول الأمنية في مجال مكافحة الإرهاب، فان إهمال العوامل الأخرى الأكثر أهمية يبدو واضحاً. وأعني بالعوامل الأخرى التعليم والتوجيه والتمويل، فالتعليم الديني الذي يكفر الآخر ويدعو إلى استئصال الآخر ويحث على (الجهاد) بدون ضوابط وقيود ودواعٍ يزود الخلايا الإرهابية بدماء جديدة يوميا، وتنظيم القاعدة نفسه يطمئن بالنسبة لهذا المورد، وهو بعد كل عملية إرهابية ناجحة أو فاشلة، وبعد كل واقعة يخسر فيها عناصر يؤكد انه مقابل كل إرهابي يسقط هناك عشرة سيقومون او سيأتون إليه، فالتعليم الديني الذي يقوم على ذلك المنهج المحفز للتطرف يخرج أشخاصا جاهزين للاستقطاب من قبل الإرهابيين ومن ثم استخدامهم كأدوات تنفيذ. والمعروف أن معظم الإرهابيين الأحياء والأموات هم ممن جاء من السعودية وتعلم فيها وبعضهم تخرجوا من مراكز دينية سلفية في اليمن.- وكما يهمل التعليم الديني ليبقى منبعاً من منابع الإرهاب، كذلك بالنسبة للتمويل، فمصادر تمويل الأنشطة الإرهابية لم تمس، وأهم تلك المصادر هي السعودية حسب تقرير دولي حديث بحكم الثراء وبحكم العاطفة الدينية التي تسيطر على بعض محبي الخير الذين يستجيبون لدعوات جامعي الأموال تحت لافتات إنسانية، دون أن يدركوا أن أصحاب تلك الدعوات يستخدمون اللافتات والشعارات الدينية والإنسانية لأغراض غير إنسانية، وقد أكد الناطق باسم الداخلية السعودية قبل أيام ان أعضاء في الخلايا التسع عشرة التي تم اعتقال أفرادها كانت مهمتهم جمع الأموال لتمويل الأنشطة الإرهابية، ووصل بهم الحال من الجرأة على الله أنهم استغلوا موسم الحج لجمع الأموال باسم (فعل الخير) بينما استخدموا تلك الأموال في شراء الأسلحة والتجنيد وإعداد وتجهيز أدوات ووسائل تنفيذ الهجمات الإرهابية.. كذلك بقية العوامل المحفزة للإرهاب والمساعدة على تنفيذ العمليات الإرهابية لم تمتد إليها عملية مكافحة الإرهاب.. فالفتاوى تضخ وعملية الاتصال والتواصل مسكوت عنها.- إن عملية مكافحة الإرهاب في السعودية وكذلك في اليمن تركز على الحلقة الأخيرة في المنظومة التي تتكون منها العملية الإرهابية.. تركز على المنفذين للعمليات أو الذين تجهزوا للتنفيذ وهؤلاء هم أدوات وبعضهم مخدوعون أو جهلة.. بالطبع هذا لا يبرر أفعالهم ولا يعفيهم من المساءلة والعقاب.. لكن يجب إدراك أن هذه الحلقة الأخيرة مرتبطة بسلسلة حلقات تسبقها.. حلقة فكرية.. حلقة المستقطبين وحلقات التمويل والتدريب والتخطيط.نسمع مسؤولين في السعودية واليمن وهم يتحدثون عن انتصارات ضد الإرهاب .. وكل هذه الانتصارات تشير دائماً إلى المنفذين.. تم ضبط .. تم إفشال.. تم قتل.. تم كشف.. الخ. لكن لم يغلق مركز سلفي لتخريج المتطرفين.. لم يصلح التعليم.. لم تجفف مصادر التمويل.. وبالمناسبة لولا ملايين الريالات والمجوهرات التي ترسل من السعودية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب لكان هذا التنظيم اليوم قد فقد نصف فعاليته.