سفير جمهورية السودان الشقيقة بصنعاء لـ (14 أكتوبر ) :
حوار/ عارف محفوظ في مكتب بسيط ومتواضع التجهيز كتواضع صاحبه الجم وبساطته الواضحة والمتباهية .. وعلى مدى نحو (35) دقيقة من الحوار الهادئ والرصين الذي تجللته الكثير من سمات الوضوح والشفافية ، الصراحة الموضوعية .. التقت صحيفة (14 أكتوبر ) سعادة محمد آدم إسماعيل سفير جمهورية السودان الشقيقة بصنعاء وأجرت معه حديثاً صحفياً ضافياً كرسته بصورة أساسية لاستقراء وتقييم حاضر العلاقات الثنائية اليمنية - السودانية وآفاقها المستقبلية وكذا التعرف على أهم وأبرز الإنجازات التي تحققت في هذا البلد الشقيق خلال الأعوام والعقود القليلة الماضية بالإضافة إلى تناول عدد من القضايا والأمور الأخرى التي لا تقل شأناً وأهمية .. وفيما يأتي خلاصة الحوار.[c1]مناسبات عزيزة[/c] * الأخ السفير .. نشكركم _ سلفاً - على تجاوبكم معنا في إجراء هذا الحوار الصحفي متمنين لكم دوام التوفيق والنجاح في مهامك العملية.. ونود بداية استقراء انطباعاتكم الشخصية حول العلاقات التي تربط بين السودان واليمن .. ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ؟في البداية يطيب لي شخصياً أن أتوجه بالشكر الجزيل والأمتنان البالغ لإدارة صحيفة (14 أكتوبر) اليومية العدنية الغراء على إتاحة هذه الفرصة الطيبة أمامنا للحديث على إهتمامها بالعلاقات اليمنية السودانية عموماً آملين أن يستمر مثل هذا الإهتمام وهذا التواصل في المستقبل القريب من قبل كافة وسائل الإعلام والصحافة اليمنية بقنواتها وشبكاتها المعروفة والمختلفة ، المقروءة منها والمسموعة والمرئية وتسخير ذلك لخدمة مصالح وتطلعات الشعبين الشقيقين في السودان واليمن ولما من شأنه ترسيخ مناخات الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة ..وبهذه المناسبة العزيزة يسعدني جداً كذلك أن أنتهز احتفالات الشعب اليمني الشقيق بأعياد ثورته الخالدة (26 سبتمبر 62م و 14 أكتوبر 63م ) لكي أرفع بالأصالة عن نفسي وبالإنابة عن الشعب السوداني وحكومته الموقرة وقيادته السياسية والتاريخية بزعامة فخامة الرئيس الفريق الركن عمر حسن البشير خالص التهاني وأزكى التبريكات القلبية إلى الشعب اليمني الكريم وقيادته السياسية ممثلة بشخص فخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية داعين العلي القدير أن يعيد هذه المناسبة الغالية على شخص فخامة الرئيس علي عبد الله صالح بموفور الصحة والسعادة والعمر المديد وعلى اليمن الشقيق وشعبه الأصيل باضطراد التطور والتقدم والإنماء والرفعه في ظل قيادته الحكيمة والمخلصه ..[c1]مواقف أصيلة[/c] وأستطرد سفير السودان بصنعاء قائلاً ( قبل الإجابة والتعقيب على سؤالكم ، اسمحوا لنا كذلك هنا أن نعبر عن امتنانا الكبير وتثميننا الغالي للمواقف التضامنية الأصيلة لفخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية والشعب اليمني الشقيق وحرصهما الواضح والكبير على وحدة السودان واستقراره وسلامة أراضيه .. وفي الحقيقة هذه المواقف النبيلة والمشرفة ليست غريبة على شخص فخامة الرئيس علي عبد الله صالح صانع وحدة اليمن وباني نهضته الشاملة وقائد مسيرته السياسية والديمقراطية والتنموية المباركة ..كما أنها مواقف معهودة ومتوقعة أيضاً من الشعب اليمني العريق والمضياف الذي أكد تضامنه الحقيقي ووقوفه الصادق إلى جانب أشقائه في السودان الذين سيظلوا يبادلونه أسمى مشاعر الإحترام الكبير والتقدير البالغ والمودة الصادقة .[c1]علاقات متميزة[/c] وأردف سعادة محمد آدم إسماعيل الذي عين سفيراً ومفوضاً فوق العادة لحكومة السودان الشقيق لدى الجمهورية اليمنية في مطلع شهر سبتمبر 2006 م ، بقوله “ لا شك أن العلاقات اليمنية - السودانية ظلت عبر التاريخ الإنساني والحضاري الطويل علاقات ( أزلية ) رفيعة وأكثر رسوخاً وحميمية .. فمنذ ما قبل الميلاد كانت توجد اتصالات وعلاقات وروابط بين الممالك القديمة في البلدين الشقيقين مثل مملكة ( سبأ ) في اليمن وممالك ( مروى وكش ) في السودان وقد أستمر هذا التواصل التاريخي وبخاصة منذ ازدهار ميناء ( عيزات ) السوداني على البحر الأحمر والذي أصبح مركزاً تجارياً تلتقي فيه القوافل التجارية بين اليمن والهند وأوربا وقد كان للتجار اليمنيين دوراً بارزاً وكبيراً وقت ذلك في إزدهار تجارة البخور والتوابل وغيرها .. هذا التواصل أستمر أيضاً في التاريخ الحديث - كما تعرفون على شكل هجرات متبادلة لتجار اليمن الذين أقاموا في معظم الجوانب في العاصمة السودانية خلال الخمسينات والستينات . كما شهد اليمن الشقيق هجرة أعداد كبيرة من المعلمين السودانيين وحالياً يوجد جاليات كبيرة في كلا البلدين وهناك أيضاً تبادل ثقافي علاوة على وجود توافق كبير في الرؤى السياسية والاقتصادية اليمنية - السودانية إزاء الكثير من القضايا والأمور التي تهم البلدين الجارين .[c1]رعاية كريمة [/c]* الأخ السفير .. في ضوء إجابتكم السابقة .. كيف تقيمون حاضر العلاقات اليمنية - السودانية وآفاقها التطويرية اللاحقة ؟في الواقع العلاقات اليمنية السودانية يمكن أن تشهد تطوراً كبيراً وتنامياً واضحاً في الحاضر والمستقبل الاعتبارات عديدة ومختلفة أولها يكمن في تقديرنا في تقارب المزاج العام بين بلدينا وشعبينا الشقيقين في السودان واليمن ناهيك أيضاً عن وجود الكثير من صلات القربى والرحم ووشائج الترابط العائلي والتزاوج الاجتماعي ومعرفة خصوصية كل بلد للبلد الآخر .. كما أن المرتكزات الاقتصادية موجودة في اليمن والسودان بشكل كبير وهذه المرتكزات يمكن تسخيرها لمصلحة البلدين والشعبين الشقيقين.. وفي هذا السياق تحديداً نود أن نعبر كذلك عن ارتياحنا البالغ للتطور البارز والتنامي المشهود الذي تعيشه العلاقات الثنائية اليمنية السودانية في تاريخها الحديث والمعاصر وبخاصة عقب نجاح ثورة ( الإنقاذ) الوطنية المباركة في السودان التي قادها فخامة الرئيس الفريق الركن عمر حسن البشير في 30 حزيران (يونيو) 1989 وإعادة تحقيق الوحدة اليمنية الخالدة التي تحققت على يد فخامة الرئيس علي عبد الله صالح في 22 مايو 1990 م ولا شك أن تطور العلاقات اليمنية - السودانية يتجسد على أكثر من صعيد وناحية.. سواء من خلال عضوية البلدين الشقيقين السودان واليمن في تجمع صنعاء الإقليمي أو من خلال التنسيق والتشاور والزيارات المتبادلة بين كبار المسئولين في البلدين أو اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة اليمنية السودانية التي يترأسها وزيرا خارجية البلدين والتي تنعقد بصورة دورية في كل من صنعاء والخرطوم .[c1]نتائج مثمرة[/c]وأضاف السفير محمد آدم إسماعيل وهو من مواليد علم 1952 م بولاية (كردفان ) السودانية والحاصل على شهادة الإجازة الخاصة الماجستير من ولاية شمال الينوي الأمريكية عام 1981 م قائلاَ “ بكل تأكيد يعود الفضل إلى تطور العلاقات اليمنية السودانية إلى الإهتمام الكبير والرعاية الكريمة التي حظيت ولا تزال تحظى بها هذه العلاقات الحميمة والمتميزة من قبل قيادتي البلدين الشقيقين بزعامة فخامة الرئيسين علي عبد الله صالح وعمر حسن البشير .. وبصدد الحديث عن تطور علاقات بلدينا الشقيقين بصورة مباشرة فإننا نلفت الانتباه والعناية هنا إلى أن وفداَ من رجال المال والأعمال والمستثمرين الذين يمثلون القطاع الخاص في اليمن الشقيق قام مؤخراً بزيارة عمل للعاصمة السودانية ( الخرطوم ) استغرقت بضعة أيام واطلعوا خلالها على طبيعة المناخات والتسهيلات الاستثمارية الكبيرة والمشجعة في السودان .. وإذ نعبر هنا عن ارتياحنا للنتائج الطيبة والإيجابية التي تحققت في هذا السياق فإننا نؤكد بإن هذه الزيارة الناجحة والمهمة تعكس بدون شك حرص قيادتي البلدين الشقيقين ممثلة بالرئيسين علي عبدالله صالح وعمر حسن البشير ورغبتهما الواضحة والأكيدة في تطوير العلاقات اليمنية السودانية والدفع بها نحو آفاق رجيه من التعاون المثمر والشراكة الإيجابية .[c1]نقلة نوعية[/c]* أقر البرلمان السوداني مؤخراً مشروع قانون الانتخابات العامة الجديد في البلاد.. الأخ السفير . ما هي أهمية هذه الخطوة السياسية وكيف تنظرون إلى انعكاساتها الحقيقية على الأوضاع في السودان في الآجال القريبة والمتطورة ؟في الآونة الأخيرة ، وتحديداً في الثامن من شهر تموز (يوليو) المنصرم 2008 م .. وبعد نقاشات مستفيضة وبأغلبية مطلعة وكبيرة ، صادق المجلس الوطني السوداني ( البرلمان ) على مسودة قانون الانتخابات القومية في البلاد حيث صوت نحو (350) عضواً في المجلس لصالح مشروع القانون الذي كانت الحكومة قد قدمته إلى البرلمان في وقت سابق بينما أعترض (14) عضواً على المشروع وأمتنع عضوان آخران عن التصويت خلال الجلسة الثانية المخصصة لإجازة القانون وذلك بعد إدخال نحو (67) تعديلاً عليها منها (10) تعديلات وصفت بالجوهرية حيث سيمهد هذا القانون لإجراء الانتخابات العامة في السودان خلال الفترة من يناير - ابريل من العام المقبل 2009 م .. ونود الإشارة هنا إلى أن القانون الجديد بنص على إجراء انتخابات عامة في البلاد على ثلاثة مستويات في شمال السودان تشمل انتخابات رئاسة الجمهورية وانتخابات المجلس الوطني ( البرلمان ) وانتخابات المجالس التشريعية المحلية بينما يشارك الناخبون في إقليم جنوب السودان في هذه المستويات المذكورة مضافاً لها انتخابات رئيس حكومة الجنوب .. وعلى الرغم من أن الانتخابات ستكون - وفقاً للقانون الجديد - أو بالأحرى ستشمل (60%) دوائر جغرافية وانتخابات مباشرة ،فقد تم كذلك وللمرة الأولى اعتماد نظام التمثيل النسبي بنسبة (40%) حيث تم تخصيص نسبة (25%) من مقاعد البرلمان للنساء ونسبة (15%) قوائم حزبية .. وعموماً نستطيع القول في هذا السياق أن قانون الانتخابات القومية الجديد في السودان شكل بحق نقله نوعيه في الحياة السياسية والاجتماعية في البلاد وسيتيح معه مشاركة كبيرة وواسعة للمرأة السودانية والأحزاب الصغيرة وهو الأخير الذي سيقود إلى تحقيق استقرار كبير في السودان خلال الأعوام القليلة المقبلة .[c1]إنجازات كبيرة[/c]* سعادة السفير .. هل يمكن لنا من خلالكم الاطلاع والتعرف عن قرب على أهم وأبرز الانجازات التي حققتها ثورة ( الانقاذ) المباركة في بلدكم الشقيق وخاصة في الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية ... الخ ؟في الحقيقة أهم الإنجازات التي تحققت في السودان منذ نجاح ثورة الانقاذ المباركة بزعامة الرئيس عمر حسن البشير عام 1989 م قد شملت عدة جوانب منها السياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيرها .. ففي المجال السياسي حدث استقرار في السودان وتم التوصل للسلام الشامل ووضع حد للحرب والاقتتال بين الشمال والجنوب في السلطة والثروة .. وفي المجال الاقتصادي فأن أهم انجاز تمثل في استخراج النفط وإنشاء شبكة طرق واسعة ربطت أقاليم ومناطق السودان ببغضها البعض وربطت السودان كذلك بجيرانه .. ولا شك أن الاستقرار السياسي قد أدي بدوره إلى زيادة ثقة المستثمرين وشجعهم على الدخول في استثمارات كبيرة في السودان مما جعل البلاد تحتل المركز الثالث عربياً وأفريقيا في جذب رؤوس الأموال الخارجية حيث زادت الاستثمارات الأجنبية بنسبة (16) مرة في عام 2006 م .. كما سجل السودان معدلات نمو وصلت في السنوات الأخيرة إلى (18 %) ونتوقع أيضاً أن تتزايد نسبة النمو ودخول الاستثمارات ورؤوس الأموال إلى البلاد خلال العام الجاري 2008 م وبخاصة بعد دخول سد مروري الذي سيوفر مساحات شاسعة للزراعة وحوالي (1250) ميجا وات من الطاقة والتي تعتبر مطلباً أساسياً لأي تنمية زراعية أو صناعية .. الخ .. وقد شهد القطاع الصناعي في السودان خلال الأعوام الأخيرة تطوراً كبيراً وبالذات في صناعات الأدوية والسكر والصناعات المتوسطة والخفيفة .. أما في قطاع التعليم الجامعي فقد زاد عدد الجامعات السودانية حيث بلغت أكثر من (30) جامعة حكومية وخاصة.[c1]تجمع إيجابي[/c] * في مطلع عام 2002 م أعلن عن تأسيس تجمع صنعاء الإقليمي الذي يظم إلى جانب البلدين الشقيقين اليمن والسودان كلاً من الصومال الشقيقة وأثيوبيا الفيدرالية الصديقة .. الأخ السفير .. ما هي تصورات الحكومة السودانية ورؤاها لتطوير هذا التجمع الإقليمي وتعزيز دوره مستقبلاً في خدمة مصالح وتطلعات شعوب ودول التجمع والمنطقة عموماً؟بكل تأكيد تجمع صنعاء للتعاون والذي ينتظر أن تستضيف العاصمة السودانية الخرطوم أعمال اجتماعاته القادمة خلال العام الحالي 2008 م ، يشكل بحق نقلة نوعية ومتقدمة في العلاقات الإقليمية .. ليس هذا فحسب بل أن تجمع صنعاء يمثل أيضاً تجمعاً هاماً وإيجابياً وسعي قادة وزعماء الدول الأعضاء في هذا التجمع المتواضع لإرساء وتدعيم مناخات الأمن والتعاون والاستقرار والسلام في منطقة القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر التي كانت وستظل تضطلع بدور كبير وبارز في خدمة حركة الاقتصاد والتجارة العالمية والملاحة الدولية .. وعلاوة على أن بلدان تجمع صنعاء الإقليمي بوجه خاص ودول الإقليم عموماً تشترك بالكثير من المحددات التاريخية والحضارية والثقافية واللغوية والإثنية وغيرها ، فإنها قد اشتهرت أيضاً بالكثير من الصراعات والحروب المدمرة التي دارت رحاها في هذه المنطقة التي تعتبر من المناطق الإستراتيجية الحيوية والمهمة ليس على صعيد دول الإقليم والمنطقة فقط وإنما بالنسبة للعالم بأسرة .. في تصورنا أن تجمع صنعاء ما يزال في أطواره الأولى ويسعى قادة وزعماء ودول التجمع لبلورة الأهداف المنشودة على الأرض حتى تشعر شعوب وبلدان التجمع والمنطقة كافة بالأمن والاستقرار وتلتفت لتبادل المصالح الاقتصادية وتعمل على توطيد عرى التواصل والتعاون ولما فيه خير المنطقة وازدهارها ..[c1]اتفاقات ناجحة[/c] * منذ نحو عامين ونيف تقريباً وقعت الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان على اتفاقية نيفاشا لإحلال السلام في جنوب السودان . الأخ السفير .. كيف تنظرون إلى هذه الإتفاقية وما هو تقييمكم لنتائجها العملية لا سيما في ضوء إرهاصات أزمة أبييه الأخيرة وتداعياتها المؤسفة ؟لا شك أن اتفاق نيفاشا الموقع في يناير 2005 م قد وضع حداً للحرب بين شمال السودان وجنوبه وهذا أكبر إنجاز حيث أرسى هذا الاتفاق التبادل السلمي للسلطة وفتح المجال واسعاً للمشاركة السياسية وتكونت بموجبه حومة وحدة وطنية بها أكثر من (12) حزباً سياسياً .. ورغم ما يعترض الاتفاق من إشكاليات إلا أن هناك قناعة كبيرة لدى الجميع بضرورة الإنتصار لخيار السلام وعدم العودة للحرب مرة أخرى .. وفي تقديرنا أن التحدي الحقيقي الذي يواجه إتفاق (نيفاشا ) هو التنمية في كل السودان وبالأخص في الجنوب حتى يتمكن الأخوة في الجنوب البقاء في ظل السودان الواحد والموحد بدلاً من التصويت للإنفصال الذي كفلته لهم الإتفاقية ..[c1]تحديات كبيرة[/c]* في ظل إستمرار حالة غياب التعاون وانعدام الثقة التي تسود العلاقات بين بعض بلدان المنطقة وحكوماتها المختلفة .. وبينما لا تزال الأوضاع في العاصمة الصومالية مقديشو على حالها وتشهد مزيداَ من التعقيد والصعوبة، فقد ألقت عملية القرصنة الأخيرة في جنوب البحر الأحمر بظلالها السلبية وعواقبها المريبة.. الأخ السفير في ضوء ذلك كيف تقيمون علاقات السودان وروابطه الثنائية على الصعد الإقليمية والقومية عموماً ورؤى الحكومة السودانية لحل ومعالجة الأزمة الصومالية بصفة خاصة ؟فيما يتعلق بعلاقات السودان على الصعيد العربي فهي في واقع الأمر علاقات ممتازة وتزداد قوة كل يوم خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية .. الخ وبخصوص علاقات السودان مع جيرانه في منطقة القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر فهي في الأصل علاقات جيدة وهناك مشاريع مشتركة كالطرق والطاقة بين السودان والدول المجاورة حيث تم خلال هذه المشاريع خدمة المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة بين الجانبين ونود الإشارة هنا في هذا الجانب بأنه جرى مؤخراً افتتاح مشروع الطريق البري الذي يربط السودان بالجارة أثيوبيا ونأمل أن يسهم هذا المشروع الحيوي والهام في زيادة حجم ومستوى التعاون الاقتصادي والتجاري والسلعي بين البلدين لما شأنه خدمة تطلعات الشعبين الجارين في السودان وأثيوبيا الصديقة ..أما بالنسبة لعلاقتنا مع تشاد فإننا نأمل أن تعود هذه العلاقات التي مجاريها الطبيعية في القريب العاجل وذلك عبر عودة السفراء واستئناف نشاط البعثات الدبلوماسية في كل من الخرطوم ونجامينا..وفي تعقيبه على السؤال نفسه ، أضاف سعادة سفير السودان بصنعاء الذي عمل سفيراً لبلاده في ماليزيا الإسلامية بين أعوام 1999 - 2003 م يقول ( فيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال الأزمة الصومالية فإننا نؤكد هنا بأن حل مشكلة الصومال يقع على عاتق الصوماليين أنفسهم بالدرجة الأولى ولا شك أن نظرة السودان لحل الأزمة الصومالية المستديمة والمعقدة تتوافق مع نظرة العديد من دول المنطقة سواء في جامعة الدول العربية أم دول الإتحاد الأفريقي أو بلدان تجمع صنعاء الإقليمي .. الخ .. وفي تصورنا أن العامل الأهم والركيزة الأساسية لإعادة الأمن والاستقرار والسلام إلى ربوع هذا القطر الشقيق والمجاور الصومال الذي مزقته الحرب الأهلية إنما يكمن في التوافق القومي والحوار الوطني بين كافة مكونات المجتمع الصومالي حكومة ومعارضة على حد سواء وكذا اضطلاع جامعة الدول العربية بدور أكبر لإعانة الأشقاء الصوماليين وتقديم كل أشكال الدعم والمساعدة لهم خاصة في الجوانب المادية والإغاثة والإنسانية وغيرها .وبالنظر إلى أن استقرار الصومال الشقيق وعودة الاستقرار والسلام إلى ربوعه كان وسيظل يمثل بحق ركيزة مهمة للسلام الإقليمي ودعامة محورية لمنظمة الأمن القومي العربية فأننا نؤكد هنا كذلك بأن بلدان وشعوب منطقتنا ( منطقة القرن الإفريقي وجنوب البحر الأحمر ) أحوج ما تكون إلى الاستقرار والأمن والسلام والتنمية أكثر من حاجتها إلى الصراعات الدامية والحروب الخاسرة .[c1]مبادرات إيجابية[/c]* أصدرت البعثة الدبلوماسية السودانية بصنعاء مؤخراً مذكرة تفسيريه وتنويريه حول محكمة الجنايات الدولية واختصاصاتها الرئيسية .. الأخ السفير .. ما هي مضامين وجوهر هذه المذكرة ؟ .. ثم ماذا بشأن المبادرات والجهود الإقليمية والدولية المبذولة حالياً لإحلال السلام في دارفور ؟في الواقع نقدر عالياً كل الجهود والمساعي الطيبة والخيرة لإحلال السلام في دارفور وبخاصة المبادرة الكريمة لدولة قطر الشقيقة ممثلة بالجهود الكبيرة التي يبذلها حالياً السيد أحمد بن عبد الله المحمود وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية بهدف إحلال السلام في الإقليم .. وفي الوقت الذي نسجل ارتياحنا لمجمل المواقف والمبادرات الإيجابية والمشرفة المبذولة من قبل الإتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ، فإننا في نفس الوقت نعبر كذلك عن تقديرنا العالي للنتائج الإيجابية والمتقدمة التي تمخضت عن أعمال الاجتماع الطارئ لوزراء العدل العرب الذي عقد بالقاهرة الأسبوع المنصرم .. وهذه النتائج المهمة لم تجسد تضامن الأشقاء العرب مع السودان وقيادته السياسية فقط وإنما مثلث أيضاً رداً عملياً على مجمل المزاعم والتلفيقات الواهية والسخيفة التي أطلقها في الآونة الأخيرة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ( أوكامبو) والتي تندرج في إطار الابتزاز السياسي والاستهدافات الرخيصة علاوة على كونها إشارات كذلك - أي نتائج ومقررات وزراء العدل العرب _ أن الأمة العربية والإسلامية كانت ترى في إنشاء محكمة الجنايات الدولية نصيراً حقيقياً في الإنتصار للقيم والحقوق الإنسانية وتجسيد العدالة الدولية وليست سيفاً متسلطاً على رقاب الدول الفقيرة والضعيفة وتكريس نزعات الاستعلاء والاستكبار والترهيب والتهديد والقوة ..وبالنسبة للشق الأول المذكرة التفسيرية للسفارة فأنها أوضحت أن أهم بنود معاهدة فينيا للاتفاقيات الدولية والتي وقعت عليها معظم دول العالم يشير إلى عدم سريان أي اتفاقية دولية على دولة ما بعينها ما لم تصادق هذه الدولة على تلك الاتفاقية وبالتالي تعتبر محاولات الضغط على السودان للتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية رغم عدم مصادقته على نظامها الأساسي تعتبر مخالفة صريحة لمعاهدة فيينا التي تنظم الاتفاقيات الدولية .. كما أوضحت المذكرة كذلك أن أحد أهم البنود الأساسية للمحكمة الجنائية الدولية يشير أيضاً إلى أن المحكمة ذاتها لا تنعقد أو بالأحرى لا تنظر في جرائم تتم في دولة ما إلا إذا عجز قضاءها الوطني من القيام بواجباته أو في حالة انهيار هذه الدولة وهما حالتان لم تتحققان في السودان حيث من المعروف أن السودان من أكفئ وأنزه المؤسسات والأجهزة القضائية والعدلية والقانونية على الأصعدة كافة ، الإقليمية منها والعربية والعالمية .. ليس هذا فحسب .. بل أن القضاة والقانونيين السودانيين كانوا بحق بمثابة الدعامة الحقيقية التي أسهمت في إعداد وتأسيس الكثير من الدساتير والهيئات القضائية في عدد من الدول العربية الشقيقة.. كما أن السودان يمتلك أعرق كليات القانون التي أنشئت في المنطقة العربية والأفريقية ..[c1]ضغوط مفتوحة[/c] * سعادة السفير .. سؤالنا الأخير يتعلق بتقييمكم لطبيعة الضغوط الخارجية (الأوروبية_ الأمريكية ) المتزايدة والمعروفة التي يواجهها بلدكم الشقيق منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي بصورة عامة واتهامات محكمة الجنايات الدولية ومزاعمها الأخيرة بشأن ارتكاب مسؤلين سودانيين كبار لجرائم حرب وأعمال إبادة بصفة خاصة ؟في واقع الحال الضغوط الخارجية على السودان ليست بجديدة وبعضها يتم لخدمة أهداف خارجية بعيدة كل البعد عن خدمة مصالح السودان وقد يكون وراءها خدمة مصالح تلك الدول التي تسعى للحصول عل حصة معينة من خيرات السودان الكثيرة والوفيرة.. فالتنافس العالمي حول مصادر الطاقة والمياه والغذاء أصبح معلوماً للجميع وبعض الدول رسمت سياساتها الخارجية بما تمليه مصالحها المعروفة فإذا حققت هذه الدول مصالحها في بلد ما صار صديقاً لها وإلا فهو عدو لها على اقل تقدير ..[c1]حصار جائر [/c]ومضى سعادة السفير محمد آدم إسماعيل إلى القول في هذا الجانب أن انجازات السلام الشامل واكتشاف النفط وبناء مشروع خزان مروى فضلاً عن استصلاح مساحات شاسعة للزراعة وخاصة زراعة القمح ومحاصيل أخرى .. أي بمعنى آخر أن كل هذه الانجازات الكبيرة تحققت في ربوع السودان رغم الضغوط الخارجية وأشكال المقاطعة الظالمة والحصار الاقتصادي الجائر الذي وصل إلى حد تأليب الجيران واستمرار محاولات تفويض أمن واستقرار السودان والنيل من استقلاله وسيادته ووحدة أراضيه .. وكما تعلمون أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة بدءاً بالرئيس الديمقراطي السابق بيل كلينتون وانتهاءً بالرئيس الجمهوري الحالي جورج بوش الابن قد واصلت سياساتها العدائية الفجه ونهجها العدائي المفضوح ضد السودان بما في ذلك عدوانها الإجرامي الواقح والسافر على مصنع الشفاء للأدوية في الخرطوم عام 1998م .[c1]مزاعم واهية[/c] وخلص سفير السودان بصنعاء في ختام حديثه للصحيفة قائلاً فيما يخص المزاعم والتلفيقات الواهية والسخيفة للمدعي العام بمحكمة الجنايات الدولية ضد القيادة السياسية السودانية التاريخية بزعامة فخامة الرئيس الفريق الركن عمر حسن البشير لا تغدو كونها مجرد مزاعم باطلة وأكاذيب ملفقة ومعروفة للجميع وتصب كذلك في سياق الحملات الهستيرية المحجومة والمسعورة الموجهة ضد السودان شعباً وقيادة وحكومة منذ وقت طويل .. مع العلم أن السودان لم يوقع على ميثاق محكمة الجنايات الدولية وليس عضواً في هذه المحكمة التي أنشئت حديثاً لأهداف معروفة وواضحة .. ومع تأكيدنا هنا بأن واشنطن لم توقع أو تقر بميثاق المحكمة الجنائية الدولية ذاتها إلا أن الإدرات الأمريكية المعروفة والمختلفة ارتكبت ولا تزال ترتكب مخالفات جسيمة وانتهاكات صارخة بحق القانون الدولي سواء في العراق أم أفغانستان كما إن ربيبتها المدللة إسرائيل ترتكب هي الأخرى جرائم فظيعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وان الجرائم النكراء التي يرتكبها الأمريكيون وحلفاؤهم الصهاينة هي التي تهدد الأمن والاستقرار الدوليين أكثر من مزاعمهم الملفقة إزاء ما يجري في إقليم دارفور خاصة أن الحكومة السودانية قبلت التعاون مع الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي وهناك قوات موجودة على الأرض كثمرة لهذا التعاون .. كما أن السودان يتطلع إلى إجراء الانتخابات العامة في مطلع العام القادم لذلك فان قرارات المحكمة الجنائية الدولية ومزاعمها الأخيرة تهدف بصورة أساسية إلى عرقلة مساعي السلام وإعاقة التحولات الديمقراطية والتنموية المرتقبة في السودان.