لا أتصور مجتمعاً بلا سياسة ولا سياسة بلا سياسيين.. ولا سياسيين بلا حوار.. فإذا كان السياسيون في بلادنا ومجتمعنا هم جنس آخر، بخلاف العادة والطبيعة فإن المسألة تشق على احتمال أو تحمل تبعات وآثام هذا النوع من “اللاعبين” وبالتالي لابد من إعادة التفكير في عمل آخر، يحتمل التمرد على قاعدة الحوار وقانون السياسة.ما فائدة سياسة بلا تحاور؟ ومافائدة سياسيين بلا قدرات حوارية من أي نوع؟ وأخيراً ما فائدة حوار بلا عقل أو تعقل أو تواصل مع الآخرين؟!كل مالدينا من حالات وتجارب –مستمرة- توثق لأناس يقولون أنهم يؤمنون بالحوار، وأنهم يذوبون حباً وغراماً في الحوار، وأنهم “غير قادرين” أن يعيشوا من دون حوار وتفاهم. هذا ما يقولونه أو يقال لنا ولكم باستمرار.والواقع غير ذلك وغير ماقيل ويقال. فلا وقائع تزكي. ولا واقع يشهد وكل ما يحدث ويستمر في الحدوث هو أنهم يقولون ولا يفعلون أو يفعلون بخلاف مايقولون، وقد “كبر عند الله مقتاً”.ليس الخوف من الأزمات- مفتعلة أو غير مفتعلة- ولامن الاحتقانات- تلقائية أو مصطنعة- ولامن القضايا- محقة أو غير محقة- كل ذلك يظل محتملاً ووارداً.والخوف كل الخوف من أزمات بلا حلول، ومن احتقانات بلا حقن تهدئة وكبح، ومن قضايا تمتد وتتشعب دون قدرة على مواجهتها، حسماً أو حلاً أو حواراً أو تفاهماً وتوافقاً من أي نوع المهم أن لانسمح بالتفاقم طالما أمكن تحجيمه والحد من تبعات تراكمه وتشعب حواشيه.على السياسيين- من كل جهة وجبهة وواجهة- مواجهة مسؤولياتهم الثمينة بقدر من المسؤولية والحرص والحذر من عدمها أو التفريط بهما. ولا تحتمل الحالة أي نوع من التفريط بالواجب والعقل، أو إفراط في مجانبة الصواب أو مجافاة المسؤولية الأخلاقية والأدبية والوطنية المتماثلة أمام المشتغلين بالشأن العام وشؤونه الخاصة والأخص.إنها ليست لعبة قمار. ولا مقامرة. ولاتحتمل المغامرات. البلاد تحتاج إلى من يقدرها ويقدر حاجياتها المرحلية، الآنية والمنتظرة، ولن يحصل شيء مفيد طالما انصرف فرقاء الأحزاب والسياسة إلى حاجياتهم هم، ويصرفوا بناء على هذا الأساس. لتخسر البلاد ضمانات التعددية والشراكة والحرية المسئولة.-نحن المجتمع- بعنايتها وحرصها ولو من باب التذكر أو الذكرى.. “ورب ذكرى قربت من نزحا”.أين يذهب الفرقاء- في الضفتين والحالتين والجهتين- بالبلاد؟ وأين يريدون الوصول وحط رحال الأزمات والتأزمات التي لاعقال لها ولا عقل؟!ومتى يلتفت هؤلاء وأولئك إلى المواطن والناس والسكان وما يعنونه ويشكون منه ويبحثون عنه؟!متى نحصل على التنمية المرجوة، والشواغل كلها تدفع باتجاه آخر يعمل ضد التنمية وظروفها وشروط عملها وتحققها؟!الذين يبكون مع الرعية ويتباكون لأجل الكادحين أليسوا أعقل أو أعدل من أن يتحول الشأن إلى شعار وعنوان متاجرة تجهز على أمل الرعية ومستقبل الكادحين؟ودعونا نفتش عن أنفسنا بعيداً عن الحرائق والأحقاد..دعونا نعيش هداكم الله.
أخبار متعلقة