بُرج بابل وُجِدَ في أراضي الهلال الخصيب، وقد بُني على شكل هرمي تلتف حوله المصاطب. وهذا البناء المعماري الحلزوني يسمى زقورة. ويتكون من سبعة أدوار بالإضافة إلى معبد صغير في قمته. واسمه البابلي إتيمن إنكي وتعني هذه الكلمة بيت أساس الجنة والأرض. وكلمة بابل هي الاسم العبري الذي أُطلق على البابليين. وتعني كلمة البابليين في اللغة البابلية باب الرب.لا يَعرف العلماء الشيء الكثير عن هذا البرج. لكن قصة البناء وردت في الكتاب المقدس، الإصحاح الأول 1:11-9. وعلى حد قول الرواية ـ وحسب الاعتقاد ـ يقال إن أحفاد نوح عليه السلام، استقروا في جنوب الهلال الخصيب بعد الطوفان، ثم بدأوا ببناء مدينة كبيرة، تشتمل على برج يصل إلى الجنة ولكن الرب لم يشأ للمدينة أن تكتمل، فجعل البنائين يتكلمون لغات مختلفة وعندما تعطلت وسائل المفاهمة بينهم توقفوا عن البناء وانتشروا في أرجاء الأرض. واعتمد اليهود القدماء على هذه الرواية لشرح أصل اللغات الإنسانية.هذا الكلام دونه أحبار اليهود في القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد. وقال بعض المؤرخين إنه يعود في الأصل إلى السومريين الذين نزلوا وعاشوا في منطقة بابل، إذ أن النص خلط ووصل بين اسم المدينة بابل والبلبلة وجذرها العبري “ببل” الذي يعني التشويش أو الخلط. في الحقيقة أن بابل تتألف من كلمتين أكاديتين: باب- إيلو ومعناها “باب الله” أو “باب الآلهة”. وعليه فإن المؤرخين والآثاريين يجمعون اليوم على أن ما جاء في سفر التكوين كان منطلقه خرائب أحد الأبراج الضخمة التي يسميها الآثاريون “الزقورات” وأن برج بابل لم يكن إلا الزقورة المقامة في بابل في قلب أرض شنعار.يرد ذكر الزقورات كثيراً في الأدب البابلي. وأقدم الإشارات المنقوشة حول هذا الموضوع تعود إلى غوديا، ملك لكش الذي عاش في القرن الثاني والعشرين قبل الميلاد في جنوب وادي الرافدين على مسافة قريبة من مدينة أور. وتشير هذه المنقوشات إلى “أي-با”، الهيكل ذي الطوابق السبعة الذي أقامه الملك غوديا لإله المدينة “ننغورسو”.أشاد عدد من ملوك تلك الأرض مباني مشابهة ونقشوا عليها عبارات فيها الكثير من التفاخر والتباهي ، وفي متحف اللوفر بباريس لوح يتكلم عن إيتيم أنانكي، وهو اللوح المعروف باسم “لوح إيساغيل”. وقد كتب اللوح في مدينة أورك المذكورة في سفر التكوين باسم إيريخ. ويقول اللوح إن برج بابل أي إيتيم أنانكي كان ينهض على قاعدة مربعة طول ضلعها 295 قدماً ويرتفع في طوابق سبعة إلى 295 قدماً. استمر البحث الآثاري في وادي الرافدين أكثر من قرن بين أواخر القرن التاسع عشر والقرن العشرين بحثاً عن زقورات. وقد أدت هذه الأبحاث إلى أن كل مدينة هناك كان لها في الغالب أكثر من زقورة واحدة. وأثبتت اللوائح الجديدة التي وضعها الباحثون عن وجود 33 برجاً مقدساً في 27 مدينة مختلفة. ولا بد أن المجموع كان أكبر لأن القوائم القديمة تتحدث عن زقورات في مدن لم ينقب عنها بعد. وفي أواخرالقرن العشرين نشر المستشرق الألماني “أي أونجر” دراسة عن برج بابل رآى فيها أن ثمة ثلاثة أنماط من الزقورات يمكن تمييزها: 1 - النمط المستطيل وأكثره في الجنوب في مدن مثل أور، أورك، نيبور. 2 - النمط المربع في الشمال في مدن مثل آشور وكالح “نمرود” وننورتا وتوكولتي.3 - النمط المندمج القائم على قاعدة مربعة وهو النمط الذي كان منتشراً في الشمال.