محمد سعد عبدالله
[c1]* شكل الفنان محمد سعد عبدالله بنتاجاتة الابداعية الذاكرة الفنية والمؤشر الحقيقي الصادق النابض المعبر عن كل ملاحم الشعب اليمني النضالية والبطولية معجم الغناء اليمني بفن الأصالة والمعاصرة [/c]محمد سعد عبدالله (الفنان الشامل) صاحب التجربة الغنائية الموسيقية (الاستثنائية) والمتميزة في مسار تاريخ الغناء اليمني المعاصر.فنان استطاع ان يتفرد بعطاءاته ونتاجاته الابداعية التي قدمها في مشواره الفني الزاخر والحافل بالتألق فأمتع وأسعد عشاق فنه ومحبيه من المستمعين المتذوقين للغناء والطرب الأصيل في داخل الوطن وخارجه، ليؤسس مدرسة غنائية موسيقية (مستقلة) استوعبت وأجادت ببراعة وإتقان كل أنماط وأشكال الموروث الغنائي اليمني الهائل والضخم، بل أنه تجاوز ذلك باشتغالاته المبتكرة بالتعاطي والتعامل بأدواته الغنائية الموسيقية مع (الحداثة والتجديد) في الغناء اليمني ويمكنني القول أن الفنان الكبير محمد سعد عبدالله استطاع ان يصبح (معجم الغناء اليمني بفن الأصالة والمعاصرة).لذلك أجدني في كل عام وكلما مرت علينا ذكرى ميلاده أو رحيله أختار شقاً وجزءً مهماً ومحوراً جديداً من تجربته الغنائية الموسيقية ثرية المعالم والدلالات وفي هذا السياق سنعرج بشكل موجز ومقتضب على أهم الانجازات الغنائية الموسيقية في مشواره الطويل ثم نتناول ونستعرض خمسة محاور مهمة حفلت بها تجربته الفنية تباعاً.** قدم الفنان محمد سعد عبدالله كل ألوان الغناء اليمني : الصنعاني / اليافعي / العدني / الحضرمي / اللحجي بإجادة وبراعة واقتدار (شاعراً وملحناً ومؤدياً من الطراز الأول).** قام في بداياته الاولى بتسجيل وتوثيق أغنيات خالدة قدمها لمجموعة من كبار شعراء اليمن منهم الاساتذة : يوسف مهيوب سلطان / محمد سعيد جرادة / لطفي جعفر أمان / إدريس حنبلة / علي أمان / علي عوض المغلس وآخرين حفرت في ذاكرة ووجدان وذائقة المستمع اليمني والعربي إضافة للنصوص الغنائية الجميلة التي صاغها لنفسه كل هذه الاعمال المتميزة الاصيلة لم نعد نستمع اليها في اجهزة الإعلام اليمنية المختلفة منذ زمن طويل منها على سبيل المثال الاغاني التالية : بنور جمالك/ موشح يا ساري البرق / من الهوى يا زين / يا ظبي من شمسان / سل فؤادي الحزين / ليش هذا الهجر / لما متى ما يستمع لي ما يجيب / يا خاين .. يا خائن / ماله كدا طبعك / أنا وقلبي / قولي ليش الجفا وغيرها من روائع الغناء اليمني.** ساهم بن سعد بفعالية في تأسيس وابراز ملامح وهوية قوام وبنيان (الغناء التجديدي الحديث) ومن ابرز اعماله التي قدمها على سبيل المثال لا الحصر هاجري حبه / محلا السمر جنبك / أنا ما طيف / ردو حبيبي وروحي / بنور جمالك / جدد ايام الصفا / سلام لله يا قاسي / سلام كبير / سل فؤادي الحزين / أنا أقدر أنساك / نظرة / كلمة ولو جبر خاطر / يا طير ياذا المعلي / أعز الناس..** تناول العديد من القوالب والأشكال الغنائية الموسيقية في أعماله ونتاجاته الابداعية منها : الاغنية الو طنية ، الاغنية العاطفية، الاغنية الرمزية ، الاغنية الموضوعية .. وغيرها من الاشتغالات الجادة ذات الرؤى الإبداعية والإنسانية التي تعالج قضايا المجتمع وتبرز همومه وتطلعاته فترجم ذلك ألحاناً رائعة وقصائد غنائية خالدة.كان الفنان الخلاق المبدع محمد سعد عبدالله (المؤشر الحقيقي والمقياس النابض الصادق) لكل ملاحم الشعب اليمني النضالية والبطولية فقد استطاع ان يجسد ويعبر عن كل تلك الارهاصات والانفعالات بصور فنية مختلفة وهاجس إبداعي راقٍ رصد به ووثق تاريخ أمته وشعبه ووفق بنجاح منقطع النظير في أن (يوقف دوران عجلة الزمان والمكان بلحظة إبداعية صادقة خالصة منحها وأعطاها من روحه الديمومة والخلود لتبقى راسخة في سجلات تاريخ الوطن وذاكرته الأبدية).فمن منا لايتذكر روائعه الشاهدة على الاحداث والأزمنة المتعاقبة : قال بن سعد، أنا شعبي ثائر، يا بلاد الثائرين، وحدويين، يوم عشرين، مطالب شعب، بايذوق البرد من ضيع دفاه، مسيكين الجمل يعصر.وفي الواقع إن ولاء وإنتماء بن سعد لم يكن في وقت من الأوقات إلا لأرضه ولشعبه فهو في شموخه وعطاءاته كان وسيظل ملكاً متوجاً على كل القلوب.** تعاون بن سعد فنيا ً - كشاعر غنائي - مع قطبي الغناء اليمني الموسيقار أحمد بن أحمد قاسم وفنان الشعب محمد مرشد ناجي فأثمر اللقاء عملين رائعين من الحانهما الأول بعنوان (كلما تخطر ببالي) والآخر (قائد الجيش البريطاني) كما قدم للمبدع محمد صالح عزاني كلمات أغنية (فين التقينا) التي قام بتلحينها فيصل عبدالعزيز وللفنان عصام خليدي قدم النصوص التالية : (فل نيسان)، (حادي العيس)، (مطالب شعب) وسجلت بألحان الخليدي، كذلك قدم من كلماته وألحانه للفنانين سعيد أحمد بن أحمد أغنية (خاف الله) وأحمد يوسف الزبيدي أغنية (حنين إلى الوطن) بالاضافة للعملين الرائعين اللذين قدمهما للفنانة العربية هيام يونس (ساكن وسط قلبي) واغنية (الدلع) وقدم العديد من القصائد والألحان لفنانين آخرين.** استخدم العديد والكثير من المقامات العربية الشرقية والغربية في أعماله الغنائية منها على سبيل المثال مقام الكرد / مقام البيات / مقام العجم / مقام النهوند/ مقام الحجاز كاركورد / مقام الراست بدرجاته الدو، الفا، الصول بالاضافة لتعاطيه كثير من الايقاعات اليمنية والعربية وإيقاعات أمريكا اللاتينية مثل : الرومبا / القالص / السامبا وغيرها.[c1]المحاور الغنائية الموسيقية الخمسة في تجربة بن سعد[/c]أولاً : امتلك الفنان المبدع محمد سعد عبدالله صوتاً دافئاً ذائعاً مشحوناً بالعُرب والحليات الصوتية المتفردة ممزوجا بالشجن والرقة والعمق بالعاطفة الجياشة المتدفقة وأستطاع بما حباه الله من طبقات صوتية قوية متباعدة ومتناغمة وخامة عريضة (مطواعة) أن يجيد باقتدار ومهارة أداء كل ألوان الغناء اليمني والعربي بشكل أخاذ مبهر مقنع لكل الأذواق بل أنه أستطاع في كل لون يغنيه أن يصبح واحداً من مشائخه وأساطينه البارزين.ثانياً : نجح الفنان المتألق محمد سعد عبدالله بتفوق وبأمتياز بتقديم الموشح اليمني (الأغنية الصنعانية) مع الفرق الموسيقية الأوركسترالية العربية دون أن يفقدها مذاقها وملامحها وخصائصها الفنية والتاريخية بل أنه يعد أكثر الفنانين اليمنيين أمانة وإتقان وحرفية في تنفيذ وتقديم وأداء الموشح اليمني بخصوصيته وبمقاماته وأوزانه وإيقاعاته المتفردة بشكل منهاجي علمي متطور ومتقدم محلياً وعربياً فمن منا لم يستمع ويستمتع بأعماله التراثية الخالدة التي قدمها مع الفرق الموسيقية المحلية والعربية على سبيل المثال: يقرب الله، حوى الغنج، أمير الغيد، وسط صنعاء، غزال البيد، وجدير بالاشارة أن بعض هذه الاعمال كتبها نصاً وقام بتلحينها بنفسه ليجعلها إرثاً فنياً يمنياً.ثالثاً : يعتبر الفنان القدير محمد سعد عبدالله من أشهر وأفضل عازفي (آلة العود) المجيدين والمتمكنين فقد اتسم أسلوبه في العزف بتكتيك فني عالي المستوى وتفردت ريشته برشاقتها وسرعتها بالإضافة الى قيامها بمهمة ودور الإيقاعات أثناء عزفه على العود.رابعاً : أستطاع أن يقدم ألحاناً جديدة تميزت بثراء وعمق وأصالة وتطور تجربته الغنائية الموسيقية وشكلت بتطورها الغنائي الموسيقي تراكماً إبداعياً خلاقاً ضافت لرصيده الإبداعي الضخم، الذي ظل سريانه متدفقاً متميزاً متوهجاً بالعطاءات الرائعة والمتألقة حتى آخر رمق في حياته إلى أن توفاه الله بمعنى إن بن سعد لم يتوقف عطاؤه في الخمسينات والستينات من العصر الذهبي للأغنية اليمنية كبقية أو بعض من جايلوه وجاءوا من بعده بل على العكس قدم أعمالاً كبيرة مهمة في فترة السبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.وظل مبدعاً وقادراً متميزاً كعادته في نتاجاته الفنية الأخيرة التي قدمها ولم تسلط عليها الأضواء إعلامياً كما يجب وينبغي وأجزم أنه في بعض الحالات تفوق بها على ذاته إبداعاً وخبرة وحنكة.ولعلنا نتذكر هذه الأعمال الرائعة : جوال، على كيفك، ليش أستويت حساس، إيش همني، وعد الحر دين، وحدويين، السر مكنون، خلاص حسك تقولي روح، ياللي ماتسأل علينا، تجيني، من زمان أشتي أقولك، إيش صار بينك وبيني.اللافت أنه عند قراءاتنا الموسيقية لأعمال الفنان العملاق محمد سعد عبدالله نكتشف مواطن كثيرة للجمال والفن الأصيل ونحن حتى هذه اللحظة لانزال متطلعين عاشقين شغفين لقراءات متعددة في عوالمه الساحرة التي لاتزال (بكراً) تنتظر من يكتشف خباياها وكنوزها التي لاتقدر بثمن.خامساً : نسب الايقاع الشرحي 8/6 الثقيل والمتميز ببعض ضغوطاته الى مدرسة الفنان محمد سعد عبدالله بسبب براعته في استخدامه بألحانه وعرف وسمي فنياً بالإيقاع ( السعداوي).[c1]كلمة لابد منها : [/c]ماذا صنعت الجهات الرسمية المعنية لمبدعينا العظماء أمثاله الذين خدموا الوطن وقدموا عصارة عمرهم وجل أفكارهم ليشيدوا صرح بنيان الثقافة اليمنية؟