أضواء
رجا ساير المطيريرحمك الله يا علي الوردي فلم يأت بعدك مفكر يصف المجتمع العربي كما وصفته أنت في مؤلفاتك العظيمة التي شرحت فيها علل الشخصية «العراقية - العربية» وأكدت أن علتنا الكبرى هي سيطرة الفكر القَبَلي على أحكامنا وتصرفاتنا حتى أنك قلت في كتاب «مهزلة العقل البشري» وفي «أسطورة الأدب الرفيع» أن المذاهب الدينية في العراق قد تأثرت بالعقلية القبلية وبات كل منتم لمذهب من المذاهب ينتصر لأصحابه كما ينتصر أبناء القبيلة لبعضهم البعض ظالمين كانوا أم مظلومين. وليتك يا أستاذ علي تتمكن من المجيء إلى زماننا حتى ترى التناقض والازدواجية التي نرتع فيها والتي لا يمكن تفسيرها إلا بأن فكر رجل القبيلة قد سيطر على أبناء المدينة حتى ضاع الحق وأصبح كل واحد منا يتعامل مع غيره وفق المبدأ القبلي الصارم: هل هذا من قبيلتي (الفكرية/العرقية/الدينية) أم لا؟. إذا كان لا فهو مخطئ وظالم والويل له مني -حتى وإن كنت في قرارة نفسي مقتنعاً بصواب موقفه. وكي لا تزيد حيرتك أيها المفكر العظيم وأنت من حل أصعب المشكلات سأحكي لك هذه الحكاية: لقد دخلت قبل سنوات في نقاش مع مجموعة من الزملاء أثبتوا لي خلالها أن الفن منبوذ وأن التمثيل لا يجوز لأنه نوع من أنواع الكذب وتدخل فيه الغيبة والهزء والسخرية، وقد اقتنعت بوجهة نظرهم وآمنت بها، ثم ازداد إيماني لما سمعت أحد علمائنا الأجلاء يؤكد عدم جواز التمثيل لأنه - ولنفس الحجة - نوع من أنواع الكذب. ومن هنا بدأتُ في محاربة كل من يعمل في مهنة التمثيل وقد عانى عبدالله السدحان وناصر القصبي مني ومن غيري الذين آمنوا بأن التمثيل - مجرد التمثيل - لا يجوز. وبعد هذه السنوات وجدتُ نفسي أمام مواقف جديدة أربكتني تماماً إذ انقلب من كانوا يجرمون التمثيل وأصبحوا ممثلين محترفين ونجوماً لامعين يصورون الأفلام ويكذب -عفواً - يمثلون في الكليبات والأدهى من ذلك أنهم وجدوا المباركة من نفس العلماء دون أن يتحدث أحد عن موقفهم السابق من فكرة التمثيل ومن فكرة الفن وما الذي تغير فيها؟. ألم تعد نوعاً من الكذب؟. أريد أن أفهم يا علي!.[c1]* عن/ صحيفة «الوطن» السعودية[/c]