متزامنة مع مصفوفة الإصلاحات الأخيرة..
قالت مصادر في هيئة التفتيش القضائي إنه سيتم في غضون الثلاثة الأسابيع القادمة تنفيذ حملة شاملة بالتنسيق مع الجهات المركزية والمحلية في مختلف محافظات الجمهورية لتنفيذ جميع الأحكام القضائية المتعثرة. وأوضحت المصادرفي تصريح نشره موقع "المؤتمرنت" أن هذه الخطوة تأتي بناءً على دراسة الهيئة لتقارير نتائج الدورة الثانية للتفتيش القضائي والميداني والتي نفذتها في نوفمبر الماضي، ولمدة شهر وشملت نحو 125 محكمة ابتدائية و(20) محكمة استئنافية وتم فيها تقييم أداء القضاة في هذه المحاكم والتحقيق في كافة شكوى المواطنين ومستوى الإنجاز والانضباط وضبط المخالفات والتجاوزات وحصر القضايا المتعثرة ودراستها.وأكدت المصادر أن الهيئة تعد حالياً تصوراً كاملاً لنتائج دراستها للتقارير التي تتضمن المحاور التي تم التفتيش عليها ميدانياً مشفوعا بالتوصيات ليتسنى لوزارة العدل اتخاذ القرارات المناسبة لمعالجة الاختلالات ومكافحة الفساد داخل أجهزة القضاء.وكانت الدورة الأولى للتفتيش القضائي على كافة محاكم الجمهورية مطلع العام الماضي ولمدة 3 أسابيع كشفت عن العديد من التجاوزات التي صاحبت أداء تلك المحاكم بعد فحص ملفات العديد من القضايا والتي مثلت المخالفات المضبوطة فيها أسباباً كافية لإحالة العديد من القضاة وأعضاء النيابات للمجلس التأديبي ومن ثم عزلهم.وشهد مجلس القضاء الأعلى في جلسته الأسبوع الماضي رفع الحصانة القضائية عن عددٍ من القضاة وأعضاء النيابة والذين ثبت تورطهم في مخالفة القوانين والأنظمة والنكوص عن الأمانة التي تحملوا مسؤوليتها وهو ما اعتبرته مصادر قضائية بأنه خطوة غير مسبوقة يتخذها مجلس القضاء الأعلى انعكاسا لطبيعة الإصلاح الشامل الذي جعل مهمة النهوض بمؤسسات القضاء أحد موجهاته الرئيسية لكون ذلك الإجراء يمهد للتحقيق معهم وإحالتهم قضائيا للمحاكمة لمحاسبتهم واتخاذ العقوبات بحقهم في إطار مكافحة الفساد داخل أجهزة القضاء بعكس ماكان يتم من قبل وهو إحالة القضاة الذين يثبت ارتكابهم للمخالفات إلى المجلس التأديبي ومن ثم اتخاذ مجلس القضاء الأعلى قرارات بعزلهم كما حدث نهاية ديسمبر2004م حين تم عزل نحو (20) قاضياً.وتتزامن تلك الخطوات التي تتم داخل القضاء مع توجيهات القيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية-رئيس المؤتمر الشعبي العام- والقاضية بإسراع تنفيذ الحكومة لمصفوفة الإصلاحات السياسية والتشريعية القضائية والمالية التي أقرها المؤتمر العام السابع للمؤتمر الشعبي العام في نهاية العام الماضي في إطار تحقيق الإصلاح الشامل وفقاً لبرنامج الزمن الذي أعد لتنفيذها والذي يبدأ من يناير وينتهي في يوليو القادم.حيث شهد الأسبوع الماضي أصدر فخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية توجيهات للبدء بتشكيل اللجنة العليا الفنية المستقلة للمناقصات في رسالة إلى الحكومة حدد فيها الشروط الواجب توافرها لدى أعضاء اللجنة وهي أن يكون عضو اللجنة العليا للمناقصات من ذوي الكفاءة ولاتقل درجتهم العلمية عن بكالوريوس ومتخصصين في المجالات الهندسية من الإنشاءات والطرق والجسور والكيمياء والإلكترونيات والموانئ والمطارات وكذا الميكانيكا والنفط والمعادن وإدارة الأعمال التجارية والاقتصاد والعلوم السياسية وان يكون أعضاء اللجنة العليا للمناقصات كذلك من العناصر المشهود لها بالكفاءة والنزاهة والخبرة وان يقدموا براءة ذمة مالية ولايكون قد صدر في حقهم أحكام قضائية.وقابلت الحكومة هذا الأمر بدراسة القانون الخاص بإنشاء الهيئة تمهيدا لإحالته إلى مجلس النواب بحيث تهدف إن نصوص القانون الخاص بإنشاء الهيئة إلى إضفاء المزيد من الشفافية في إقرار المناقصات والمزايدات وإرسائها على المتقدمين من المقاولين والشركات وفقاً للشروط والمعايير الفنية التي تضمن الأسعار المناسبة والجودة الأفضل وبما من شأنه الحفاظ على المال العام من العبث والهدر وتنفيذ المشاريع بمواصفات وجودة عالية.وفي ذات الأسبوع واثناء زيارة الرئيس لمجلس الشورى وجه فخامته اللجنة الرئيسية المكلفة بمراجعة مشروع قانون انتخابات مجلس الشورى بسرعة إنجاز هذا المشروع في أسرع وقت ممكن تمهيدا لإحالته إلى مجلس النواب في خطوة تعزز النهج الديمقراطي التعددي الذي تنتهجه اليمن حيث يكفل المشروع الجديدة إنشاء نظام الغرفتين في السلطة التشريعية. وقد وصف العديد من القانونيين متابعة الرئيس المباشرة لإنجاز هذا المشروع بأنها "تجسيد صادق لجدية التوجه في مسار الإصلاحات السياسية وتطوير النظام الديمقراطي وترسيخ النهج والممارسة الديمقراطية في بلادنا.وقال رئيس اللجنة الدستورية والقانونية والقضائية في مجلس الشورى أن هذه التوجيهات الرئاسية تؤكد جدية السعي نحو ترسيخ وتطوير الحياة الديمقراطية في البلاد كون مشروع القانون يستهدف توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار، خصوصاً بعد أن نضجت الفكرة على مدى الأربع سنوات الماضية من الممارسة العملية لمجلس الشورى،على صعيد دراسة القوانين والسياسات والاستراتيجيات والاتفاقيات ورفع التوصيات والمقترحات بشأنها إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لإحالتها إلى السلطة التشريعية.وتتلخص فكرة مشروع قانون انتخابات مجلس الشورى " في إيجاد المرجع الدستوري والقانوني" للانتقال بمجلس الشورى من إطار السلطة التنفيذية ومهامه الاستشارية إلى إطار السلطة التشريعية، وفي إيجاد آلية قانونية لتنظيم عملية تشكيل مجلس الشورى وتمثيله المحافظات وتعيين صلاحياته واختصاصاته.وكان مجلس الشورى قد تأسس بموجب مبادرة من رئيس الجمهورية بمقترح تحويل المجلس الاستشاري من هيئة استشارية عليا لرئيس الجمهورية إلى مؤسسة دستورية بصلاحيات أوسع على صعيد المشاركة في التشريع، حيث مثلت تلك الخطوة الأولى على طريق الانتقال إلى الأخذ محلياً بنظام الغرفتين أو المجلسين للسلطة التشريعية وتوسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار" فقد أفضت هذه الخطوة إلى اعتماد مقترح الأخ الرئيس في التعديلات الدستورية الأخيرة التي أقرت بموجب الاستفتاء العام في العشرين من فبراير 2001م،وأن يكون مجلس الشورى مجلساً معيناً من قبل رئيس الجمهورية لتقديم مهام استشارية للسلطتين التنفيذية ممثلة برئاسة الدولة ورئاسة الحكومة،والتشريعية ممثلة بمجلس النواب، لكن توجيهات رئيس الجمهورية الأخيرة تقضي بالتوجه إلى الخطوة الثانية" وهي الانتقال بمجلس الشورى من إطار تعيين أعضائه إلى انتخابهم كخطوة أكثر تقدماً وعمقاً في المسار الديمقراطي شكلاً ومضموناً،من خلال الأخذ ،أحدهما منتخبة بالكامل وتمثل المواطنين في كافة الدوائر الانتخابية وهي مجلس النواب، والأخرى مجلس الشورى وتتكون من كفاءات يجري انتخاب جزء منها وتعيين الجزء الآخر.ويحاكي نظام الغرفتين أو المجلسين للسلطة التشريعية تجارب ديمقراطية متقدمة في كثير من دول العالم، حيث يعتبر نظاماً ديمقراطياً متقدماً ومعمول به في الولايات المتحدة الأمريكية، وجمهورية فرنسا، ومصر والأردن،وغيرها من الدول.وكانت الفترة القليلة الماضية من يناير حتى الآن قد شهدت حراكاً غير عادياً في اتجاه اتخاذ جملة من الخطوات العلمية لتنفيذ مصفوفة الإصلاحات الوطنية الشاملة أبرزها إعلان الحكومة مطلع يناير خطة تفصيلية لمصفوفة الإصلاحات التي تضمنه برنامج المؤتمر السياسي والشروع في إيجاد البنية التشريعية والمؤسسية لتنفيذها وحددت تنفيذها بستة أشهر بدأت من يناير الماضي 2005م وحتى يونيو القادم.حيث ركزت المصفوفة على 4 مجالات رئيسية، هي ترسيخ القانون ومكافحة الفساد ورفع كفاءة الجهاز الإداري للدولة وتعزيز المشاركة السياسية.وتضمنت المصفوفة توصيفاً دقيقاً لهدف كل مجال والإجراءات المطلوبة لتنفيذ الإصلاحات الخاصة به والجهات الحكومة المناط بها إعداد مشاريع القوانين والآليات التشريعية الخاصة بذلك.ووفقاً لمصفوفة الإصلاحات فإن الحكومة ستعمل على تعديل وصياغة 8 قوانين سيتم إحالتها إلى البرلمان لاستكمال الإجراءات الدستورية لإقرارها؛ بالإضافة إلى متابعة إقرار البرلمان لقانونين سبق وتم إحالتهما إلى البرلمان.والقوانين التي سيتم تعديلها وصياغتها هي قانون السلطة القضائية وقانون القضاء الإداري وقانون مكافحة الفساد، وإنشاء هيئة عليا مستقلة لمكافحة الفساد، وقانون الرقابة والمحاسبة، وقانون إدارة الدين العام، وقانون المناقصات والمزايدات وإنشاء هيئة مستقلة لها، ومراجعة قوانين الضريبة العامة وقانون الصحافة والمطبوعات؛ بالإضافة إلى متابعة استكمال الإجراءات الخاصة بإقرار البرلمان لقانوني تنظيم حيازة وحمل السلاح وقانون الذمة المالية.وكانت الحكومة أقرت في يناير الماضي مشروع مكافحة الفساد، وإنشاء هيئة عليا مستقلة لمكافحة الفساد، إلى جانب إقرار مشروع التعديلات على قانون السلطة القضائية، والقاضي بإعادة هيكلة مجلس القضاء الأعلى بما يضمن إنشاء مجلس مهني يتولى رئاسته أحد قضاة المحكمة العليا، واشترط التعديل عليه الكفاءة والنزاهة والتفرغ.كما تضمنت التعديلات المقرة على القانون تعزيز دور القضاء واستقلاليته عن السلطة التنفيذية مالياً وإدارياً وقضائياً، من خلال ضمان استقلالية القاضي في مجال المرتبات والحقوق والتعيين والترقية والندب والتأديب والنقل وإعداد معايير سليمة وشفافة للحركة القضائية ودمج هيئتي التفتيش المالي القضائي وخلق هيئة جديدة تلحق بهيئة شؤون القضاة.وقد جاء قرار التعديل على مشروع قانون السلطة القضائية والذي أحيل إلى مجلس النواب مع قانون مكافحة الفساد في 14 فبراير 2006م لمناقشتها وإقرارهما.. نابع من الحرص الدائم الذي يوليه الرئيس علي عبدالله صالح-رئيس الجمهورية- لتعزيز استقلالية القضاء ومكافحة الفساد وإصلاح جميع الأجهزة ذات العلاقة بموضوع مكافحة الفساد، سواءً كانت أجهزة رقابية أو قضائية أو عقابية أو تنفيذية.واعتبر عددمن القانونيين أن تعيين رئيساً لمجلس القضاء الأعلى من بين القضاة سيكون له دوراً مهماً في تعزيز الاستقلال المالي والإداري للسلطة القضائية بحيث سيكون لمجلس القضاء الأعلى تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة من حيث التعيين والترقية والفصل والعزل وفقاً للقانون.فيما يشمل مشروع قانون مكافحة الفساد استحداث إصلاحات مؤسسية وتشريعية تتمثل بإنشاء هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد ستتولى الحد من تضارب المصالح وعدم الجمع بين العمل التجاري والوظيفة العامة، وتحريم استغلال المنصب في الوظيفة العامة لجني الفوائد المالية وتنفيذ الالتزامات المتعلقة بالاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد.ولعل أبرز المهام التي ستتولاها الهيئة المعتزم إنشاؤها في ضوء القانون الجديد إنشاء سجل لحالات الفساد على مستوى الجمهورية، للشركات والموظفين الفاسدين وإنشاء نظام معلومات خاص بحماية المال العام ومكافحة الفساد؛ بالإضافة إلى إنشاء خط ساخن للإبلاغ عن قضايا الفساد وتوفير الحماية لمن يقومون بالتبليغ عن هذه القضايا.ويأتي مشروع قانون مكافحة الفساد وإنشاء هيئة عليا مستقلة لمكافحة الفساد كآليات إضافية وضعتها اليمن هذا العام، لمواصلة لما تم اتخاذه من إجراءات للحد من هذه الظاهرة خلال السنوات الأخيرة؛ بحيث تمكن كافة هذه الآليات الماضية والمستحدثة من الوقاية من الفساد، والحد منه، ومعالجة الاختلالات التي تصاحبه.وتعتزم اليمن بمساندة من ألمانيا هذا العام تنفيذ حملة وطنية توعوية بالفساد والوقاية منه بهدف تجفيف منابعه.وكانت منظمات الشفافية الدولية أكدت في تقريرها السنوي تحسن إجراءات مكافحة الفساد في اليمن واحتلالها مراتب متقدمة بين دول العالم، وتحقيقها لقفزة كبيرة مقارنة بالأعوام السابقة.وبحسب التقرير فإن المؤشرات النسبية لإجراءات اليمن في مكافحة الفساد قفزت إلى 35 من بين الدول التي شملها التقرير الخاص بتصنيف مكافحة الفساد في دول العالم بعد أن كان تقرير العام 2004م يضع الترتيب النسبي لليمن عند 23.وأرجع عدد من الخبراء الاقتصاديين تحسن مؤشرات مكافحة الفساد في اليمن إلى حزمة الإصلاحات المالية والإدارية التي بدأتها الحكومة اليمنية خلال الفترة الأخيرة، وكذا تبني فخامة الأخ علي عبدالله صالح-رئيس الجمهورية- لسلسلة من الإجراءات الإصلاحية المعالجة للاختلالات المالية والإدارية التي تشكل البؤرة الأساسية للفساد.وعكست التوجيهات والقرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس علي عبدالله صالح جدية وإرادة لا تراجع عنها نحو تعزيز فاعلية مسيرة الإصلاح والتحديث الوطني كمنظومة متكاملة يشمل فيها التطوير كل المجالات: سياسية، ومالية، وقضائية، واقتصادية ورقابية.. ومثل قرار التعديل الوزاري في الحكومة منتصف فبراير الماضي والذي ضم كوكبة من الكفاءات والخبرات نموذجا للاولويات التي وضعتها القيادة السياسية وأهمها إحداث نقلة نوعية في الأداء الحكومي والبرامج التنموية والتحرك وفق رؤية جديدة متحررة من شتى أنواع البيروقراطية والروتين والانتقال إلى آفاق أوسع باتخاذ مزيد من الاصلاحات.وأبرزت كلمته التوجيهية للحكومة في أول اجتماع لها بعد التعديل في عدد من الوزارات في 14 فبراير، حرصاً شديداً على بلوغ الأهداف الرامية لمواصلة مسيرة الإصلاحات الوطنية من خلال تنفيذ الحكومة لها وفي فترة زمنية محددة دون تباطؤ او تقصير.