أوصى مؤتمر الحل الإسلامي للفساد الاقتصادي الذي أنهي جلساته في القاهرة في جلسته الختامية بتوعية جماهير المسلمين في البلاد الإسلامية بمحاربة الفساد من خلال حملات قومية للمحافظة على حرمة المال العام والخاص، وتنمية الضمير الإسلامي، والتأكيد على مفاهيم الشفافية والمسؤولية، ورشادة الحكم. وطالب بضرورة مواجهة العولمة مؤكدًا أنها تعدّ مناخًا خصبًا لانتشار الفساد الاقتصادي في العالم المعاصر بشكل كبير ومتزايد، وينخرط فيه كبار المسئولين وصغارهم، كما تنتشر عبرها الممارسات غير الأخلاقية في الأسواق. وأكّد المؤتمر أن ذلك يوجب على المسلمين -وقد جرّبوا أفكارًا وسياسات مستوردة ولم تفلح في كبح جماح الفساد- أن يرجعوا إلى دينهم الذي يوفّر البيئة الصالحة لتجفيف منابع الفساد. ما أكّد المؤتمر أن مسؤولية كشف الفساد واجب على الفرد المسلم على كل المستويات؛ سواء صاحب مال أو كرئيس دولة أو من كبار المسئولين أو عموم جمهور المسلمين لكشف مرتكب الفساد والإبلاغ عنه، وشدّد على أن النظام الإسلامي في نظرته للفساد لا يفرّق بين الفساد السياسي والإداري أو فساد كبير وفساد صغير.. فإن كل التصرّفات التي تمثّل اعتداءً على الأموال تعدّ فسادًا وهى محرّمة في شريعة الإسلام. كما أوصى المؤتمر بتوعية الإنسان المسلم بحرمة المال العام باعتباره أساس التصرف في المال والمستخلف فيه من خلال تركيز اهتمام وسائل الإعلام من آنٍ لآخر بالحملات الإعلامية الإسلامية، وبالمقالات التي توضّح ذلك، ويستكتب فيها كبار علماء المسلمين من كل البلاد الإسلامية، وتنشر في مختلف وسائل الإعلام العربي والإسلامي. وكذلك إعادة النظر في القوانين المعاصرة، بحيث يُستفاد من العقوبات في التشريع الإسلامي في تطويره إلى الأحسن حسب مقتضيات المرحلة التي نعيشها، مع التأكيد على حقيقة أن كل الديانات التي من عند الله تدعو إلى الإصلاح وتزجر الفساد، وذلك لحين تطبيق أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وتجنبًا لأي حساسيات.فضلا عن مطالبة وزارات الأوقاف في كل البلاد العربية والإسلامية بتخصيص أسبوع من كل شهر، أو شهر سنويًا لتوعية عموم المواطنين حكامًا ومحكومين والموظفين كبارًا وصغارًا بحرمة المال العام، وسوء عاقبة من تمتدّ إليه يده في الدنيا والآخرة. كما أوصى بضرورة التقاء علماء المسلمين في مختلف الأقطار الإسلامية بالمسئولين والموظفين في مصالحهم الحكومية لحثّهم على قضاء حوائج العباد، وحرمة الرشوة والاختلاس، وتعطيل المصالح، وبيان حكم الإسلام في هذه الممارسات الاقتصادية السلبية. وحسب توصيات المؤسسات الدولية.. يجب السماح بتفعيل مشاركة الجماهير في الحفاظ على المال العام كما هو الحال في بعض الدول؛ مثل سنغافورة بإنشاء مكتب لبلاغات الجماهير عن أي انحرافات في المال العامّ يرونها عبر جمعيات لمقاومة الفساد، ويكون هناك تسهيل عن طريق مكتب تلقّي الشكاوى دون مساءلة من يتقدّم بالإبلاغ وعرقلة ذلك.كما طالب بتفعيل دور الرقابة الإدارية في البلدان الإسلامية من منطلق فريضة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وتفعيل الأجهزة الرقابية في البلاد الإسلامية، وإعطائها حصانة وصفة الضبطية القضائية لممارسة مهامّهم بدقة وجرأة في محاصرة الفساد...، ويمكن لبعض الصحف الإسلامية من باب الشفافية أن تخصّص بابًا أسبوعيًا لتتبّع الفساد وكشفه أولاً بأول من نفس المنطلق. وأكّد المؤتمر على أن الندوة أظهرت دقة العقوبات في النظام الإسلامي في معالجة ضعف العقوبات الوضعية، وصعوبة الإمساك بها، فضلاً عن أن العقوبات الحالية في مختلف التشريعات في الدول الإسلامية ضعيفة، ويجب أن يُعاد النظر فيها؛ حيث أصبح الفساد ظاهرة تعاني منها جميع المجتمعات الإنسانية، ولذلك.. فنحن بحاجة إلى الرّدع حتى يقضي على خطورة الفساد والتخفيف من آثاره. وقال: إن منابع الفساد تتمثّل في عدة عوامل يجب العمل على الوقاية منها بحسن اختيار العاملين من ذوي الدين والصلاح، وتحسين أحوالهم المعيشية، ثم وضع القواعد التي تحدّد صور الفساد وكيفية البعد عنها، إضافة إلى رفع كفاءة الأجهزة الرقابية، ووجود نظام محكم للعقوبات، وهو ما يتوفّر في النظام الإسلامي بصورة محكمة. ودعا المؤتمر إلى التركيز في الإصلاح على تنمية البواعث الذاتية التي تسدّ باب الذرائع إلى الإفساد الاقتصادي من خلال التربية الروحية والخلقية والسلوكية، ويكون ذلك في البيت والمدرسة والجامعة، حتى نوجد الفرد الصالح الذي هو أساس البيت الصالح، ومن ثم يكون المجتمع الصالح، والقيادة الصالحة التي تطبّق التشريع الصالح لكل زمان ومكان. وطالب باختيار قيادات في المواقع الاقتصادية على أساس القيم والكفاءة دونما التأثّر بالعواطف والنوازع الشخصية والضغوط الوظيفية والنيابية وغيرها، منعًا لمساعدة الأشخاص على الانحراف إذا لم نعدل بينهم. كما أنه يجب إعمال إجراءات إسلامية لمكافحة الفساد؛ خاصة في مجال العقوبات الإسلامية من الحدود والتعزيرات، وتقوية الوعي الديني لدى جمهور المسلمين.
العولمة أخصب مناخ لانتشار الفساد الاقتصادي
أخبار متعلقة