مدن عربية و عالمية
مدينة زحلة اللبنانية هي مدينة معلقةٌ على جانبيّ مضيقٍ من سفح قاعدة جبل صنّين، شَقَّته السيول فيما مضى من العصور وأبقته مجرى نهر، هو نهر البردوني الشهير النّابع من مغارةٍ في سفح صنّين. وما إن تدخل المياه زحلة حتى تستقبلها أشجار الحور والزيزفون والصفصاف والشربين والجوز والسنديان النابتة على جنبات مقاهي وفنادق هي الأولى في الجودة والرّوعة في لبنان. سُمّيَت زحلة عروس البقاع ومدينة الشّعر والخمر وعرين الأسود وكلّها صفات تميّزت بها مدينة زحلة، عاصمة البقاع، حيث القرميد سيّد المظاهر فيها وحيث الأبنية القديمة تتمازج مع الحديثة منها برونقٍ لا مثيل له.أمّا إذا شئت النظر من علٍ، فمن أعالي برج سيدة زحلة والبقاع سوف تكتشف قلعة راشيا المُطمئنّة في أحضان جبل حرمون (جبل الشيخ) وقلعة عنجر الأثرية وأطلال بعلبك، وينبسط السّهل أمامك كسجادة تشريف لك، ممّا يزيد الشعور لديك أنّك في حضرة "عروس لبنان".وقد أبدع أمير الشّعراء أحمد شوقي في وصف زحلة برائعته جارة الوادي التي غنّتها فيروز وقبلها محمّد عبد الوهاب.يعود تاريخ مدينة زحلة إلى أكثر من ثلاثمائة سنةٍ خلت في منطقةٍ يعود تاريخها إلى أكثر من خمسة آلاف سنة تقريبًا. ففي أوائل القرن الثامن عشر أتاها الكثير من المُهاجرين القادمين من مناطق عدةٍ من لبنان حيث أقاموا ثلاثة أحياء، وكان على كلّ حيٍ حاكمٌ.تمتّعت زحلة ولفترةٍ وجيزةٍ عام 1858 بحكمٍ ذاتيٍ فأضحت "الجمهورية الأولى في الشرق" حيث كان لها نشيدها وعلمها الخاص. وكانت البلدة قد احترقت عاميّ 1777 و1791، كما دُمِّرَت عام 1860 أثناء الأحداث الطائفية آنذاك ، ثم نهضت من جديد وأصبحت صلة الوصل في التّجارة والزّراعة ما بين بيروت ودمشق وبغداد والموصل، خصوصًا بعد إقامة الخط الحديديّ عام 1885.علاقة زحلة بالعَرَق والنّبيذ هي علاقة قديمة ووطيدة، ولقد ورثها الأبناء عن الآباء حيث أقاموا تمثالاً على مدخل المدينة يرمز إلى الخمرة والشّعر، وقاموا بزرع دوالي العنب على الرّوابي المُحيطة بالمدينة كتلال: تل شيحا، تل زينة، وادي حادي، أعالي دير الطوق، بحوشا، حرقات وبئر غزور، وأيضًا "كسارة" حيث النّفَق الشّهير وطوله حوالى الألفي متر، و"علين" حيث دوالي العنب تختلط مع بقايا آثارٍ تعود إلى آلاف السّنين.إنّ فنّ البناء والهندسة المعمارية في زحلة جميل جدًا وهو يعود إلى عدّة مئاتٍ من السّنين، جمع فيه الزّحليون الكثير من الفنون المعمارية المُلائمة لطبيعة أرضهم.وفي مطلع القرن العشرين بدأت زحلة بإشادة الفنادق لإستقبال المُهاجرين والسّياح، ويوجد بها العديد من الاسواق فمنها السوق القديم لزحلة، وكان مركزًا للتجارة والتواصل ما بين القادمين من سورية وبيروت وبغداد وفلسطين .