مع الأحداث
لم يكن قيام دولة إسرائيل في فلسطين العربية المحتلة إلا أسطورة مزيفة ساعدت على غرسها في الجسم العربي الفلسطيني قوى الاستعمار القديم، وقوتها وغذتها ورعتها قوى الاستعمار الجديد بقيادة الولايات المتحدة، لتفرضها على العرب كأمر واقع، مستغلة ما آلت إليه تداعيات الحرب العالمية الثانية ونتائجها لصالح دول التحالف حينذاك. ولكن هذا الواقع المفروض لدويلة إسرائيل في أرض فلسطين السليبة بغير حق شرعي لها، على حساب أهلها الأصليين من الشعب الفلسطيني الذين أبادت منهم ما أبادت، ونكلت وعذبت منهم ما شاءت، وشردت وهجرت أهلها وأبناءها الشرعيين، مستخدمة معهم ألواناً من القهر والاستبداد والهوان بأساليب غير إنسانية ولا أخلاقية، نقول إن مثل هذه الوضعية للكيان الصهيوني المغروس في جسم فلسطين المغتصبة لا يمكن أن يستمر إلى ما لانهاية.- فلا بد أن يأتي يوم يشعر فيه الإسرائيليون بالحاجة إلى الهجرة من جديد إلى أوطانهم الأصلية التي جاءوا منها في أوروبا، ففي إسرائيل حوالي مليون نسمة قدموا من روسيا على سبيل الهجرة واللافت للنظر أن الأكثرية من هؤلاء لا تدين باليهودية، بل بالمسيحية، وبينهم مسلمون ولا دينيون، والأقلية بينهم يهود.- كما أن هناك سكان المستوطنات وأكثرهم قدموا من الولايات المتحدة حيث الحياة هناك أفضل وأضمن من إسرائيل، بالإضافة إلى ذلك هذه الفسيفساء من أقوام وجماعات بلا حصر، أتت من كل بقعة في الأرض لتحتل أرضاً لا حق لها فيها ولا مستقبل، لكن ظروفاً دولية وإقليمية معروفة تعاونت على نشوء هذه الدويلة الغريبة التي كانت من صنع الصهيونية العالمية والقوى الاستعمارية المتحالفة معها، ولكن هيهات أن تستمر إلى الأبد. فالله يمهل ولا يهمل، وما أخذ بالقوة لابد أن يسترد بالقوة نفسها، مهما طال الزمن أو قصر، فلا يمكن أن يضيع حق بعده مطالب، ولا ناله في العالمين مقصر. - لا تخلو إسرائيل من عقلاء يعرفون حقيقة الأمر، ولكنهم لا يمثلون سوى أقلية غير مسموعة الكلمة، لأن الكلمة هي لأولئك الأشرار الذين تلقوا تعاليم غير صحيحة، وتمكنوا مع الزمن من الهيمنة على مواقع القرار، فهم ـ كعادتهم الوحشية ـ عطشى للدماء، وينتهجون سياسة العدوان الغاشمة، والإرهاب، والغطرسة واحتقار الآخر، ولا يفكرون في إحلال سلام حقيقي وعادل، والاعتراف بقيام دولة فلسطينية وطنية مشروعة ذات سيادة واستقلالية على أرض فلسطين المحتلة، وعاصمتها القدس الشريف، ولكن إلى أي وقت سيظل هؤلاء الأشرار يسيطرون؟ إننا لا نرى في الوقت الراهن أفقاً للسلام، وبخاصة بعد المجزرة الكبرى التي أقدمت عليها إسرائيل في غزة مؤخراً، مستخدمة فيها الفسفور الأبيض المحرم دولياً بقصد إبادة الأطفال والنساء والشيوخ من أبناء الشعب الفلسطيني وتشويه أجسامهم ووجوههم بهذه المواد المحرقة التي أثارت الرأي العام العالمي في أوروبا وأمريكا والبلدان اللاتينية والعالم الثالث بوجه عام، وخرجت في مسيرات ومظاهرات احتجاج واستنكار وإدانة لهذه الأعمال الإجرامية التي قامت بها إسرائيل ضد الإنسانية. وأخيراً نقول، إن إسرائيل الحالية، الشريرة، المتغطرسة، الصلفة، المناهضة لكل عملية سلام، والمنتهكة لكل مواثيق الأمم المتحدة، والمستهترة بالقوانين الدولية، فليس لها مستقبل في منطقتنا ولكن بإمكان الجيل الجديد في إسرائيل أن يقوم بتسوية تاريخية مع الفلسطينيين والتصالح معهم ومع العرب، والتفاهم على أساس وجود دولتين في أرض فلسطين التاريخية تتعايشان جنباً إلى جنب، وتتبادلان المصالح والمنافع، بحيث تكون مبادرة السلام العربية هي المنطلق والأساس في حل القضية الفلسطينية، وإحلال السلام العادل والتعايش السلمي بين تحويل إسرائيل إلى دولة عادية، ودولة فلسطينية وطنية. ترى، أليس هذا ممكناً تحقيقه إذا صدقت النوايا وبخاصة من الطرف اليهودي.