لم يستطع أعداء الإسلام: أن يحرّفوا (القرآن). فهذا أمر مستحيل، إذ إن الله جل ثناؤه تعهد بحفظ كتابه من أن يتطرق إليه باطل من أي ناحية: «وإنه لكتاب عزيز. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد».والواقع التاريخي يؤكد هذه الحقيقة ويوثقها. فلم يستطع أحد: كائناً من كان أن يحرف القرآن.. صحيح أن (بائسين) نفسيا وفكريا حاولوا تحريف بعض (طبعات) المصحف، لكن محاولاتهم ماتت وقبرت بسرعة من حيث أنها اكتشفت بسرعة.ثم أن الأصل في حفظ القرآن هو (الحفظ في الصدور).. وهناك ألوف بل مئات الألوف من المسلمين ـ في كل عصر ـ يحفظون القرآن في صدورهم.. ويستحيل محو القرآن من الصدور، أو تحريفه فيها.. ولقد وصف أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنهم (أناجيلهم في صدورهم).ولم يستطع أعداء الإسلام: صد الناس عن التعرف عليه والدخول فيه.. فهذا الصد: أمر مستحيل: ما دام معيار الهداية موجودا، وما دام العقل سليماً وحاضراً وقادراً على البحث والنظر والاقتناع.والواقع التاريخي يؤكد هذه الحقيقة ويوثقها. فلا تبرح شرائح من الناس، في كل زمان ومكان، يقودهم تفكيرهم الحر إلى الاقتناع بالإسلام، والدخول فيه.. مثال ذلك انه بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 نفسها: يدخل في الإسلام ـ في الولايات المتحدة ذاتها ـ عشرون ألف إنسان في كل عام.ولم يستطع أعداء الإسلام (طمس) حقيقة الإسلام بمقولات المستشرقين الذين تنقصهم نزاهة الضمير، وأمانة العلم. فعلى الرغم من الجهود الدائبة المضاعفة في هذا المجال، ظلت حقيقة الإسلام ساطعة: «قل ان ربي يقذف بالحق علام الغيوب. قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد».نعم.. عجز أعداء الإسلام عن تحريف القرآن، وعن الصد عن الإسلام، وعن طمس حقيقة الإسلام، الذي يحقق أمنيتهم في (تشويه) الإسلام!.وبينما هم حائرون منكسرون بائسون يائسون: أتاهم الفرج على أيدي (مسلمين).. أولئك الذين يسفكون الدم الحرام، ويخربون العمران، ويفسدون في الأرض، ويروعون الناس بـ(اسم الإسلام) وغيرة عليه و(جهادا) في سبيله حسب دعواهم العريضة!نعرف ـ وغيرنا يعرف ـ: ان في بعض الناس (جنوحا سيكولوجيا) إلى (الإجرام). وهي ظاهرة لا تخلو منها أمة أو شعب، إذ الأمراض النفسية أنواع، منها: الجنوح إلى الإجرام.لكن الخدمة الكبرى لأعداء الاسلام هي (ربط الإجرام بالإسلام) على ايدي هؤلاء الذين يزعمون انهم يخدمون الاسلام على حين انهم ـ في حقيقة الأمر وواقع الحال ـ (خدم) لأعداء الإسلام: «قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا. الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».1 ـ إن خدم اعداء الإسلام هؤلاء يحققون أمنية اعداء الاسلام وهدفهم: بتقديم الاسلام ـ من خلال جرائمهم ـ بأنه (دين عدواني) فيشوهون بذلك حقيقة لا ريب فيها وهي (الطبيعة السلمية) لدين الاسلام الذي أمر ببذل السلام للعالم، وباسداء السلام لمن عرفنا، ولمن لم نعرف.. وبـ (إعلان السلام العام) للذين لا يؤمنون به (من غير المعتدين المهاجمين)..:«وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون. فاصفح عنهم وقل سلام».2 ـ ويفعلون ذلك ـ أي خدم أعداء الاسلام ـ: يشوهون دين الاسلام بتقديمه ـ من خلال جرائمهم ـ بأنه (دين إرهاب وترويع وتخويف ورعب)، على حين انه ـ في حقيقته ـ دين يوفر الأمن الشخصي ـ مثلا ـ للمشركين بالله جل جلاله ـ: «وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه».3 ـ ويقدم خدم أعداء الاسلام هؤلاء خدمة مجانية كبرى لأعداء الاسلام: بتقديم الاسلام ـ بواسطة اجرامهم البشع ـ بأنه دين مدمر للعمران والمدنية والحضارة، على حين ان الاسلام يقرر ان الله جعل من وظائف الانسان الرئيسية على هذه الأرض: أن يعمرها: «هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها»، وألا يفسد هذا العمران:«"ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها».4 ـ ويقدم خدام أعداء الاسلام ـ الذين يحملون أسماء اسلامية ـ: خدمة لأعداء الاسلام الآخرين: بتقديم الاسلام ـ بواسطة أفعالهم القبيحة ـ بأنه (دين غدر)، على حين أن الاسلام دين وفاء لا يغدر قط.. فالغدر نقيض السلوك الذي فرضه الاسلام على كل مسلم.. فمن صفات المؤمنين: «والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون».أهناك من يريد مزيدا من الأدلة على أن أهل الغلو والعنف والإرهاب هؤلاء إنما هم (خدم لأعداء الاسلام)؟[c1]هذه هي الأدلة المزيدة أو الاضافية: [/c]أ ـ يقول برنارد لويس: «ان الاسلام عنيف ودموي بطبيعته».. وهو كاذب ـ بلا ريب ـ بقوله هذا، لكن خدم أعداء الاسلام يصدقون كذبته بأفعالهم الدموية العدوانية.ب ـ يقول فرانكلين جراهام (القس المعروف)..: «إن الاسلام دين شرير وعنيف ومعتد ومؤذ» وهو كاذب ـ بلا ريب ـ بمقولته هذه، لكن خدم أعداء الاسلام يصدقون كذبته بسلوكهم العنيف الشرير.ج ـ يقول القس بات روبرتسون عن نبي الاسلام: «انه شخص متعصب وقاتل وقاطع طريق».. وهو كاذب ـ بلا ريب ـ بقوله هذا، لكن خدم أعداء الاسلام يصدقون كذبته بعملهم الاجرامي الآثم.د ـ يصف القس جيري فالويل نبي الاسلام ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ بأنه (إرهابي).. وهو كاذب ـ بلا ريب ـ في قوله هذا، ولكن خدم اعداء الاسلام يصدقون كذبته بما يمارسونه.إرهاب يسفك الدم الحرام، ويفسد في الأرض، ويروع ويفزع يرعب الآمنين من بني آدم.ماذا وراء هذا السلوك الذي (يتحرى) تشويه صورة الإسلام بالأفعال الشائنة؟!هل سببه: التورط في العمالة والخيانة الارادية المقصودة؟ هل سببه: (الغباوة) الكاملة التي تتساوى – في النتيجة – مع الكيد الارادي الذكي الخبيث.. ومردودة منقوضة هي حجة من يقول: ان نياتهم حسنة.. فالنية الحسنة لا تغني عن المنهج الصحيح، ولا تسوِّغ – قط – السلوك الإجرامي.. فلم تك نية (الخوارج) – مثلا – موضع شك، بيد انهم يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية (كناية عن المروق بشدة وسرعة).. وعلة المروق هي (الضلال عن المنهج الحق) في: الباعث والوسيلة والتفكير والعمل والسلوك والغاية.. ولا يصح ـ قط ـ: زج حكاية حسن النية في هذا المقام.أم ان سبب خدمة أعداء الإسلام هو: ان هؤلاء الخدم (مخترقون) حتى النخاع: اخترقهم أعداء الإسلام، واتخذوهم (أدوات) لتنفيذ مخططاتهم؟مهما يكن من شأن، فإن الإسلام يتعرض لأكبر واشنع حملة تشويه وتقبيح على يد نفر من بنيه!وفيما بقي من سطور وفقرات (براهين جديدة) على هذه الأزمة الكبرى التي يجب على كل مسلم ان (يجاهد) في سبيل ردها وردعها: غيرة على الصورة الجميلة لدينه، وحماية لـ(وجوده المعنوي) من التسفيه والطعن والحط.المسلمون جميعا يؤمنون بـ(قدسية) مكة، ويرددون تعبير (مكة المكرمة).. وهذا التعبير الشريف مستمد من أسماء عديدة لمكة المكرمة وردت في القرآن.. منها. (بكة).. و(أم القرى).. و(البلدة الطيبة).. و(البلد الأمين) و(البلد الحرام).المسلمون جميعا يؤمنون بهذا.. ولذا فهم يعظمون البلد الأمين أيما تعظيم: زلفى إلى الله الذي حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، وابتغاء رضوانه.لكن أهل الغلو والعنف والإرهاب لا يشاطرون المسلمين: هذا التعظيم لمكة المكرمة.لقد انتهك هؤلاء (حرمة) البلد الحرام، وكأنهم أحفاد لأبرهة الأشرم.لقد ذاع اسم (شقة الخالدية) في الإعلام السعودي وغيره.. وسبب الذيوع هو أن هذه الشقة كانت (وكرا) يتآمر فيه الإرهابيون ويتعاونون على (الاثم والعدوان).[c1]أين تقع هذه الشقة؟في مكة المكرمة. [/c]أي انهم قرروا ـ عن عمد ـ: انتهاك حرمة البلد الحرام، وممارسة العنف والاجرام والإفساد في (كنفه الطاهر).. على حين أن للسلوك في مكة المكرمة: معايير وأحكاما خاصة بها من دون الأماكن والمواقع في عالمنا هذا.. وفي طليعة هذه المعايير والأحكام: الحساب والعقاب على (مجرد الهم والإرادة بالسوء) في البلد الحرام: «ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم».. فهل الإرهابيون (المريدون) للإلحاد والظلم في مكة، يجهلون هذه الأحكام.. أو انهم يعلمونها؟ فإن كانوا يجهلونها: فكيف يتحدث باسم الاسلام ويدعي الإمامة فيه من يجهل أبجدياته في تعظيم حرمات الله، وهي أبجديات يعلمها أي فلاح أمي مسلم في عالمنا هذا؟!.. وإن كانوا يعلمونها، وانتهكوا حرمة البلد الأمين عن علم ـ من ثم ـ.. فهذا هو الإلحاد والظلم في الحرم، وهي جريمة: توعد الله من يقترفها بالعذاب الأليم.. والقبض على مقترفيها إنما هو (العقاب المعجل) في هذه الحياة.والعجيب الغريب المريب: أن الأمر يبدو وكأن هؤلاء (تواصوا) بالإفساد في البلد الحرام.فلئن كانت جريمة (شقة الخالدية) قديمة نسبياً، فإن شبكة الـ 172: الحديثة العهد بالزمن والوعي. قد اتخذت من مكة المكرمة مسرحا لمؤامرتها وإفسادها وإجرامها: الذي ينطلق من مكة، ويمتد إلى خارجها بهدف القتل والتدمير وتخريب مصادر الرزق والاقتصاد والمعايش.ونقول: إن تآمرهم انطلق من مكة، لان فيها (بايعوا) إمامهم المزعوم، الفاسد البيعة، وهي بيعة فاسدة باطلة لأنها (خيانة) للبيعة الشرعية المعقودة لملك البلاد.وهذا كله مما يسر أعداء الإسلام الذين يضيقون بالإسلام: كتابا ورسولاً ومقدسات، ومن ثم صح القول بأن هؤلاء يزعمون خدمة الإسلام، وإنما هم خدم لأعداء الإسلام في حقيقة الأمر، وواقع الحال.[c1]*نقلاً عن صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية[/c]
يزعمون (خدمة) الإسلام وهم (خدم) لأعدائه!
أخبار متعلقة