[c1]صالح عبدالله مثنىوزير النقل الأسبق[/c]جاء الوقت المناسب الذي أصبح فيه الحديث عن ميناء عدن من جديد أكثر إلحاحاً, بعد أن جرت مياه كثيرة تحت الجسر, فهناك مواقف رئاسية مشجعة, بل ومدهشة حين تصبح حيز التطبيق, وهناك انتخابات جرت ووعود قطعت, وعلى الأبواب يقف مؤتمر لندن للمانحين والذي يعلق عليه الكثير من الآمال, وكل ذلك يسمح بالمشاركة في إبداء الرأي خارج دائرة تلك المشاريع الصغيرة والعروض المحددة, والتي ألقى الجدل الواسع بشأنها ظلالا من الشك حول سلامتها وجدواها, فيما بدا أن شروط إعدادها وما شملته لبناء بضعة أرصفة وحجم تداول الحاويات اليسير لا يشكل سوى 10% من الطاقة الاستيعابية لإمكانيات تطوير الميناء تقريباً وفق المخطط العام والدراسة الاقتصادية التي أجراها, ومؤشرات تنامي حركة النقل والملاحة الدولية, وما يعنيه ذلك من تعطيل دوره في إنهاض الاقتصاد الوطني للبلاد وحل مشاكلها, واستعادة دورها التاريخي ومكانتها الدولية التي وصل معها ميناء عدن إلى المرتبة الثانية بين موانئ العالم في زمن مضى.ولذلك كله يبدو رائعاً ما فعله فخامة الاخ الرئيس حين وجه بايقاف المناقشات بشأن تلك العروض والمشاريع الصغيرة وعدم الاتفاق حولها، وما اعقبه من تصريحات لدولة رئيس الوزراء بانه قد تم اعادة النظر بها وتحديد خيارات كثيرة اخرى لتطوير الميناء على مساحات وآفاق ارحب، وهو مايسمح لممثلي تلك الدول ان يجددوا ماقالوه عن الإمكانيات الهائلة لتوسيع الميناء اثنا انعقاد مؤتمر المانحين بلندن ورؤاهم لتطبيقها من واقع خبرات بلدانهم العريقة.وبالتأكيد فإن الامر كله ليس موجهاً ضد عروض شركة دبي ولا الكويت ولا القطاع الخاص اليمني على الاطلاق والذين يرغب كل اليمنيين في رؤيتهم يستثمرون بكل ثقلهم في اليمن ولكنها دعوة لان يحدثوا عروضهم على قاعدة شروط جديدة تسمح لهم بكسب موقع مناسب في اطار منافسة عالميه لمشروع اكبر يستوعب معطيات تنامي حركة النقل والملاحة البحرية ويحقق في الوقت نفسه التكامل الاقليمي والشراكة الدولية ، ومن الممكن جداً ان تقود شركة دبي العالمية تحالفاً استثمارياً للموانئ الخليجية لتأمين ذلك الهدف والذي يبدو انه من الافضل لها من الناحية الاقتصادية الاستثمارية بميناء عدن لاستيعاب الزيادات المحتملة في مؤشرات النقل والملاحة البحرية العالمية الاقرب الى ميناء عدن بدلاً من الاستثمار في موانئها الابعد عن خطوط الملاحة تلك حين يبدأ ميناء عدن الحركة بالتوسع وهذا سياتي عاجلاً ام آجلاً فسيكون الافضل لشركات وموانئ العالم العملاقة لاعتبارات اقتصادية التعامل معه ما قد يؤدي الى كساد محتمل لديها وهي في غنى عنه ، وما تحتاجه فقط ان تطور دراساتها لتشمل كل الاحتمالات وان تلائم سياساتها مع مستقبل التكامل اليمني الخليجي الذي تشجعه دولها بهدف تطوير اليمن واستعادته الى بيئته الاقليمية.إن الخيار الافضل هو ذلك الذي ينطلق من رسالة الاخ رئيس الجمهورية التي وجهها الى الشعب اليمني اثناء زيارته لدولة الصين الشعبية الاخيرة، بانه سيعمل ليصبح ميناء عدن مثل ميناء هونج كونج في السنوات المقبلة وبما يسمح بتحقيق برنامجه الانتخابي لاحداث تنمية اقتصادية واجتماعية ناهضة ومعالجة حالة الفقر والبطالة التي تعاني منها البلاد خلال عامي 2007-2008م، كما جاء في البرنامج.لم يكن يبدو ان الاخ الرئيس كان يطلق حملة دعائية انتخابية من بعيد ولكن اختياره مدينة هونج كونج لتوجيه تلك الرسالة، وهو يطل على مينائها العتيد والمحاط بسلسلة من الابراج وناطحات السحاب وينظر في الافق المضئ في سماء تلك المدينة الجميلة الا لانه قد رأى في الواقع ، وسمع الكثير، ان شأن تلك المدينة المترامية الاطراف قد تم بفضل تطوير مينائها في الاساس وانها بسبب ذلك قد أصبحت الى جانب ميناء ( شنغهاي) تلعب دوراً رئيسياً في تحقيق النهضة المتسارعة للوطن الام بعد ان عادت اليه واصبحت جزءاً منه ومن موقع كونها اصبحت مركزاً ملاحياً وتجارياً ومالياً دولياً، تمتد استثماراتها وفروع بنوكها الى معظم بلدان العالم ، تماماً مثل ذلك الدور الذي لعبته موانئ نبويورك، وروتردام وسنغافورة ، يلعبه ميناء جبل علي اليوم داخل بلدانها وفي الاقتصاد العالمي.وربما يكون قد سمع استعداد تلك الشركات والبنوك للاستثمار في ميناء عدن وهي تشير الى ماتملكة من معلومات عن مؤشرات تنامي الاقتصاديات والمبادلات التجارية الدولية، وحاجتها المتزايدة لميناء عدن وإمكانيات تطويره ليصبح مثل ميناء هونج كونج فعلاً كما جاء في مقابلة الاخ الرئيس التلفزيونية الشهيرة تلك وجرى بثها من هناك.وربما كان ذلك هو نفس الموقف الذي عبرت عنه الشركات الامريكية والاوربية التي تدافعت الى اليمن على مدار السنوات الماضية، ولو بصغية اخرى، وكلها ظلت وزالت تبحث لها عن موقع في ميناء عدن.كل تلك الحقائق ينبغي ان تكون جديرة بان يتناولها مؤتمر لندن للمانحين وهو يبحث في مشاريع التنمية الاقتصادية والتكامل اليمني الخليجي والشراكة الدولية، وهي التي نعتقد انها تشكل الاجندة الرئيسة للمؤتمر.ومن عدن نتمنى على المؤتمر ان يخرج بالقرارات والنتائج التي يمكن ان تتضمن الاتجاهات والخيارات التالية:اولاً: اعتبار تطوير ميناء عدن والمنطقة الحرة المرتبطة به قطاعً ورافدً اساسيً لاحداث التنمية الشاملة في اليمن، واعتماد المخصصات الكافية في اطار الخطة الخمسية حتى العام 2010م والخطة الالفية حتى العام 2015م الى جانب الشركات الخاصة وبما يحقق عائدات اكبر للدولة والاعتماد على ادارة متخصصة عالمية.ثانياً: تشكيل لجنة مختصة للاشراف على مشروع الميناء وتكليفها باختيار شركة استشارية كفؤة لاعداد المخطط العام وشروط العمل (Term of rsfrence) الشاملة لتطويرة وتوسيعه باستيعاب كامل للمخطط العام والدراسة الاقتصادية السابقة التي اجراها ، وتحديثها بمؤشرات تنامي الاقتصاديات والمبادلات التجارية الاقليمية والقارية، وحركة النقل والملاحة البحرية الدولية واقتصادية استخداماتها لميناء عدن.ثالثاً: ان يسند الى اللجنة دراسة الخيارات التالية للاستثمار في الميناء.1-تشكيل تحالف استثماري دلي (Consortium) يقوم في اطار شركة استثمارية مساهمة تشارك فيها الدولة لايمنية وصندوق المانحين والشركات والبنوك العالمية ذات الصلة بتطوير حركة النقل والملاحة البحرية الى ميناء عدن والاستثمار في المنطقة الحرة المرتبطة به.2- تقسيم امتدادات الميناء الى مربعات واعلان مناقصة عالمية شفافة، على قاعدة المخطط العام، والدراسة الاقتصادية للميناء والتي يجري تحديثها.3-اعلان مناقصة عالمية تنافسية على قاعدة المخطط العام والدراسة الاقتصادية المحدثة وشروط العمل بمعايير اقتصادية دولية.(term of refrenee and Master plan)4- ان تقوم الحكومة اليمنية بدعوة شركة دبي العالمية والشركات الملاحية لبلدان الجزيرة العربية، وعلى الاخص تلك التي تخطط لتوسيع موانئها لاستيعاب النشاط الفائض المتنامي الاقرب لميناء عدن، وامكانية ادماجها في شروط العمل والمخطط العام لميناء عدن بهدف مشاركتها في تحالف استثماري او المنافسة العالمية وبما يضمن تحقيق افضل قدر ممكن من التكامل بين اتجاهات تطور ميناء عدن الشاملة والموانئ الخليجية وبما يؤدي الى كسر الاحتكار لاي طرف وتبديد الثروات في المضاربات بمشاريع متقاربة على حساب البعض/ وتأمين اقتصاديات الاستثمار، والسير معاً نحو التكامل المنشود لدول المنطقة واقتصادها.نحن نخاطب مؤتمر لندن للمانحين من بعيد، ومثل الذين سيتحرثون اليه، نعبر عن تقديرنا العالي لاستضافة المملكة المتحدة له ، وانعقاده في عاصمتها الجميلة، ويزيدنا ذلك ثقة بانه سيكون اكثر شمولاً ونجاحاً ، فهي الاكثر ادراكاً لاهمية وضع ميناء عدن على جدول الاعمال، لمعرفتها بامكانيات تطورة، والطريق الذي وصلت به الى مرتبة متقدمة بين موانئ العالم وآثاره الكبيرة على التنمية الشاملة لليمن ولتعزيز روابطه الاقليمية والدولية.
تطوير ميناء عدن مشروعً لازدهار اليمن وللتكامل الإقليمي والشراكة الدولية
أخبار متعلقة