لندن /14 أكتوبر/ رويترز : أسفرت مراجعة كبيرة لإستراتيجية الدفاع البريطانية عن تقليص القدرة العسكرية وتركت القوات المسلحة عرضة لمزيد من التخفيضات في حين يتوقف كثير من القرارات على مدى بقاء القوات البريطانية في أفغانستان.وتخفيضات ميزانية الدفاع البالغة ثمانية في المئة تقل كثيرا عن المتوسط البالغ 19 في المئة الذي فرض على الوزارات الاخرى لتقليص عجز قياسي في الميزانية. ويهدف هذا التمييز لميزانية الدفاع الى تهدئة مخاوف الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي وابقاء بريطانيا كواحدة من اقوى القوى العسكرية في اوروبا.وكانت مراجعة استراتيجية الدفاع والامن هي الاولى منذ عام 1998 وابرزت الهجمات الالكترونية والارهاب باعتبارها اكبر التهديدات للامن البريطاني مما برر تخفيضات في المعدات المستخدمة في الحرب التقليدية.لكن يمكن لاي أزمة ان تترك بريطانيا مكشوفة اذا احتاجت مرة أخرى لبعض القدرات التي خفضتها وليس اقلها القدرة على ارسال الطائرات وحاملات الطائرات وهو ما كان عاملا حاسما في حرب بريطانيا مع الارجنتين بشأن جزر فوكلاند عام 1982 .وفرضت الالتزامات التعاقدية على الحكومة الاحتفاظ بحاملتي طائرات سبق ان طلبتهما لكن بريطانيا لن يكون لديها طائرات قتالية لاطلاقها من هاتين الحاملتين لنحو عشر سنوات.وقال اندرو دورمان الاستاذ بقسم الدفاع في كينجز كوليدج بلندن «من الواضح ان الحكومة مستعدة لتحمل مخاطرة كبيرة في بعض المجالات... السؤال عما اذا كانوا وقعوا في حبال المخاطر التي يتحملونها».وتأمل بريطانيا ايضا ألا تضطر لنشر قوة عسكرية كبيرة بالخارج مرة اخرى في المستقبل القريب بالنظر الى انها خفضت اسطولها من السفن الحربية والطائرات وستوجه قوات اقل للتدخلات العسكرية الخارجية.وألقى دور بريطانيا في افغانستان -حيث تنشر 9500 جندي وتخطط للانسحاب من هناك بحلول 2015 - بثقله على المراجعة وقلص التخفيضات المتعلقة بالجيش وبعض المعدات.وقال مالكولم تشالمرز الاستاذ في المعهد الملكي للدراسات الدفاعية والامنية في لندن «بالنظر لاعتبارات مهمة فان هذه المراجعة تصمد طالما نحن في افغانستان».واضاف «اذا امكن للمملكة المتحدة اجراء خفض كبير لقواتها بحلول 2013 فسيكون هناك ضغط لاجراء مراجعة كبيرة للالتزامات قبل 2015 .»وتدعو المراجعة إلى خفض فعلي بحوالي ثمانية في المئة في ميزانية دفاعية تبلغ 36.9 مليار جنيه استرليني (58 مليار دولار) لكن المراجعة تفتقر للتفاصيل بشأن المواضع التي سيطبق عليها الخفض.وقال دورمان «اعتقد انكم سترون سلسلة كاملة من الاعلانات على مدى الشهور الثمانية عشر القادمة التي ستتضمن بعض القرارات الكبيرة. اذا لم تجر بعض التخفيضات بفعالية فأعتقد انهم سيحتاجون لمزيد من التخفيضات.. اتوقع ان يلي ذلك تخفيضات كبيرة محتملة».وتأجل اتخاذ قرار بشأن تجديد برنامج ترايدنت البريطاني للردع النووي وما زال احتمال خفضه معلقا. وأرجيء أيضا اتخاذ قرار بشأن عدد طائرات جوينت سترايك فايتر ويوروفايتر المقاتلة التي سيتم شراؤها وهو ما حدث ايضا ازاء عدد العربات المدرعة التي ستشترى في برنامج جديد.وربما تتضح الامور بدرجة اكبر حين تتشاور الحكومة مع قطاع الصناعة للاتفاق على استراتيجية صناعية عسكرية جديدة بحلول نهاية العام. وستعطي الاستراتيجية صورة اوضح لما ستشتريه وزارة الدفاع في المستقبل وما ستتخلص منه.وعلى النقيض من مخاوف سابقة لم تشهد المراجعة ابتعادا كبيرا لبريطانيا عن مكانها كواحدة من اقوى القوى العسكرية في اوروبا وهي على قدم المساواة تقريبا مع فرنسا.وقال المتحدث باسم حلف شمال الاطلسي جيمس اباثوري «بناء على ما رأيناه فستبقى المملكة المتحدة ذات قدرة عالية بصورة عامة وستبقى ملتزمة بمشاركة دولية نشطة».وعلى الصعيد السياسي فان حزب المحافظين ذا الميول اليمينية والذي يتباهى بمواقفه المؤيدة للجيش ظهر في صورة بطل القوات المسلحة حيث كان اكثر مرونة ازاء الميزانية الدفاعية بالمقارنة مع باقي وزارات الحكومة.وسيكون حزب الديمقراطيين الاحرار المنتمي لجناح الحمائم -وهو الشريك الاصغر للمحافظين في الحكومة- سعيدا بقرار تأخير تجديد برنامج ترايدنت لانه يريد نظاما بديلا.لكن عدم وفاء الحزب بتعهده بمنع زيادة رسوم التعليم الجامعي يتناقض مع نجاح المحافظين في حماية مؤيديهم العسكريين.وقال جوناثان تونج رئيس قسم السياسات في جامعة ليفربول «المحافظون هم اصحاب اليد العليا في الائتلاف حيث يدفعون جدول اعمالهم ويقلصون التخفيضات الدفاعية للحد الادنى في حين يغيرون بصورة جوهرية نظام تمويل الجامعات».واضاف «ما ظهر في البداية على الاقل كصفقة جيدة (للائتلاف) بالنسبة للديمقراطيين الاحرار بدأ بالفعل في التفكك مع تنفيذ جدول الاعمال السياسي للمحافظين».