بدأت ظاهرة عمالة الأطفال في الانتشار منذ بداية التسعينات ورافقها كثير من المتغيرات السياسية والاقتصادية في المنطقة.. واعترافا بأهمية مواجهة هذه التحديات التي تعوق برامج التنمية، فقد صادقت بلادنا على العديد من الاتفاقيات الدولية ومنها الاتـفاقية الدولية لحقوق الطفل في عام 1991م التي تنـص المادة رقم (32) منها على حق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطرا أو يمثل إعاقة لتعليم الطفل أو أن يكون ضارا بصحة الطفل أو نموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي وتدعو المادة الدول الأطراف إلى اتخاذ التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتربوية التي تكفل تنفيذ هذه المادة وبوجه خاص ما يلي:- أ- تحديد عمر أدنى أو أعمار دنيا للالتحاق بالعمل. ب - وضع نظام مناسب لساعات العمل وظروفه . ج - فرض عقوبات أو جزاءات أخرى مناسبة لضمان إنفاذ هذه المادة بفاعلية .ويتعرض ملايين الأطفال في عالمنا لظاهرة الاستغلال التشغيلي ، والتي تعتمد على استغلال الضائقة المعيشية التي تعيشها عائلات هؤلاء الأطفال في بلادنا ،كما أكد احد الأطفال في حديث خاص أجريته معه حيث قال :”خرجت وأخي إلى سوق العمل بسبب الفقر الذي تعيشه العائلة ، وما نتلقاه من اجر هو حوالي خمسة دولارات في الأسبوع ، مقابل عمل 12 ساعة وأكثر”. وأضاف هذا الطفل في حديثه أنه وأخاه ورفاقه الأطفال ممن يعملون معه يتعرضون ليس فقط للاستغلال في العمل ،بل للضرب والإهانة والحبس مؤكداً أنهم يضطرون إلى السكوت عن هذا الوضع المهين بسبب الفقر الذي تكابده عائلاتهم وعن ضربهم من اجل ضمان العمل .وحال هذا الطفل يكاد يشبه حال مئات ملايين الأطفال ممن يجري استغلالهم في سوق العمل (العولمة) بل هناك حالات أبشع بكثير، ووفق آخر إحصاء صادر عن منظمة العمل الدولية هناك أكثر من 218 مليون طفل وطفلة يجري استغلالهم في سوق العمل في العالم، بل يجري التعامل معهم وفق أنماط العبودية والرق بما تحمله من آلام ومآس ، فهناك ظواهر تتناولها التقارير الدولية تتعلق بعمليات الاتجار بالأطفال من الجنسين من قبل شبكات دولية تسيطر عليها مجموعات تتبع (المافيا) وغيرها من شبكات الجنوح ، مهمتها القيام بإغراء عائلات فقيرة لبيع أولادها لتلك الشبكات تحت شعار أنهم سيوفرون لهم عملا لائقا في مهنة “محترمة” مقابل اجر كبير ، فضيق الحال يؤدي إلى تمكن تلك الشبكات وعناصرها من اصطياد الفريسة - الأطفال- ونقلها إلى دولة أخرى كدول الجوار أو مدينة بعيدة وتشغيلها في مهنة الدعارة مثلاً أو العمل في الخدمة البيتية وغيرها من المهن التي يتعرض خلالها هؤلاء الأولاد لعمليات الاستغلال الفاحش .وفي ظل انتشار هذه الظاهرة الخطيرة التي يؤكد خبراء دوليون قاموا بالبحث في الموضوع أن العدد الذي صدر عن منظمة العمل الدولية “متواضع” ، بسبب عدم كشف قيام الكثير من الدول عن حقيقة الأرقام التي يحملها سوق العمل بالنسبة لعمالة الأطفال من الأولاد الذين يتعرضون للاستغلال البشع من قبل حيتان الاستغلال على مختلف أشكالهم. في ضوء هذا الوضع السوداوي قررت المؤسسات الدولية وعلى رأسها منظمة العمل الدولية الإعلان عن تخصيص “يوم لمكافحة ظاهرة تشغيل الأطفال.”وبذلك انطلقت الحملة العالمية لمكافحة ظاهرة تشغيل الأطفال في العالم ،بداية بعقد المنظمة جلسة خاصة في 12 يونيو من العام قبل الماضي في مؤتمرها الـ 97 الذي عقد في جنيف، تناولت فيها الموضوع والتقرير الخاص الذي أُعد بالمناسبة. ثم نظمت مظاهرة في اليوم نفسه أمام قصر الأمم باشتراك شخصيات نقابية ودولية وأطفال ورئيس بلدية جنيف ، حيث جرى التوقيع على عريضة كبرى تحت شعار “لا لعمل الأطفال “ وأطلق الأطفال بالونات تحمل هذا الشعار . ويجري تنظيم نشاطات واسعة بالمناسبة في أكثر من 60 دولة في العالم .وضمن هذه الحملة يتم تنظيم حملة تبرعات لكتب خاصة بالأطفال كي تستعملها منظمة العمل الدولية واليونيسكو واليونيسيف في برامجها التعليمية الهادفة إلى تعليم الأطفال والعمل على إخراجهم من سوق العمل والعبودية. لا بد لنا أن نعبّر عن تقديرنا لكل ناشط وناشطة في هذا المجال، وما قاله خوان سومافيا مدير عام منظمة العمل الدولية بهذه المناسبة، وهو أن هذه الحملة العالمية التي تدعو إلى مكافحة عمل الأطفال في العالم تأتي كجزء من حملة تنظمها المنظمة على مدار سنة وتدعو فيها إلى المساواة في العمل عامة وضمان العمل اللائق للجميع والمساواة بين الجنسين ومكافحة عمل الأطفال من خلال ضمان التعليم لهم مع الترويج لشعار:”الضمان من أجل التقدم: تثقيف الفتيات والفتيان على حد سواء” ، ..و تقع علينا مسؤولية كبيرة بهذا الخصوص ، وليقم كل منا بدوره في حملة مكافحة عمل الأطفال في اليمن.
|
اطفال
صباح الخير
أخبار متعلقة