مدارات
ما الذي جعل طغاة بعض دولنا المعاصرة، تتكبر وتتجبر وتتقوى على الدول الضعيفة والصغيرة، وبالتالي تفرض هيمنتها ووصايتها وسيطرتها على الآخرين، لاشيء غير نزعاتها في غزو واحتلال ونهب وابتزاز الآخرين والسطو على اراضيهم وثرواتهم الطبيعية تحت الارض وفوقها، وبالتالي نشر قواعدها العسكرية وفرقها الاستخبارية في كل انحاء العالم، واعتماد هذه البلدان الصغيرة والضعيفة مجرد اسواق استهلاكية لسلعها الفائضة عن الحاجة عندها، وكذا السلع الرديئة والمضرة في كثير من الاحيان.جرى ذلك عبر قرون مضت ولايزال تحت دعاوى وفتاوى مختلفة تارة باسم تعمير الكون وتعميم التقدم، وتارة باسم نشر الحرية والديمقراطية الزائفتين، وتارة باسم مكافحة الشيوعية او ضد الاديان الاخرى، والضحية كانت ولاتزال الشعوب المقهورة، التي ظلت رازحة دوما تحت عبودية العمل المأجور، مجرد سخرة، ومستعملين او مستخدمين وموظفين لخدمة الاقليات المتحكمة والمسيطرة والمتسلطة على رقاب الناس من الاقطاعيين والرأسماليين الذين حولوا الثروات العامة لشعوبهم الى ثروات خاصة بهم وحدهم.هذا وغيره هو سر عالمنا المقلوب، اغلبية تنتج كل الخيرات، وقلة تستأثر وحدها بكل الخيرات، ولا تتلقى الشعوب الا الفتات، لهذا ظلت الشعوب مسلوبة الارادة، لانها لم تمتلك بعد حتى الآن القدرات والامكانيات لقلب هذه المعادلة غير الطبيعية وغير العادلة ولم تعد تجدي اساليب المواءمة او التكيف السلبي مع الاوضاع المقلوبة القائمة، فكل شعوب العالم بحاجة الى ثورة جذرية تحول عاليها سافلها وتعيد الاعتبار لانسانية الانسان وكرامته على وجه الارض لاشاعة السلام الاجتماعي كشرط لاقامة ديمقراطية لمصحلة كل الشعوب.فتسلط فرد واحد او عائلة، او حتى مجموعة عائلات او قبيلة وعشيرة او طائفة دينية او باسم الدين عموما او منطقة على الآخرين، لم يعد مقبولا ولاطبيعيا، ولاحتى سيطرة حزب بعينه، او تبادل الادوار بين حزبين للسيطرة على الآخرين وعلى شعب بكامله، فالانتخابات السائدة هذه الايام لم تعد كافية لجعل السلطة بيد الشعوب مباشرة ففي الغالب لاتعدو ان تكون انتخابات غير نزيهة وغيرحرة، وغير متكافئة سواء في ظل الملكيات او في ظل الجمهوريات، فلابد ان تكون الارض والثروة العامة ملكية اجتماعية عامة، والناس كل الناس شركاء في ادارة شؤونهم وهذه هي الديمقراطية الوطنية الحقة.