60 مليار دولار لا تكفي السوق
القاهرة/14اكتوبر/ وكالة الصحافة العربية:أكدت بحوث اقتصادية عربية حديثة أنه على الرغم من أن الاستثمار في البلاد العربية، يتوافر له الكثير من عوامل النجاح من رأس مال ومواد خام وأيد عاملة، إلا أن الأرقام والإحصائيات تشير إلى أن حجم الاستثمارات العربية البينية لم تزد عن 60 مليار دولار، رغم أن السوق يستوعب أكثر من 250 مليار دولار، خاصة إذا علمنا أن حجم رأس المال العربي المهاجر تجاوز 1200 مليار دولار على حسب آخر الإحصائيات الاقتصادية·وأشار اقتصاديون عرب إلي أن تنشيط حجم الاستثمار والتجارة العربية يعود إلي المقام الأول إلي قرار سياسي، وتكون جميع العوامل الأخري المؤثرة كعوامل فرعية، ويدللون علي ذلك بأهم النتائج التي أسفرت عنها القمة العربية لعام 1996، والتي ساهمت في زيادة حجم الاستثمارات العربية، التي لم تكن تجاوزت المليار دولاراً من قبل·وطبقاً للتقرير الاقتصادي العربي الموحد الصادر عن 1996 فإن مصر حصلت على نصيب الأسد من الاستثمارات العربية البالغة %56، تليها سوريا ثم السعودية والتي تصدرت قائمة الدول العربية المصدرة للاستثمارات، ويشير التقرير الاقتصادي الموحد إلى أن معظم الدول العربية لم تتمكن بعد من تصحيح الاختلالات الهيكلية في الإنتاج، ومازالت تتميز بقلة عدد السلع المصدرة واقتصارها على سلعة أو سلعتين رئيسيتين لكل بلد عربي·د· مأمون إبراهيم المدير العام للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار سابقاً يري أن هناك تحسناً بدرجة ملموسة من خلال المؤشرات الحسية في الفترة الأخيرة، كما أن بيئة الاستثمار في الدول العربية قد تطورت كثيراً بفعل تطورات وتراكمات إيجابية حصلت في السنوات العشر الأخيرة، إذ تشير البيانات التي ترصدها مؤسسة الاستثمار عن قيمة الاستثمارات البينية العربية المسجلة، وأن تلك الاستثمارات ارتفعت من متوسط سنوي في حدود 280 مليون دولار خلال الفترة 1989-85 إلي نحو 60 مليار دولار للعام الماضي 2006، وهو ما يؤكد حدوث تحسن فعلي في مناخ الاستثمار واستجابة المستثمرين العرب·[c1]إفرازات معوقة :[/c]ويؤكد د· مأمون أنه بالرغم من التطورات السياسية وما ترتب عنها من إفرازات معوقة، فإن مناخ الاسثتمار في الدول العربية شهد تحسناً ملحوظاً منذ بداية العقد الحالي في غالبية أقطار الوطن العربي، ويستدل علي ذلك من عدد من المؤشرات ومن أهمها معدلات النمو الجيد القابلة للاستمرار التي تم تحقيقها وانخفاض حالة العجز في الموازنة الداخلية والخارجية وتجاوزه بعض الأحيان، إن سياسة التخصيص كان لها دور كبير في توفير الفرص الواعدة للمستثمرين العرب والأجانب، وقد أدي هذا التحسن إلي دعم قدرة هذه الدول العربية والأجنبية، وتقدر المصادر الدولية أن إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلي الدول العربية، يشهد حالة من الصعود المستمرة، وذلك دليلاً علي تحسن مناخ الاستثمار العربي·ويشير إلي أنه رغم ذلك لاتزال المنطقة العربية قليلة الجاذبية لرؤوس الأموال الأجنبية، مقارنة بغيرها من مناطق العالم النامي، إذا لايتجاوز نصيبها من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر علي المستوي الدولي في حدود %2·ويضيف: إن التوسع في تقديم التغطية التأمينية للاستثمارات العربية في البلاد المستقبلة للاستثمار، يعد أمراً حيوياً لتشجيع رجال الأعمال العرب علي زيادة نشاطهم في الدول العربية ونقل جانب من أموالهم بالخارج إلي المنطقة، خاصة وأن زيادة مخاطر الاستثمارات المالية في الخارج حالياً تعد عنصراً مشجعاً لهذا الاتجاه·ويطالب المدير العام السابق للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار المؤسسات المالية العربية وشركات التأمين لتوظيف جانب من طاقتها في مجال ضمان مخاطر الاستثمار والتجارة، لإضفاء مزيد من الأمان علي مناخ الاستثمار في الدول العربية، كما يؤكد علي ضرورة فصل الاقتصاد عن الخلافات السياسية بين الدول العربية لتشجيع الاستثمارات، البينية وذلك وفقاً لما نصت عليه مقررات القمة العربية الأخيرة التي عقدت بالقاهرة في يونيو 1996، وغيرها من القمم العربية التالية، التي تابعت تحركات التعاون الاقتصادي العربي، وخاصة وأن الإسراع بإنشاء منطقة التجارة الحرة العربية الكبري وإزالة الحواجز الجمركية من شأنه فتح مجالات جديدة للاستثمارات البينية العربية·فتح البابويري د· سليمان المنذري الخبير الاقتصادي أنه بات ضرورياً الربط بين أهمية التكامل الاقتصادي العربي، وبين إحداث تنمية حقيقية علي مستوي الوطن العربي وفي كافة المجالات، بما فيها الاستثمارات البينية، وقد أكدت علي ذلك بالفعل العديد من الاتفاقيات العربية ومنها اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري واتفاقية منطقة التجارة الحرة، وهذه هي البداية ثم يأتي بعد ذلك فتح الباب أمام الاستثمارات، ويأتي بعد ذلك مرحلة التكامل الاقتصادي، ورغم هذه فالمعوقات متواجدة وتتمثل في القيود الجمركية من رسوم وإجراءات، كما توجد قيود نقدية تتمثل في الرقابة علي النقد الأجنبي وعلي تسوية المدفوعات·ويضيف: إن هناك خطوات يجب اتخاذها في البداية لدفع الاستثمارات البينية العربية، وقد يكون من بينها ما يجب أن يحدث بشكل فردي- أي كل دولة علي حدة- وما يمكن إحداثه بشكل جماعي بدءاً من رفع مستوي الأداء الاقتصادي ورفع الإنتاجية وزيادة حجم الناتج القومي مع تطوير قدرة البيئة الاجتماعية والثقافية والسياسية، مروراً بتلبية الحاجات الأساسية المتطورة عند توجيه الاستثمارات مع العمل في نفس الوقت علي إصلاح نظم توزيع الدخل في الأقطار العربية، وصولاً إلي القناعة بأهمية أن تتيح التوجيهات الاستثمارية الجديدة فرصة عمالة حقيقية·ويقول د· عصام بدراوي أستاذ الاقتصاد: ليست هذه المعوقات الوحيدة التي تواجه الاستثمارات العربية، فهناك التخبط الواضح في القرارات الاقتصادية داخل الكثير من البلدان العربية، ويضاف إلي ذلك اختلافات الرؤي الاقتصادية والمناهج المستخدمة رغم تشابه الظروف في كثير من الدول العربية، بالإضافة إلي عدم توافر نظام معلومات متكامل يمكن من خلاله التعرف علي حاجيات الدول من المشروعات والعمليات الاستثمارية، ومدي إمكانية قيام هذه المشروعات وعدم وضوح الفرص والاستثناءات والمزايا الممنوحة للمستثمر العربي، وعدم و جود خرائط للمناطق الجديدة في بعض الدول وعدم توافر تنمية لدعمها·ويطالب د· بدراوي بضرورة وضع برامج لتوحيد قاعدة المعلومات وتسهيل وتسريع تداولها بين الأقطار العربية، وأهمية وضع برامج لتوحيد إطارات أساليب التخطيط ونظم المتابعة في الدول العربية مع توحيد الأساليب المحاسبية·غياب أسواق المالويشير د· عفيفي حاتم مدير مركز الدراسات للتجارة الخارجية، إلي أن الفكر المصرفي العربي لم يصل بعد إلي المستويات العالمية، هذا بالإضافة لعدم تواجد أسواق مال وبورصات في غالبية الدول العربية باستثناء دول الخليج وخاصة البحرين، وهذا يجعل من الخوف سبباً أكيداً لهروب الاستثمارات العربية إلي الخارج وبالتالي انخفاض الاستثمارات البينية بينها، هذا بالإضافة إلي التوترات التي وجدت داخل بعض الأقطار العربية والتي توصف بأنها ذات حالة اقتصادية سيئة·ويوضح أنه إذا تناولنا الأسباب التي أوردتها الدراسات والبحوث الأكاديمية، والتي تعوق الاستثمارات العربية، حيث يشير تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار إلي صعوبة إجراءات الترخيص وتعدد الجهات التي يتعامل معها المستثمر، بالإضافة إلي ازدهار سوق الرشاوي وتشابك الصلاحيات وتعدد مراكز القرار الاقتصادي والسياسي في الدول العربية، هذا بالإضافة إلي عدم مقدرة بعض الدول علي خلق فرص استثمارية جديدة وجدية، مع تواجد نظرة تجاه الاستثمارات الخارجية علي أنها شكل من أشكال التواجد الاستثماري·د· حمدي عبدالعظيم العميد الأسبق بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، يضرب مثلاً من خلال التحركات الأوروبية عقب الاستعدادات الأولي للوحدة الاقتصادية، ويقول: نجد أن اتجاه رؤوس الأموال والاستثمارات الأوروبية من الدول الغنية إلي داخل دول الاتحاد الأوروبي، والاستفادة الكاملة من الإمكانيات المتاحة والتي تتواجد بها مزايا وحوافز استثمارية مما جعل الاتحاد الأوروبي يظهر بشكله وتكتله الحالي، ويجب علي الدول العربية أن تسعي جاهدة في جذب استثماراتها المهاجرة، والتي تقدر بحوالي 800 مليار دولار إلي داخل الدول العربية لتدعيم الاستثمارات البينية·ويخلص إلي أن هذا يتطلب توفير العديد من المزايا مثل انخفاض أسعار التكاليف الاستثمارية وأسعار المواد الخام وانخفاض أجور اليد العاملة، بالإضافة إلي متطلبات أكثر أهمية بداية من إعادة هيكلة النظم المالية والنقدية لتكون مشجعة لتوافد رؤوس الأمور العربية المهاجرة، ويلزم هذا إحداث طفرة تنموية في أسواق المال والنقد العربية·قواعد قانونيةويؤكد المستشار فايز المبيضين رئيس محكمة الاستثمار العربية سابقاً أن مناخ الاستثمار في الوطن العربي، يتطلب وضع قواعد الاستثمار القانونية في إطار قانون عربي موحد ومستقر، يعمل علي تسهيل انتقال رؤوس الأموال وتوظيفها داخل الأقطار العربية، موضحاً أن القائمين علي محكمة الاستثمار يسعون دائماً لتفعيل دور هذه المحكمة، التي أنشئت وفقاً للاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الوطن العربي عام 1980، وتختص بالفعل فيما يعرض عليها أحد طرفي الاستثمار من المنازعات المتعلقة بتطبيق أحكام الاتفاقية أو الناتجة عنها·وحول الضمانات التي توفرها هذه المحكمة يقول رئيس المحكمة الاستثمارية العربية: تهدف المحكمة إلي معاملة المستثمر العربي بنفس الأحكام التي تسري في أي دولة علي مواطنيها، مع تقرير حرية انتقال رؤوس الأموال وتحصينها بضمانات من المخاطر غير التجارية وبنظام قضائي خاص، إضافة إلي المزايا والتسهيلات التي قد تمنحها الدولة المستقبلة للاستثمار ضمن إطار سيادتها الوطنية·ويضيف: لقد كلفت المحكمة تعويضات للمستثمرين عما يصيبهم من ضرر، نتيجة قيام الدولة التي استثمروا فيها أموالاً بالمساس بأي حق من حقوقهم أو بالضمانات المقررة ضمن الأحكام والاتفاقيات، وليس علي المستثمر وحده بل وأسرته الذين يتمتعون بحق الدخول والإقامة والمغادرة وبلا عوائق في إقليم الدولة التي يقع فيها ا لاستثمار·