إعداد / عبدالقوي الأشولفي العام 1927م وتحديداً في 29 إبريل بويع الشاعر أحمد شوقي بامارة الشعر وهي المناسبة التي جعلت حافظ إبراهيم يقول :بلابل وادي النيل بالمشرق اسجعي *** بشعر أمير الدولتين ورجعي أعيدي على الاسماع ما رردت به *** براعة شوقي في ابتداء ومقطع وصولاً إلى قولهامير القوافي قد أتيت مبايعاً *** وهذي وفود الشرق قد بايعت معي هذه المكانة التي تبوأها شوقي لم تأته طوعاً في عصره فشوقي هو الأشعر والأقدر على نظم القوافي التي تحرك الوجدان والطاقة الشعرية الكبرى في عصره وسار في قوافيه وايقاعاته وأوزانه على نظار بحور الشعر العربي أي ان ينبوع شوقي هو من عذب شعرنا العربي الدافق .. بكل ما عرف عنه من طراوة وعذوبة فعندما تقرأ الشوقيات .. تجد شاعراً عميقاً في تأملاته حصيفاً مكيناً في اختيار نظم كلمات ابياته حتى في تلك الاطوال التي استدعت معها الضرورة نزول شوقي إلى مستوى العامية المصرية فيما كان يقدم من قصائد غنائية لسيدة الغناء العربي السيدة أم كلثوم لم يكن شوقي يهبط بمستوى اللغة إلى درجة تفقده مكانته المألوفة .. أي ان شوقي كان موفقاً إلى حد كبير في نظم غنائيات تتناسب وطبيعة الاغنية التي تريد ان تغنيها كوكب الشرق وان اعتبر النقاد ان مثل تلك الغنائيات قد جعلت شوقي يجانب طريقه المألوف في قول القصيدة التي عرف بها إلى درجة أن بعض من أحبوا شوقي أعدو مثل هذا المسلك عارضاً سحب نفسه سلباً على عطاء شوقي موحين ان هذا التسطير قد قتل شاعرية الرجل إلا ان شوقي كان يرى فيما يقدمه لأم كثلوم نمطاً من الشعر الغنائي الذي يتناسب وشدو تلك الحنجرة الذهبية التي كان يسعى إليها الشعراء ومحاولة ارضائها واعتبار تعاملها مع أي منهم يعطيهم منزلة تستدعي مثل هذا التفاني ومحاولة ارضاء سيدة الغناء العربي بما يقدمون لها من قصائد .. لذلك بدت الشوقيات بشدو سيدة الغناء وجهاً آخر لمنزلة شوقي وغيره من شعراء زمانها ممن حظوا بسماع قصائدهم بترانيم تلك السيدة العظيمة .وبالعودة إلى مبايعة شوقي بالامارة .. استوقفتني قصيدته التي قالها شوقي بتلك المناسبة وبالقدر التي هي تجسد احساسه وشعوره تجاه من أتوا لمبايعته بالمناسبة هي قصيدة تظهر طبيعة الاجواء الشعرية في الساحة العربية في تلك الاثناء بالاضافة إلى ابرازها لمعاني لغة شوقي الشعرية بكل ما فيها من ثراء اللغة وحسن صياغة ابيات القصيدة :مرحباً بالربيع في ريعانه *** وبانواره وطيب زمانه رفت الأرض في مواكب أذار *** وشب الزمان في مهرجانه نزل السهل ضاحك البشر يمشي *** فيه مشى الأمير في بستانه عاد حلياً براحتيه ووشياً *** طول أنهاره وعرف جنانه نغم في السماء والأرض شتى *** من معاني الربيع أو ألحانه اين نور الربيع من زهر الشعر *** إذا ما استوى على أفنانه حسن في أوانه كل شيء *** وجمال القريض بعد أوانه ملك ظله على ربوة الخلد *** وكرسيه على خلجانه أمر الله بالحقيقة والحكمة *** فالتقتا على صولجانه إلى أن يقول شرفت مصر بالشموس من الشر *** ق نجوم البيان من أعيانه قد عرفنا نجمه كل افق *** وأستبنا الكتاب من عنوانه لست أنسى يد الاخوان صدقه *** منحوني جزاء مالم أعانه رب سامي البيان نبه شأني *** أن أسمو إلى نباهة شأنه إلى أن يقول عن شعره : كان شعري الغناء في فرح الشرق *** وكان العزاء في أحزانه لاشك ان مثل هذه الاجواء التي نستشف منها ماكان للشعراء من حضور وتقارب رغم بعد المسافات بين اقطارهم إلا ان صوت الشعر بدا مجلجاً في زمن شوقي ومن عاصروه مثل هذه الروح وتلك الاجواء الثرية بالعطاء الأدبي لاشك أنها أتت مصاحبة لايقاعات ذلكم الزمن حين بدت البلدان العربية بصفة عامة اكثر حماساً للخروج من أتون السيطرة الاستعمارية الاستعبادية إلى ساحة التحرر الفكري والابداعي المصحوب بقدر من الشعور بالانتماء للقومية العربية .. والأحلام المشروعة .. لانه يشعر النيرين من ابنائها بقدر من الأمل في مستقبل .. يعيد أمجادها بما في ذلك مجدها الشعري .وما امارة شوقي في ذلك الزمان إلا استشعار بمعاني مجد الأمة عبر رموز اعلامها لذلك كان محفل المبايعة غاصاً بعدد من أبرز شعراء العربية ممن قالوا أجمل قصائدهم بالمناسبة .. فهل بعد كل هذا الزمان تبدو ساحة الشعر والفن والأدب امتداداً لذلكم الزمن الجميل .
|
ثقافة
شوقي في إمارة الشعر
أخبار متعلقة