أضواء
قدمت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبر مفاهيمها الخاصة عما هو “المعروف” وما هو “المنكر” حيث في حالات تصادم كثيرة مع المجتمع أو مع الثقافات يبدو أن هناك خلطاً مخجلاً في هذا المفهوم.. قدمت الهيئة صورة قاتمة عن الوعي والثقافة في المملكة إثر ما فعله بعض منسوبيها يوم أمس الأول في جامعة اليمامة عندما عزلت النساء البريطانيات والسعوديات بعيداً عن المكاتب والعروض التي أقيمت باشتراك ستين جامعة بريطانية لطرح المعلومات عنها لمن يريد من الطلبة والطالبات بحجة أن ما يحدث هو اختلاط يجب إيقافه..أولاً.. أرجو أن يفهم الأخوة الأفاضل في التعليم والثقافة والإعلام البريطاني أن ما حدث لا يمثل ثقافة المجتمع السعودي، فليس هناك عزل للمرأة، وهم يعلمون سنوياً في مطاعمهم وفنادقهم وحدائقهم كيف أن المرأة السعودية تتصرف بمفردها وتدخل التجمعات التجارية أو الفنية أو الثقافية مع زميلاتها أو بمفردها، ولذا فإن التصرف الذي حدث لا يمثل أي نسبة مقبولة من تعداد السكان في المملكة.. عندما أعود إلى الهيئة التي لم يعاقب أي متجاوز فيها بجزاءات معلنة ومعروفة عند أحد بما في ذلك لو حدث موت بسبب تهشم الرأس أو تدمير أسرة بسبب التشهير وتعميم الفضيحة.. عندما أعود إلى الهيئة التي نجحت في جانب ساندت به أجهزة الأمن بتعقب المخدرات لكن بفضل وعي الأمن وكفاءة العاملين فيه وفشلت في قبول عضوية المجتمع لها بسبب خروجها المستمر عن الموضوعية وتوريط المجتمع بتصرفات مع عناصر أجنبية غير معقولة إطلاقاً، حيث أذكر قبل أربع سنوات تقريباً أن وصلت مكتبي سيدة هولندية تشكو من أنه قُبض عليها لأنها لم ترتدِ العباءة.. بينما كانت تتجه لشراء العباءة وتتساءل: ماذا أفعل؟.. إنهم في الطائرة لا يبيعون العباءات.. سيدة أوروبية أخرى قُبض عليها مع مرشد سياحي بتهمة الخلوة المحرمة حيث كان يشرح لها عن الموجودات قريباً من فريقها.. مثلها سيدة الأعمال في مقهى.. الأمثلة كثيرة، كثيرة جداً.. المؤسف المضحك هي رؤيتنا لأنفسنا عبر المصداقية أو الكذب من خلال تناقض تصرفاتنا.. ففي الداخل معظمنا شيء مختلف تماماً عما عليه في الخارج.. هل تتلطف الهيئة فتقبل دعوة عشرة من أعضائها للسفر بهم بدءاً من القاهرة مروراً بروما ومدريد ولندن وباريس ولوس أنجلوس وكوالالمبور وسيدني كي يتأكدوا أن السعوديين في هذه المدن لا يلتزمون إطلاقاً بعدم الاختلاط، إنهم يأكلون ويشربون ويلبسون ويقضون أوقات فراغهم في مواقع يختلط فيها الرجال بالنساء، وكثيراً ما نجد النساء السعوديات يتواجدن وحدهن فرادى أو جماعات.. ثم نعرّج إلى عدد من الجامعات الدولية وسيجدون أن ما لا يقل عن خمسة آلاف طالبة سعودية يدرسن على مقاعد مجاورة لمقاعد الشباب وفي صالة واحدة بكل قسم في أي جامعة.. تشلح السيدة السعودية عباءتها عند إقلاع الطائرة وتلبسها عند بدء الهبوط.. الصور مضحكة أليس كذلك؟.. طبعاً لا نقبل أن يقولوا هذا يحدث في الخارج أما في بلادنا فلا.. عليهم تحديد ما يقصدونه بكلمة “بلادنا” لأن من تخصهم المواطنة هم أكثرية غير مقتنعة بتصرفاتهم..[c1]*عن/ صحيفة “الرياض” السعودية[/c]