القاهرة/ 14أكتوبر / مشيرة عكاشة: ابن عربي صاحب رؤية خاصة للعالم ، تكلم مع الأشياء لأنه ليس من المحجوب عنهم الأسرار، هذا ما أكده المشاركون في ندوة قاهرية أقيمت مؤخرًا ضمن فعاليات المؤتمر الدولي « ابن عربي .. ملتقي الشرق والغرب» مشرين إلى أن الكثير من الفقهاء والأدباء تأثروا بآرائه وأفكاره وحكاياته .في البداية قال الكاتب جمال الغيطاني : بحثت في النصوص التي كتبها ابن عربي والتي خص بها نفسه ، وأثناء قراءتي لسيرته الذاتية لم أجد الكثير عن الفترة التي قضاها في مصر ، ومجيئه إلى مصر يتزامن مع المسار المادي والروحي لكل المثقفين ،المغاربة الذين خرجوا من الأندلس وقصدوا مراكز الحياة الإنسانية ، وفي هذا الوقت لم يكن هناك حدود أو جمارك ، وكانت الرحلة جزءًا من التكوين الثقافي للأدباء والمثقفين ، فالعالم الإسلامي كان مفتوحاً ، وابن عربي خرج من الأندلس وظل سائحاً حتي توفي في دمشق .وأضاف : “ الخنقاء “ والطرق الصوفية على مستوي العالم الإسلامي كانت تحكي عالمية الدعوة والإسلام ، ولم يكن ينظر للمثقف على جنسيته أو نشأته ، فكان أي مثقف يتولى القضاء ،كما حدث مع ابن خلدون عندما جاء من المغرب وأصبح قاضي القضاة في مصر .فيما قال الباحث الإسباني دينيسي جريل : عندما ترك ابن عربي الأندلس ووصل إلى الإسكندرية وجد صعوبة في التعامل مع الواقع الذي يختلف عن المغرب ووجد تصوفاً لم يعجبه ، فترك مصر عام 895 ، وقد وصف لنا الجو الروحي الذي عاشه ، وأبواب العبادات وآراءه في المسائل الفقهية ، وآراء العلماء في الصلاة واختلافهم حول الصلاة على السجادة ، أو السجود على الحصير ، والمسند أن السجود يعني العبودية ، كما قال تعالي : ( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً ) .. لذلك أمر الله العبد لكي يضع وجهه على الأرض ، وهو أشرف عضو في جسم الإنسان ، والعبد في ذلك في المقام الأقرب إلى الله .وأضاف :” عاد ابن عربي إلى مصر عام 306 بعد إقامته الأولى بها ، والتقي من جديد بصديقه أبي العباس الحريري وروى له أبو العباس حينئذ حكاية غريبة وقعت له مع قصرية كلمته بعد أن تكسرت ، ويختلف تأويل ابن عربي لكلامها عما فهمه صاحبه منها.. وهذا التأويل مبني على رؤية خاصة للعالم ، فإن العلم كتاب ترتقم فيه كلمات الله ، ولذلك لكل الموجودات لسان تخاطب به الانسان المحجوب عن سمعها إلا من فتح الله سمعه ورفع عن قلبه الحجاب ، فصار قابلاً لكلام الله على لسان الكائنات ، ولا يكون القلب بهذه المثابة إلا إذا انكسر من أجل الله ، كما أشارت إليه القصرية .وقال الباحث الإسباني د. جوزيبي اسكاتولين : إن العلاقة بين سلطان العاشقين ابن الفارض والشيخ الأكبر ابن عربي كانت مثاراً للجدل حيث قيل أن ابن الفارض كان تلميذاً لابن عربي ، وإن لم يوجد ما يثبت أو ينفي ذلك .. خلال التحليل اللغوي لشعر إبن الفارض يتبين الاختلاف في استخدام المفردات اللغوية بينه وبين ابن عربي مما يثبت عدم تأثر كل منهما بالآخر ، كما نري صلة قوية بين أفكارهما ترجع إل أن كلاً منهما استلهم هذه الأفكار من ذات الخلفية الصوفية ، خاصة فيما يتعلق بمفهوم الإنسان الكامل والتي عبر عنها ابن عربي من منظور فلسفي ، بينما عبر عنها ابن الفارض من منظور شخصي قائم على التجربة.وقال الناقد د . أحمد محمود الجزار : ابن عربي واحد من كبار صوفية الإسلام وهو الشيخ الأكبر لفلاسفة الصوفية بفضل صياغته لمذهب وحدة الوجود لأول مرة في تاريخ التصوف الإسلامي ، والذي أكدته مؤلفاته وظل بسببه موضع جدل بين مؤيديه ومعارضيه من المسلمين بل وموضع خلاف في تقويم مذهبه ومتداولاته بين الباحثين سواء أكانوا من المسلمين أم غير المسلمين .وأضاف الجزار : بجانب مكانته الصوفية كانت لابن عربي قدرته العقلية والروحية المتميزة في الإسلام ، بفضل شرح مذاهبه في وحدة الوجود ، وبالإضافة إلى ما سبق فإن ذلك الصوفي الذي له طريقة عملية هي الطريقة “الأكبرية “ وإن لم يكن لها من الذيوع والانتشار ما للطرق الصوفية الأخري كالقادرية والرفاعية والشاذلية فإن أتباع “ الشاذلية “ يقدرون له مكانته أوإن لم يعتنقوا مذهبه، ومع ذلك أفاد واحد من كبار شيوخها هو ابن عطاء السكندري .. ومن مؤلفاته في تشكيل آرائه وأذواقه الصوفية ، وإن لم يقل بما قال به الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي .