الذكرى الثانية لرحيل الإعلامي والناقد الفني عبد القادر خضر (11ديسمبر2007م - 11 ديسمبر2009م)
عبد القادر خضر صاحب التجربة الإعلامية الرائدة الحافلة بالعطاءات والإنجازات الإبداعية المتميزة،في واقع الأمر لايمكن الحديث عن الأغنية اليمنية وعصرها الذهبي وما حققته من نجاحات (استثنائية باهرة) دون الخوض والإشارة إلى الدور الإعلامي الهام الداعم والمساند الذي قام به ولعبه (الخضر) بتفوق واقتدار (منتصراً) ومؤازراً للغناء الحديث في (مدينة عدن) منذ بدايات (التكوين والتأسيس) حاشداً مواهبه وإمكانياته وطاقاته الإبداعية الصحفية والإعلامية لخدمة ذلك المشروع الغنائي والموسيقي النهضوي التنويري المتطور والتجديدي على كافة الأطر والقنوات الإعلامية المتنوعة والمختلفة.في هذه التناولة سنتطرق لأهم الملامح والخصائص التي تميزت بها تجربته الإعلامية في (المجال الفني) على النحو التالي:[c1]أولاً[/c]كان الفقيد عبد القادر خضر كتلة ملتهبة مشتعلة من الحيوية والنشاط (متقدة فاعلة ومؤثرة) في مسار حركة الغناء اليمني الحديث والمعاصر (وواحداً من صناع الكلمة الهادفة والمعبرة) التي ساندت مراحل تطور وإزدهار ورقي الأغنية العدنية بحبٍ وولهٍ وإخلاص من خلال مساعدتها ومتابعتها (بالتقييم الفني المسئول والبناء) وتمكينها من التبلور والاستمرارية والتواصل إيماناً وقناعة مدعمة بفكر واعٍ وإدراك يتكئ ويستند على (حدس إعلامي صحفي فني متفرد) سبق كل التكهنات والاحتمالات التي لازمت ولادة وظهور (الأغنية العدنية) ووقف بكل ما لديه من طاقات وإمكانات وملكات صحفية إعلامية (إستثنائية) ضد التيارات التي حاولت محاربتها عبر بعض الأقلام المأجورة والأصوات المتعصبة النشار التي وظفت لإغتيالها معنوياً وأدبياً وفنياً،وبالفعل استطاع القيام بذلك الدور الإيجابي الهام لخدمة ذلك (المشروع) حديث العهد في حينه بالمتابعة والمؤازرة والدفع به من خلال (الكتابات الفنية النقدية) المواجهة الجادة إلى فضاءات ومسارات (غنائية موسيقية) تجاوزت المساحات الكونية والحدود الجغرافية ليصبح (الغناء العدني الحديث) في يومنا هذا (حقيقة) جلية ساطعة مشرقة كوضوح الشمس في كبد السماء فكتب له الريادة والنجاح والتألق والثبات والشموخ وكسب (الرهان الحضاري الإنساني الإبداعي الفني لصالح مدينة عدن) التي رفدت عموم الوطن اليمني والجزيرة العربية والخليج بفنها الغنائي الموسيقي الحديث الرائد المعاصر بعد حوارات مرهقة طويلة شاقة تشعبت وتداخلت تفاصيلها بشكل قسري مفتعل بالعديد من القضايا والملابسات السياسية الاجتماعية/الجغرافية والتاريخية لا يتسع المقام لذكرها في هذه العجالة والسياق، وتبث أخيراً بالمنهاج والدراسات الأكاديمية العلمية مشروعية وجدارة واستحقاق ذلك الكيان الإبداعي الفني التنويري الجديد المغاير والمتطور في أسلوبه وخصائصه ومذاقه وبهويته (اليمنية) التي وشمت وبصمت أجمل وأعذب وأروع سماتها وملامحها في مسار الغناء اليمني القديم والمعاصر وبطبيعة الحال صنفت تحت مفهوم ومسمى (الأغنية العدنية الحديثة) وكانت في حقيقة الأمر هذه (الإشكالية) أهم نقاط الالتقاء الفكري التي(جمعتني) بالراحل (الحبيب) عبد القادر خضر (أبا مجد) مسألة العشق والإنتماء والولاء (لمدينة عدن) الحب الخالد الأبدي.[c1]ثانياً[/c]قضى جل عمره ومعظمه راهباً في محراب الثقافة والفنون صحفياً وناقداً ومعداً ومقدماً لأبرز وأهم البرامج التلفزيونية والإذاعية التي أرشفت ووثقت بالصوت والصورة من خلال (السهرات الفنية المتنوعة) التي قدمها أجمل وأروع وأنجح الأعمال الغنائية الموسيقية للفنانين اليمنيين على إمتداد حقب زمنية متعاقبة شكلت الذائقة والوجدان والمزاج الفني العام في داخل وخارج الوطن كان رحمه الله (القلم الذي عشق الفن والنغم)..[c1]ثالثاً:[/c]تعتبر (مجلة الفنون/النجوم) من أوائل الإصدارات (المتخصصة فنياً) أدارها بإقتدار بحنكته وخبرته الإعلامية الصحفية المتراكمة الطويلة واهتمت بتفاصيل ومجريات الحراك الفني وما يعتمل ويحدث في المشهد الإبداعي:الغناء/الشعر/القصة/المسرح/الدراما/الرياضة/الرقص الشعبي/وغير ذلك من أنماط وأشكال الثقافة والفنون.[c1]رابعاً[/c]قام بإبراز وإظهار وتبني ودعم العديد من المواهب والأصوات الشابة وكان يشكل همزة الوصل وجسر الإلتقاء الفني والإبداعي بين جيل الرواد ونتاجات وعطاءات الفنانين الشباب والجماهير العريضة من خلال كتاباته وبرامجه وسهراته التلفزيونية التي كان يسبقها بالمتابعة والإعداد والتحضير الوافي والدقيق بحضوره وتواجده اثناء البروفات مع الفنانين والفرق الموسيقية إلى أن احتلت تلك الأصوات الشابة مكانة مرموقة في ساحة الغناء اليمني،فأين القائمون بذلك الدور ( التنويري النهضوي) المسئول الرسمي (الرسالة الفنية الثقافية الإبداعية) وتواصل نتاجات وعطاءات مشاريع وخبرات الأجيال من الفنانين اليمنيين في الواقع الراهن...؟!![c1]كلمة لابد منها[/c]دفع عبد القادر خضر ثمناً باهظاً من حياته وصحته كإنسان ومبدع بعد أن طاله الإهمال والتغييب والتهميش بسبب مواقفه وقناعاته التي لا تقبل المساومة والخضوع لسياسة الأمر الواقع وعدم الحياد عن جادة الحق والصواب،فترك في زاوية مظلمة على الرف (خليك بالبيت) مع سبق الإصرار والترصد ليصبح فريسة وعرضة للاكتئاب والإحباط قبل أن يداهمه الموت ، ذلك في واقعنا الراهن (عقاباً) لمن تسول له نفسه من المبدعين الأخرين الذين لايسمعون الكلام ولا يقومون بتنفيذ (سيناريو ثقافة التسطيح والتجهيل).للأسف الشديد نحن نعاني كثيراً مما يحدث نصرخ ونستغيث من تراكمات ذلك (الطوفان الجارف) بعد أن شمل بطغيانه ومفاسده كل مفاصل حياتنا على كافة الأصعدة والأطر والمستويات نسمع ونشاهد في كل لحظة العديد من الزملاء والأخوة بمختلف المجالات العلمية والمهنية الإبداعية ممن يعانون وتختنق أصواتهم بحناجرهم كمداً وقهراً وهم يدفعون ضريبة مواقفهم وقناعاتهم بابتعادهم عن الانحدار والسقوط في هاوية الابتذال والإسفاف التي أضحت تلازم مجتمعنا اليمني بشكل عام، نعم يدفعونها (ظلماً وبهتاناً) بمعاناتهم المؤلمة الموجعة وأسرهم التي لم ترتكب أي ذنب أو جريمة سوى أنهم يحملون قيم ومبادئ وأخلاقيات أسلافهم التي تؤكد بصورة قاطعة وجلية إنها (المكونات الحضارية الإنسانية) لمدينة عدن.رحم الله فقيدنا عبد القادر خضر ومبدعينا أحمد قاسم، محمد سعد عبدالله، محمد عبده زيدي، خليل محمد خليل، عبدالله هادي سبيت، د/ عبدالله فاضل ممن تساقطوا تباعاً كأوراق الخريف، وأني لولا حقوق وواجب الصداقة والسنين التي جمعتنا لكنت فضلت وآثرت الصمت والسكوت في (زمن به الأحياء أموات!!!).