[c1]* د. محمود أبو زيد : سعر برميل المياه اقترب من برميل النفط[/c]عواصم / 14 اكتوبر / وكالة الصحافة العربية :تصاعدت في الأونة الأخيرة وتواصلت دعوات وبرامج الإصلاح الاقتصادي والتنمية المستدامة في الدول العربية، وهو ما أفسح المجال لظهور كثير من معوقات التنمية في المنطقة وتوجه السياسات لعلاج أنواع القصور المختلفة، والمؤثرة في مكونات التنمية العربية، وأورد التقرير الأخير للأمم المتحدة حول التنمية البشرية في العالم العربي أن المياه تمثل أهم معوقات التنمية في العالم العربي مع إدراج معظم الدول العربية تحت خط الفقر المائي، وهو ما يمثل تحدي كبير من تحديات التنمية من أجل توفير المياه والاهتمام بالموارد المائية كمكون أساسي من مكونات التنمية العربية، وهو ما يتطلب إتخاذ العديد من السياسات وتنمية المشروعات المائية لمواجهة هذه التحديات ، خاصة في ظل التطورات العالمية وتطبيقات العولمة، التي تفرض منافسة شرسة وتؤدي إلى تهميش الكيانات الاقتصادية الضعيفة.وأكدت إحصائيات عربية أن ضعف الموارد المائية العربية يؤثر في تحقيق الفجوة الغذائية العربية، والتي تقدر بنحو 17 مليار دولار، وهو ما يؤثر على موازين المدفوعات العربية نتيجة ارتفاع واردات الغذاء التي تصل إلي 30 مليار دولار رغم وجود كل مقومات الزراعة والأراضي الخصبة في المنطقة العربية، إلا أن قضية المياه تمثل معوق كبير، كما تتأثر الدول العربية بطبيعة الموارد المائية والتي تأتي من منابعها من خارج المنطقة العربية، مما يخلق واقعـًا آخر يتمثل في التهديدات المستمرة للمياه المتدفقة من أحواض الأنهار إلى الدول العربية.ويؤكد د. محمود أبو زيد رئيس المجلس العربي للمياه ووزير الري والموارد المائية المصري أن مشكلة المياه لا تتمثل في حالة الندرة على كوكب الأرض، إلا أنها تمثل عدم العدالة في توزيع هذه المياه، وخاصة مع ظهور ما يسمي بتسعيير أو تجارة المياه، والذي يهدد التنمية في العالم العربي، فالمياه النقية ومستلزماتها أصبحت تجارة تتجاوز أرباحها أي سلعة أخرى غير بترولية، بل أن البعض يرى أن برميل المياه اقترب سعره من برميل النفط، وهو ما يؤثر على كافة الدول النامية وليس المنطقة العربية فقط، مع ارتفاع تكاليف توصيل المياه، وهو ما يؤدى في النهاية إلي وقوع الدول العربية تحت خط الفقر المائي، بل أن هناك فجوة كبرى في الموارد المائية على المستوى الإجمالي في الوطن العربي، حيث يوجد فارق بين الدول العربية في الموارد والاحتياجات، حيث أن العديد من الدول العربية خاصة الخليجية تقع تحت خط العجز المائي بسبب الندرة في الموارد، بينما توجد دول عربية تشرف علي أنهار ولديها فائض في موارد المياه، ولكن ترتبط الاحتياجات المتزايدة للمياه إلى افتقار الدول العربية إلي مشروعات المياه، والتي تتوائم مع الزيادة السكانية وزيادة إحتياجات الزراعة، حيث أن 85 % من المياه العربية تذهب إلي الاحتياجات الزراعية المتزايدة، وهو ما يخلق عجز مائي متزايد، وفجوة سالبة للمياه في كافة الدول العربية، وإن تفاوت نسبها من دولة إلى دولة عربية كبرى، ولكن من المتوقع أن يهبط نصيب الفرد العربي من المياه إلي 887 متر مكعب في السنة مقابل 1637 متر مكعب عام 2000.[c1]مكانة ضئيلة [/c]ويقول د. أحمد جويلي الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية أنه علي الرغم من جهود التنمية للعديد من الدول العربية، إلا أن معدل إنجازاتها لازال أقل من نظيره في مناطق كثيرة من العالم، حيث أن العالم يسير بسرعة كبيرة نتيجة لانجازات العلم وثورة الاتصالات والعولمة، وهو ما أدي إلي احتلال الاقتصاد العربي لمكانة ضئيلة في الاقتصاد العالمي، ونجد أن التنمية في العالم العربي لازالت تواجه العديد من التحديات الحقيقية في البطالة التي تتزايد معدلاتها باستمرار وتصل إلي 20 مليون عاطل، وتعتمد الدول العربية علىاستيراد التكنولوجيا، حيث إنه لا زال الإنفاق على البحث العلمي ضعيف جدًا ويمثل 0.4 % من الإنفاق عليه علي مستوي العالم، كما أن هناك فجوة رقمية هائلة، حيث أن الذين يقوموا باستخدام الإنترنت في الدول العربية يبلغ عددهم 1.6 % فقط من السكان مقابل 10 % على مستوى العالم.ويضيف :إن المياه تحتل مكانة كبيرة في عملية التنمية داخل القطر العربي، حيث أنها من أكثر الموارد الاقتصادية ندرة في الوطن العربي، حيث تقدر كمية المياه في الوطن العربي بنحو 254 مليار مترك مكعب تمثل فقط .48 % من المياه المتاحة علي مستوي العالم، في حين يشكل الوطن العربي 10 % من مساحة العالم و5 % من سكانه، ويقدر نصيب الفرد العربي من المياه الآن بنحو 876 متر مكعب أي حوالي 10 % فقط من نصيب الفرد علي مستوي العالم، ويستخدم الوطن العربي حوالي 71 % من المياه المتاحة في حين أن هذه النسبة 6.3 % علي مستوي العالم، وتمثل الزراعة الاستخدام الأكبر من المياه في الدول العربية، حيث تبلغ نسبتها حوالي 86 % من حجم المياه تقريبـًا.ويشير إلي أن عدد الدول العربية دون حد الفقر المائي في زيادة مستمرة، فقد كان عددها ثلاثة دول في عام 1955 وهي البحرين والأردن والكويت، ازدادت إلي 11 دولة عام 1990 لتشمل الجزائر وفلسطين وقطر والمملكة العربية السعودية والصومال وتونس والإمارات واليمن، كما أن هناك سبعة دول إضافية تكون تحت خط الفقر المائي بحلول عام 2025، ولا شك أن ندرة المياه في المنطقة العربية تخلق الكثير من التوترات وعدم الاستقرار، كما هو حادث بين تركيا وسوريا والعراق بالنسبة لنهري دجلة والفرات، والأردن وسوريا وإسرائيل وفلسطين بالنسبة لنهر الأردن وغيرها بما في ذلك المياه الجوفية، وهذه التوترات يجب حلها عن طريق المفاوضات وبروح من التعاون، وذلك من أجل تحقيق التنمية في العالم العربي، والقضاء على مشكلات الفقر المائي في العالم العربي.ويقول د. سمير رضوان رئيس منتدي البحوث الاقتصادية العربية: إن المنطقة العربية في حاجة إلي مشروع تنموي شامل لإعادة بنائها الاقتصادي بما يحقق نهضتها وتنميتها المستدامة، وأيضـًا حاجة الدول العربية إلي التكامل الاقتصادي فيما بينها لتحقيق تكتل يحقق لها مزايا الإنتاج الكبير ويرفع من تنافسيتها في الاقتصاد العالمي، وهذا لا ينفي أهمية المياه وقدرتها كأحد عناصر الإنتاج الحيوية، وهو ما يعني ضرورة النظر إليها في إطار خطة تنموية متكاملة، وأيضـًا إتباع القواعد العملية وتوفير قاعدة من المعلومات عن المياه المتاحة في المنطقة العربية واستخداماتها ومصادرها والاستراتيجيات القطرية لسياسات الموارد المائية.ويضيف : إن العالم العربي يستهلك أغلب موارده المائية في الزراعة، ولذلك يجب الاهتمام برفع كفاءة استخدام المياه في الزراعة، وأيضـًا الاهتمام بجودة المياه ووضع سياسات ومعايير للحد من تلوثها والبحث عن تكنولوجيات متقدمة لتنقيتها من التلوث، وتفعيل آليات عمل المجلس العربي للمياه والذي من أهدافه التنسيق بين الدول العربية وتبادل الخبرات والمعرفة والمعلومات ووضع استراتيجيات مشتركة للمياه في المنطقة العربية، وأيضـًا ضرورة تمويل بعض البحوث الهامة وتنفيذ توصيات المنتدي العالمي للمياه فيما يتعلق بحق الفرد في العالم العربي في الحصول علي مياه نظيفة ومتوافرة على الدوام. [c1]فجوة سالبة [/c]ويرى د. حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي أنه لا توجد فجوة سالبة للموارد المائية على المستوي العام للوطن العربي، حيث يوجد فائض كفرق بين الموارد والاحتياجات يبلغ 103.18 مليار متر مكعب عام 1990، ثم انخفض إلي 84.26 مليار متر مكعب عام 2000، ويتوقع أن تظهر الفجوة السالبة عام 2025 وتقدر بنحو 2.29 مليار متر مكعب في السنة، وتتركز .. فجوة المياه حاليـًا في كل من العراق وليبيا وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة والأردن، أما في عام 2025 فإن عجز المياه يتركز في مصر والسودان والعراق وليبيا والإمارات والسعودية وسلطنة عمان والأردن والبحرين.ويؤكد أن هذا العجز في الموارد المائية يرجع إلي زيادة الاحتياجات بمعدل يفوق معدل زيادة الموارد المائية المتاحة، وتشير الدراسات إلي أن هناك 16 دولة عربية تقع تحت خط الفقر المائي منذ عام 2000 حيث انخفض نصيب الفرد فيها من المياه بنسبة 30 %، وهو ما يشير إلي اتجاه عدد الدول العربية في المستقبل الذي يمكن أن تقع تحت خط الفقر المائي، وتواجه المياه العربية في بعض الدول مخاطر العمليات العسكرية التدميرية للسدود والمنشآت المائية مثلما حدث في العراق عندما حدث تدمير معظم منشآته المائية نتيجة القصف الجوي من جانب الولايات المتحدة، ولا تقتصر الأهمية الاستراتيجية للأمن المائي في الوطن العربي علي العجز المائي بالنسبة للاحتياجات، وإنما تمتد أيضـًا إلى وجود بعض المطامع الأجنبية في الموارد المالية الحالية من جانب بعض الدول الأجنبية القريبة من الدول العربية مثل إسرائيل التي طالبت في اجتماع فينسيا عام 1992 بمد أنبوب من المياه من تركيا إلى صحراء النقب عبر الأراضي السورية، بالإضافة إلي بناء سد علي نهر اليرموك، وشق قناة بين البحر الأحمر والبحر الميت لانتاج الكهرباء لإسرائيل، فضلاً عن استيلائها على مياه الأراضي الفلسطينية المحتلة.
مياه الأنهار حرب في أفريقيا