نواكشوط/ متابعات:لم تعد ظاهرة تعدد الزوجات غريبة على المجتمع الموريتاني بعد أن كانت نادرا في السابق، حيث شهد المجتمع الموريتاني في العقدين الأخيرين انتشار هذه الظاهرة بشكل مرتفع وخاصة في طبقة "البيظان" التي كانت تعتبرها إهانة للمرأة وطعنا في هيبة أسرتها وانتقاصا من كرامتها وفقا للمنظور التقليدي لكرامة المرأة عند المجتمع الموريتاني، وقد يصل التعدد إلى 3 أو4 زوجات إضافة إلى ملك اليمين "الإيماء" التي لم تعد موجودة اليوم كما كان عليه الأمر في السابق. وتفضل المرأة في موريتانيا، بحسب ما نشرته صحيفة "الوطن" السعودية في عددها الصادر يوم امس الاثنين الزواج السري على أن يتزوج عليها زوجها في العلن، وهو ما يوصف بأنه هروب إلى الأمام تمارسه النساء الموريتانيات، حفاظا على أزواجهن، مدفوعات بالخوف من أن يقال إنهن أهينت كرامتهن بالزواج عليهن، وفي هذه الحالة عادة ما تلجأ المرأة إلى التغاضي عن نزوات زوجها، إلى أن تجد نفسها مضطرة لإعلان التمرد والتظاهر به، حين تدرك أن الجيران والأقارب باتوا على علم بذلك الزواج.ويلجأ كثير من الرجال إلى الزواج السري لاسيما كبار المسؤولين ورجال الأعمال والتجار الذين تتوفر لديهم الوسائل المادية لإعالة أكثر من أسرة، والذين تساعدهم مشاغلهم العملية في تبرير غيابهم المستمر عن بيت الزوجية، حيث توجد نسبة كبيرة بين النساء يقبلن بالزواج السري، إما لكونهن مطلقات يعلن أسرا، ويرغبن في من يساعدهن في ذلك، أو أنهن فتيات تقدمت بهن سن الشباب، ويخشين أن يفوتهن قطار الزواج، أو مدفوعات بالحاجة المادية، فتلجأ المرأة الفقيرة عادة للرضوخ لرغبة الرجل الغني في الزواج منها سرا.وتسبب هذه الزيجات السرية في الغالب نزاعات بين الزوجين، خصوصا بعد أن تجد المرأة نفسها مضطرة لكشف الزواج بعد حملها أو وضعها لمولود، وتكثر إثارة النزعات المترتبة عن مثل هذه الزيجات السرية أمام مصلحة النزاعات الأسرية، وأمام المحاكم المختصة، وغالبا ما يجد المسؤولون في كتابة الدولة لشؤون المرأة أنفسهم أمام الحرج إذا تعلق الأمر بمسؤول رفيع في الدولة سيتم استدعاؤه للتفاوض معه أو إرغامه على تحمل مسؤولياته الأسرية، وقد سعت مدونة الأحوال الشخصية إلى منع الزواج السري عبر فرضها إجراءات لابد من اتخاذها لإكمال الزواج، منها ضرورة إبرام عقد الزواج أمام ضابط رسمي للحالة المدنية تسجل فيه كل المعلومات عن الزوجين بما في ذلك زيجاتهم السابقة.وقد صارت ظاهرة تعدد الزوجات في المجتمع الموريتاني مصدر قلق بالنسبة للنساء الموريتانيات، حتى ذهب الرأي ببعض المحللين الاجتماعيين إلى أن إشراك المرأة في الشأن السياسي ومنحها فرصة التعلم وتكريس حقوقها الأخرى لم يعد يشغل المرأة الموريتانية عن شرطها حيث كانت تشترط على خطيبها ألا يدخل عليها يوما متأبطا ذراع زوجة جديدة بعد أن يجمعهما القفص الذهبي، فتضمن عقد الزواج طلبها هذا بجملة واحدة تحتويها جل عقود الزواج بموريتانيا وهي "لا سابقة ولا لاحقة وإلا فأمرها بيدها أو بيد وليها"، وهو شرط يعني أن الرجل إذا تزوج على المرأة فلها أن تطلق نفسها أو وليها له فعل ذلك حسب صيغة العقد. وغالبا ما يصادف هذا الشرط هوى في نفس الزوج، حيث يتخلى أهل العروس عن فرض المهر والمؤخر وتفاصيل الزواج الأخرى مقابل احترام العريس طلب ابنتهم حيث تعتبر ظاهرة الزوج الثاني في موريتانيا إهانة للزوجة لدرجة أن بعض القضاة التقليديين في موريتانيا يطلقون المرأة من زوجها إذا تزوج عليها، بينما تتضاءل حدة رفضه لدى الزوجة الثانية عادة، رغم أن بعض علماء الدين والمصلحين الاجتماعيين نادوا بضرورة رفع الحظر عن هذه العادة، حتى لا يكون في ذلك تحريم لما أحله الله ، غير أن مدونة الأحوال الشخصية أعطت للمرأة الحق في رفض الزواج عليها كشرط من شروط عقد الزوج.ووفقا للمسح الأخير الذي أجراه المركز الوطني للإحصاء الموريتاني، فإن نسبة تعدد الزوجات بين العرب الموريتانيين لا تتعدى 3 أغلبها نتيجة لظهور أفكار إصلاحية جديدة في المجتمع، أو لدوافع مادية قاهرة، كما أنها تقتصر في معظمها على زوجتين، بينما تصل لدى المجتمع الزنجي في موريتانيا إلى 39، من بينهم 9 لهم 4 زوجات.ووفقا للتحقيق الوطني للخصوبة فإن نسبة تعدد الزوجات لدى الزنوج في موريتانيا تتفاوت حسب القوميات الزنجية، حيث تصل إلى 53.2 عند السونكي، و50 عند الولوف و35.9 عند البولار. وهذا ما جعل المجتمعات الزنجية أكثر إنجابا من المجتمعات العربية في البلاد.وإذا كان تعدد الزوجات أمرا معلنا لدى الزنوج الموريتانيين، فإنه مرفوض ومنبوذ لدى المجتمع العربي أو ما يسمى محليا بـ"البيظان"، حيث يجمع معظم الباحثين والمهتمين بالشأن الاجتماعي على أن قمة التعاسة في حياة الموريتانية حين تعلم بزواج بعلها، واعتبروه أقسى من الموت والمرض.ورغم النصوص التشريعية التي صدرت خلال السنوات الأخيرة وتهدف للحد من الطلاق والتفكك الأسري، فإن ظاهرة الطلاق ما تزال في وتيرة متصاعدة بين كافة مستويات المجتمع الموريتاني، من أغنياء وفقراء، مما جعل موريتانيا تتربع على قمة هرم أرقام الطلاق في العالم العربي، بنسبة قدرتها كتابة الدولة لشؤون المرأة في استراتيجيتها للفترة من 2001 إلى 2005 بمعدلات تصل إلى 40 بين الزيجات في الريف، و37 في المدينة، بينما تقدرها منظمات أهلية مستقلة بـ42 على المستوى الوطني.وتشكل هذه الأرقام نسبة عالية في الإخفاق العائلي لم تستطع أن تصل إليها أي من الدول العربية، ولا حتى الأوروبية، وفي الوقت الذي ترتفع فيه نسبة الطلاق بين النساء العربيات فإنها تنخفض بشكل ملحوظ بين النساء الزنجيات اللاتي يقبلن بتعدد الزوجات، كما أن غلاء المهور القياسي لدى العربيات، ينخفض بشكل كبير لدى الزنجيات.
الموريتانيات يفضلن أن يقترن أزواجهن بأخريات سراً
أخبار متعلقة