يذكر الدكتور شوقي ضيف في كتابه الرائع تاريخ الأدب العربي ، والذي تحدث في الجزء الأول عن في العصر الجاهلي في جزيرة العرب ، وفي ذلك الجزء أفاض في الحديث عن العرب الجنوبيين ( اليمنيون ) الذين أدوا دورًا رياديًا في مسيرة الحضارة اليمنية القديمة بل إنّ دورهم الريادي الحضاري لم يقتصر فحسب على العربية السعيدة ( اليمن ) بل تعداها إلى قلب جزيرة العرب وشمالها . وفي تلك الجزيرة أسس اليمنيون إمارات عربية قوية ، كان لها تأثيرها الواضح على خريطة الجزيرة العربية السياسية وهى الغساسنة والتي كانت حليفة للإمبراطورية البيزنطية ، المناذرة والتي كانت حليفة لدولة كسرى ، وكِندة والتي كانت تابعة لدولة حمير اليمنية . بل أنّ قبيلتي الخزرج والأوس اللذين سكنا يثرب ( المدينة المنورة ) قبل البعثة النبوية بفترة طويلة كانتا من اليمنيين والذين وقفوا بجانب الرسول الكريم في بداية تأسيس الدولة الإسلامية الفتية في المدينة[c1]في الفتوحات الإسلامية[/c] وتنطق كتب تاريخ الفتوحات الإسلامية الكبرى في عهد الخليفة أبي بكر الصديق ( 11 هـ / 6433م)) وعمر ابن الخطاب المتوفى سنة ( 23 هـ / 643م ) بدور القبائل القحطانية الكبير المهم ، والتضحيات الجسام التي قدمتها في تلك الفتوحات التي غيرت وجه التاريخ الإسلامي . وتذكر الروايات التاريخية بأنّ جيش المسلمين الذي فتح مصر في سنة ( 21هـ / 642م ) ، كان غالبيتهم من القبائل القحطانية ( اليمنية ) . وتروي صفحات بطون الكتب الإسلامية عن نوابغ الفقهاء والعلماء اليمنيين الذين حملوا لواء النور والمعرفة إلى شعوب البلدان الذين مكثوا واستقروا فيها . وكان من الطبيعي أنّ تحفظ وتسجل أنساب القبائل القحطانية على يد النسابين نظرًا لمّا تحتله تلك القبائل القحطانية في الأزمنة الغابرة من تاريخ مهم . [c1]الجــــذور[/c]والحقيقة أنّ تدوين أنساب القبائل القحطانية ، الخوض فيه يعد من المسالك الوعرة والصعبة والتي يحتاج إلى جهد جهيد بسبب تدخل البطون والأفخاذ القحطانية في أنساب القبائل العدنانية العرب ( الشماليون ) من ناحية والمتابعة الدقيقة لأنساب تلك القبائل القحطانية من ناحية أخرى وبسبب الصعوبات . فقد صدر حتى الآن النذر اليسير من المعاجم في أنساب القبائل اليمنية . وعلى الرغم من ذلك فقد خاض بعض المؤرخين اليمنيين في تدوين أنسابها وأبلوا فيها بلاءًا حسنًا ، وهى (( بلدان اليمن وأنسابها للعلامة القاضي محمد الحجري ، (( الجامع )) : جامع شمل أعلام المهاجرين الذين تعود أنسابهم إلى اليمن ، ومعجم البلدان والقبائل اليمنية للباحث والكاتب الكبير الأستاذ إبراهيم أحمد المقحفي . واليوم صدر كتاب من جزأين للباحث الأستاذ علي سالم هيثم الحسيني بعنوان (( أنساب القبائل القحطانية )) , فيه بذل المؤلف جهدًا يشكر عليه نظرًا لمتابعته الدقيقة لأنساب القبائل القحطانية أو اليمنية . ولقد وضع الباحث علي سالم الحسيني نصب عينيه على ضرورة الوصول إلى جذور أنساب القبائل القحطانية حتى تكون له فائدة علمية في معرفة أنسابها بصورة واضحة لا تقبل اللبس . وفي هذا الصدد ، يقول : “ إنّ البحث في الأنساب يكون عملاً غير ذي جدوى ، إذا لم يتم من خلال القيام به ، الوصول إلى معرفة الجذور التي تنحدر منها من يراد التعرف على أنسابهم ، بمختلف مراتب هذه الجذور “ .[c1]نقـــــاط الالتقـــــــاء[/c] ويقول على سالم الحسيني أنه بالرغم من أنّ القبائل القحطانية والعدنانية لهم كيانهم الخاص بهم إلا أنه هناك سمات ونقاط التقاء بينهم . وفي هذا الصدد ، يقول : “ على الرغم من أنّ لكل من القبائل القحطانية ، وتلك العدنانية ، كيانها المستقل ، فإنّ هناك نقاط التقاء كثيرة بينهما تجعل من علاقاتهما ببعض حقيقة لا يمكن التشكيك في صحتها ، ولعل أشرف نقاط الالتقاء هذه أنّ أخوال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من بني النجار أحدى قبائل الخزرج المنتمية إلى القبائل القحطانية “. ويضرب الأستاذ على سالم الحسيني الأمثلة التي تمثل التداخل والتزاوج بين أنساب القبائل القحطانية وأنساب القبائل العدنانية . وكيفما كان الأمر ، فإن الأستاذ الباحث علي سالم هيثم الحسيني أضاف إلى المكتبة اليمنية التاريخية كتاب قيم في أنساب قبائل اليمن ، ومرة أخرى نشد على يد الأستاذ الباحث علي سالم الحسيني لما بذله من جهد من أجل أنّ يعرف اليمنيين وغير اليمنيين تاريخ أنساب القبائل القحطانية بصورة علمية غاية في الدقة . [c1]مع رئيس جامعة عدن[/c]ولا يسعنا في هذا المقام إلا أنّ نشكر الأستاذ الدكتور عبد العزيز صالح حبتور التي شهدت وتشهد جامعة عدن في عهد رئاسته نشاطا ثقافيًا كبيرًا ، على سبيل المثال تتمثل في الندوة التي أقيمت تحت عنوان (( الشيخ العلامة محمد بن سالم البيحاني )) أحد أبرز رواد التنوير الديني في اليمن . وفي عهده يصدر كتابًا غاية في الأهمية والذي يحمل عنوان (( أنساب القبائل القحطانية )) لصاحبه على سالم الحسيني . وأنني أكاد أجزم بأنّ رئيس جامعة عدن الأستاذ الدكتور عبد العزيز حبتور يدرك تمام الإدراك بأنّ الجامعة لا تقتصر على التعليم في مدرجات الكليات المختلفة فحسب بل إنّ الجامعة تحمل رسالة مقدسة وهي أنّ تكون إشعاع حضاري تنشر ضياء العلوم والمعرفة الإنسانية والأفكار الخيرة . ومرة أخرى نشكر ونثني على الأستاذ الدكتور عبد العزيز صالح بن حبتور ثناءًا عميقاً عمَا بذله ويبذله من أجل تحسين وتطوير الحياة العلمية والثقافية في جامعة ثغر اليمن عدن والذي بالتالي سينعكس على الحياة العلمية والثقافية في عدن بصورة خاصة واليمن بصورة عامة .
|
تاريخ
أنساب القبائل القحطانية
أخبار متعلقة