صباح الخير
أعشق السفر.. وأشعر براحة النفس وأنا محشور داخل الطائرة التي تحلق بي في السماء .. وحيداً أنا والسماء هكذا أتخيل المنظر وأنا أتطلع من نافذة الطائرة إلى الفضاء.ويكون عشقي لذيذاً إذا كانت القاهرة العاصمة المصرية حيث ملتقى الصبا، هي مقصد الرحلة.. كما هي ألمانيا ملتقى ينبوع الشباب دائماً وأنا في الطائرة أقول لنفسي لن أعود إلى عدن الميلاد والنشأة والرحيل بإذن الله، إلا بعد عدة أشهر.. وهكذا يكون قراري في الأسبوع الأول من السفر.وما أن يمر الأسبوع حتى اشعر أن الوطن يناديني.. كل جسمي يرتعش حنيناً للوطن، وأحسب حينها أن الزمن ليس أسبوعاً قد مر وأنا خارج الوطن، بل سنوات .. ويعلم الله وحده مدى معاناتي النفسية التي تسكني حتى استكمل الأسابيع الأخرى وأجد نفسي مرة أخرى ساكناً في الطائرة فرحاً عائداً إلى الوطن.لا أقول ذلك مبالغاً، أو أن اليمن أجمل من البلدان التي أسافر إليها.. على العكس ولا خجل في ذلك.. فالمانيا بلد ساحر بكل الأوصاف .. وأنا لا اشعر فيها بالغربة لوجود شقيقتي وأولادها هناك مقيمين من نحو ثلاثة عقود.. والقاهرة أدمنت على زيارتها منذ كان عمري ثمانية عشر عاماً أي قبل ثلاثة وثلاثين عاماً.. من نيلها رضعت رضعة الشباب.. فيها تعلمت الحب.. وعشقت الأهرامات الخالدة (أم كلثوم، عبدالوهاب، عبدالحليم، السنباطي).. وأعترف انني في كل زيارة وعلى شط النيل الخالد تحديداً أصنع أسراري .. وأذرف دموعي .. أشعر وأنا اسمع حديث النيل مع النخيل بأمان النفس والروح. كل ذلك وأكثر.. ولكن اليمن، الوطن، هو أكبر من كل جمال المانيا والقاهرة وكل بلدان الأرض.. انه الانتماء الذي ارفع باسمه رأسي وأعانق السماء دون خوف.. انه الديمومة التي بدونه تنقطع الدماء من شريان حياتي.. الأرض الذي فوقها تعلمت كيف أحبو وأمشي والعب.. تعلمت أبجديات الحياة.. وإن شاء الله فيه سأنام لا قابل الخالق.. الوطن لا يعرف قيمته إلا كل من ابتعد عنه ولو لايام بل لدقائق .. انه الحضن الذي نشعر بالدفء فيه.أكتب كل ذلك وأنا أتصفح عبر الانترنت بعد أن بذل أخي وأستاذي وصديقي الجميل نجيب مقبل، مدير تحرير هذه الصحيفة ـ 14 أكتوبرـ جهداً لا يتصوره أحد في إقناعي بالتعلم على الانترنت بعد قرار سابق اتخذته بان العمر لم يعد فيه بقية .. علمني النبيل نجيب كيف أتصفح المواقع وهو أمر اسعد كثيراً الأستاذ الوفي ومدرستي الصحفية احمد الحبيشي رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير، لانه جعل من الكمبيوتر عنوان كل صحفي في أكتوبر..اقول وأنا اتصفح بعض المواقع قبل عدة ايام قرأت في موقع للأسف لاحد ابناء الوطن ممن في الخارج.. قرأت إساءة لا يمكن لعقل إنسان أن يتصورها بحق الوطن الذي منه جاء هذا (الزميل) وفيه نشأ وشب حتى غادره واتخذ من الاغتراب سكناً له.. فبدلاً من الحديث عن وطنه بكل فخر وزهو حتى يحترمه الآخرون خاصة ممن هم في البلد الذي يقيم فيه حالياً، نجده وبسرعة الصاروخ يتحول إلى ركب اللصوص والمطالبين قانونياً لارتكابهم جرائم في حق شعبنا.. يتحول إليهم وينهق معهم ضد وطنه.. متخذاً الأكاذيب والدجل وتزييف الحقائق أجندته في الإساءة إلى الوطن الذي يتجمل يوماً بعد يوم منذ أعاد فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، وحدته في الثاني والعشرين من مايو1990م وحينها كان (الزميل) متواجداً وفخوراً بهذا المنجز والحلم الذي تحقق.. فلا حول ولا قوة إلا بالله وأقول لكل من يسيء للوطن وهو يعتقد انه يعيش في نعيم الغربة.. أقول ما جاء في هذه الابيات :"يا مضيع ذهب في سوق الذهب تلقاهيا مضيع حبيب يمكن سنة وتنساهبس يا مضيع الوطن من وين الوطن تلقاه".كلمة أخيرة.. الوطن اليوم جميل بالمنجزات العملاقة التي حققتها الوحدة المباركة .. منجزات أعادت كرامة ومجد الإنسان اليمني ودحضت الذين عبثوا بالوطن ونهبوا خيراته إبان حكمهم الشمولي المقيت قبل الوحدة..