أوهام نرجسية تعتري البعض، فنجدهم يقعون في حالة الانفصام بين حقيقة الواقع الذي يعيشونه وما يقولونه في وسائل الإعلام في السياسة والديمقراطية بلغة تنظيرية في التعددية ودولة النظام والقانون.. يتحدثون عن الأخطاء والاختلالات ويفندون الأسباب والنتائج ولا يطرحون الحلول، يقدمون أنفسهم كبديل متناسين حقيقة ممارساتهم وسلوكياتهم وتصرفاتهم، التي يعرفونها ويعرفها كل الناس ولكن على ما يبدو يتصورون أن بإمكانهم تقديم صورة مغايرة لشخوصهم فيرون ما لا يراه الآخرون.في هذا السياق لا ندري كيف فهم ذلك التناقض لمبدأ التداول السلمي للسلطة في طرحهم أن الطرف الآخر يريد جعل الحوار يقتصر على الانتخابات، ثم يبررون تأجيل الانتخابات بإجراء الحوار، والحقيقة الموضوعية هي أن الانتخابات مرتب إجراؤها بمواعيد دستورية محددة.. وهي حق للشعب وحده وليس للأحزاب فقط، ولا يجوز التسويف في مسألة كهذه.. والمساومة فيها تعني المساومة على النهج الديمقراطي الذي هو أساس بنيان نظامنا السياسي الدستوري المنبثق عنه، بينما الحوار مسار مفتوح على كل القضايا بكل مستجداتها ومتغيراتها وتحولاتها في الحاضر والمستقبل كونه الوسيلة الوطنية المثلى لإيجاد الحلول والمعالجات للصعوبات والتحديات والمشكلات التي تبرز في مسارات العمل السياسي الديمقراطي الوطني، واشتراطات إجراء الانتخابات به مسعى مكشوف لضرب الديمقراطية والمراهنة على أجندة تدميرية بغية الوصول إلى السلطة، وهذا ما لا يمكن القبول به، وسيسقطها شعبنا بممارسة حقه الديمقراطي والدستوري في اختيار ممثليه في البرلمان بالموعد المحدد. ليكون رهان الشعب هو المنتصر. الأسوأ أن هؤلاء لا يهمهم شيء سوى الوصول إلى غاياتهم ومآربهم ولا يفرقون بين الثابت الوطني والمتحول السياسي.. يقولون الشيء ونقيضه في عبارة واحدة.. هم مع الوحدة ويبررون الدعوات إلى الانفصال.. والمقياس في تلك المواقف هي المصالح الشخصية الضيقة مختزلين الأحزاب في شخوصهم، فهم المركز الذي ينبغي ان يبقى وطناً وكذلك الوحدة إن لم تكن منسجمة مع أهوائهم تصبح هدفاً لسهامهم لذلك يطالبون بالتغيير على طريقتهم ليصبح كل اليمن مفصلاً على مقاسهم.. ونلاحظ في هذه الأيام حمي التخرصات والافتراءات والأكاذيب الموجهة والمحرضة ضد تعديل قانون الانتخابات بعد تعديله والتصويت على المواد مادة مادة وبحضور ممثليهم في مجلس النواب وقد كان ذلك استجابة لمطالبتهم بالتعديلات الدستورية، من قبل عناصر من سماتها الإدمان على التضليل واعتادت على العيش في أسر الأوهام الماضوية الانعزالية عن مجريات وأحداث العصر وعن الحياة العامة لشعبنا اليمني وبلغت حداً لم تستطع معه الفكاك من أسرها وتفكيرها العقيم الذي تجاوزته متغيرات اليمن منذ عقود خلت بفعل قوة الإرادة والتصميم على البناء والتنمية والتغيير على كافة الأصعدة الحياتية.. لذلك فقد كان شعبنا أكثر استيعاباً لمثل تلك المقومات والمعطيات التاريخية المعاصرة، وكل ذلك لم يتحقق بغمضة عين ولا بين ليلة وضحاها، ولم يكن الأمر هيناً. إن هؤلاء وللأسف لا يستشعرون الخطر إلا على مصالحهم كلما دقت نواقيس ذلك الخطر لمؤامرة تحاك ضد الوطن قد يكون البعض منهم شركاء فيها، ولكنهم يضعون لها حسابات وخطوط رجعة ناتجة عن عدم الثقة فتجدهم يتقاطرون للأحاديث من تحت الطاولات والمتحذلقون منهم من فوق الطاولات زوراً ونفاقاً وبهتاناً والأكثر تحذلقاً من يحاول إظهار نفسه غيوراً وطنياً بالتزلف المفضوح وعبر أشكال مختلفة لاتنطلي على من يتابعون ويدركون الحقائق من أبناء شعبنا. فالشعب اليمني شعب صلب وغير قابل للي والانكسار أمام التحديات والأخطار مهما كانت قوة عواصفها، لذا فإن ما يقومون به من مبالغة وتضخيم وتهويل في وسائل إعلامهم ليس إلاّ حرثاً في البحر وزرعاً في أرض يباب حصاده هشيم سيذهب حتماً أدراج الرياح. لذلك كله ومن بعد أن أوصدت أبواب الحوار وآخرها إفشالهم لاتفاق 17 يوليو الذي مثل آخر أمل في الخروج من النفق المظلم والذي - بقصد أو بدون قصد- أرادوا به إفراغ الديمقراطية من محتواها ووضع الشروط التعجيزية لانطلاق الحوار.. لذلك كله ودفعاً لوقوع البلاد في مرحلة الفراغ الدستوري الذي في ظله ستفقد الحكومة شرعيتها - لا سمح الله - فقد استشعر مجلس النواب مسؤوليته فصوت على تعديلات قانون الانتخابات وتم إقراره في جلسة علنية وجرت فعاليات التصويت عليه وإقراره أمام الجميع بما في ذلك وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.وها هو القرار الجمهوري بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضاة قد صدر تطبيقاً لاتفاق فبراير وبذلك يكون مجلس النواب قد قام بواجباته الدستورية والقانونية لتكون صناديق الاقتراع هي الطريق الصائب لترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة، وهذا هو الطريق الذي يجب ان نسير فيه جميعاً لبناء اليمن الجديد الموحد الديمقراطي الآمن المزدهر.[c1]* عضو مجلس النواب[/c]
أخبار متعلقة