قد يبدو غريبا ان يعلن السفير السعودي لدى باكستان أنه لم يكن هناك سعوديون بين مقاتلي المسجد الأحمر، وربما قالها وهو يضع يده على قلبه خشية أن يخطئ حدسه. السبب لان السعوديين أكثر من يقاتل في معارك المتطرفين في العالم. صاروا مشكلة منذ أن اتضح أن غالبية الإرهابيين الذين ضربوا نيويورك وواشنطن (15 من 19) كانوا سعوديين. وها نحن بعد ست سنوات نراهم يشاركون «فتح الإسلام» في معركة نهر البارد، أشهر حروب هذا العام، وقد قدرت أرقام القتلى السعوديين فيها بين ثلاثة وثلاثة وعشرين.سورية أبلغت بأنها تحتجز أعدادا كبيرة من المقاتلين السعوديين، والعراق يقول إن السعوديين هم في المرتبة الثانية عددا في سجونه بعد العراقيين، وقتل منهم هناك المئات. كما ظهروا في عمليات، أو مؤامرات، في المغرب، وجنوب شرقي آسيا، وفي أفغانستان حيث بدأت المأساة.وقد كتب الكثير عن «المعضلة السعودية» منذ ظهور زعيم الإرهاب أسامة بن لادن السعودي الجنسية، مع انه نصف سوري من جهة أمه. الزعامة والتمويل والتدريس ارتبطت بالسعودية، تهم فيها حقائق ومبالغات أيضا.ومنذ الحادي عشر من سبتمبر، والسؤال: هل يعي الفرد السعودي انه صار مشكلة عالمية، المواطن الذي عرف في الماضي بأنه أكثر الناس مسالمة؟اعتقد انه لا يدري بالمشكلة بسبب الإنكار المستمر والدفاع العفوي ضد الاتهام الخارجي. صار اللوم دائما على السعوديين وجرمت الأصولية السعودية، مع أن الأصولية السعودية التقليدية فعلا لا علاقة لها بالإرهاب لان من ركائزها ترك الشأن السياسي لولي الأمر، أي الدولة. إلا أن «التطرف السعودي» اليوم هو مخلوق جديد، سلفية نقية مع رؤية سياسية متمردة مستوردة من الخارج، تحديدا من فكر الأخوان المسلمين في سورية ومصر والأردن. الحديث عن مصدر الإرهاب بات مجرد رواية تاريخية لا تهم الآن لأننا أمام غول كبير واتهامات ثلاث، عدد المقاتلين السعوديين في الخارج، ومنظرو الفكر المتطرف في الداخل، وممولوه في الداخل أيضا.هنا حيث لا نشعر تصطدم «الخصوصية السعودية» بالأزمة العالمية. والخصوصية، التي تعني التفرد، كلمة راج استخدامها سعوديا من اجل تبرير الاختلاف في الممارسات عن بقية دول العالم. وبالفعل من حق أي مجتمع أن يتمسك بخصوصيته مهما بدت للخارج غريبة. فالأميركيون يعتبرون اقتناء الأسلحة جزءا من شخصيتهم. والهولنديون يدخنون الحشيش بدعوى أنها حرية شخصية رغم انتقاد العالم لهم. وبالتالي للسعوديين أن يتمسكوا بخصوصيتهم المحلية المحافظة. لكن اختلطت المفاهيم في الداخل والخارج، وصار الخارج ينظر إلى خصوصية السعودية على أنها المنتج الأول للتطرف في العالم، ويستدل بما يقوم به مواطنوها على أراضيهم وفي مساجدهم ومكتباتهم ومدارسهم وينقلونه للخارج. هكذا برر باكستانيون أزمتهم الجديدة بلوم الصادرات السعودية، ومن قبلها قالها الاندونيسيون والأوروبيون والروس. ومع أن السعودية هي أكثر دولة تحارب المتطرفين الخارجين على القانون، بمن فيهم أولادها، إلا أن بلدا يتبنى الإرهاب ويموله مثل إيران لا يعرف له مواطنون يقاتلون في الخارج. وهنا تتهم إيران وسورية بأنهما تقومان باحتضان السعوديين وتوجيههم نحو العراق والآن في لبنان، وصارت كل استخبارات تريد شن حرب تتصيد سعوديين جاهزين. لماذا السعوديون؟ لأنهم مهيأون عقلياً وسياسياً كقنابل موقوتة صالحة كألعوبة في يد أنظمة ذات مشاريع سياسية بالغة الخطورة، وبالتالي علينا أن نفتش لماذا يصبح السعودي مستعدا للموت في سبيل قضية لا يدري كنهها؟ ابحثوا في مصادر الإعداد والتهيئة التي تجعلهم جاهزين للموت. في نظري لم تعالج بعد لأنه أولا لا بد من الاعتراف بالمشكلة ثم البحث عن حلول حاسمة. وهنا أذكركم بان مثل هذه الأمراض لا تشفى بالوقت ولا تداوى بالتجاهل.[c1]* نقلا عن صحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية[/c]
كيف يصبح السعودي إرهابيا عالميا؟
أخبار متعلقة