غضون
* الهاشميون ينسبون إلى هاشم بن عبد مناف القرشي.. وهاشم هو أبو عبدالمطلب، وعبدالله بن عبدالمطلب هو أبو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو السيدة فاطمة رضي الله عنها، ومن أبناء عبدالمطلب إخوة عبدالله هناك أربعة هم: عبدالعزى (أبو لهب) وحمزة والعباس وأبو طالب، وهذا الأخير هو أبو الإمام علي عليه السلام، وعلي وفاطمة هما والدا الحسن والحسين.. ومن نسلهما خرج الحسنيون والحسينيون، ومن كان من نسل الحسن سموه «شريفاً» أما الحسينيون فهم «سادة» وأما سلالة الإمام علي من غير فاطمة فلا يدخلون في القائمتين، وإضافة إلى التمييز بين الهاشمي والشريف في التراتب الاجتماعي استناداً إلى تدني مكانة الحسن وعلو مكانة الحسين، هناك أيضاً تمييز داخل الهاشمية نفسها، وهو تمييز يعتمد على المناطقية والمذهبية، فالهاشمي الشيعي أعلى رتبة من الهاشمي الحنفي أو الشافعي، والهاشمي الموجود في تعز أو حضرموت مثلاً مرتبته أدنى بنظر الهاشمي الموجود في صنعاء أو صعدة.. والشواهد على ذلك كثيرة ومشهورة بحيث لا تحتاج إلى إعادة إشهار أو تشهير!.* هذه القضية أصبحت مرهقة في مجتمعنا المتخلف خاصة بعد انتقال السلفية إلى اليمن.. فالسلفيون لديهم مشكلة مع المذاهب الأخرى وأولها الشيعة، وبسبب كراهيتهم للشيعية وإصرارهم على استئصالها يعتبرون الهاشميين - كسلالة - هدفاً لهجومهم، والهاشميون بدلاً من أن يدافعوا عن مذهب أصيل وجد في اليمن قبل دخول السلفية إليها بأكثر من ألف وثلاثمائة عام، يتقوقعون في إطار ضيق، وهدفهم الأول حماية السلالة «الخاصة جداً».. وهذا التعصب من الجانبين مضر بالوحدة الوطنية ويمزق النسيج الاجتماعي الذي كان يحمي المجتمع قبل مجيء السلفية وقبل تقوقع «الهاشمية» ومن ثم تعصبها.. وما يغذي هذه المشكلة بالوقود هو التراث الذي يستمد منه الخصمان زاداً وعتاداً للحرب.. فكل خصم يمتح من معين التراث ما يكفيه لتقوية موقفه وتبرير سلوكه، وقد كنت اقترحت في هذه الزاوية وفي وقت سابق أن نجعل المستقبل أمامنا، وأن نتخلص من هذا التراث.. فإلى متى نظل «شقاة» يبذلون جهدهم ويستغرقون وقتهم من أجل هاشم ومعاوية وعلي وابن تيمية وابن عبدالوهاب.* الإمام علي عليه السلام يقول: إن من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه.. وأن آل محمد هم أولئك الذين عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية لا عقل سماع ورواية لأن رواة العلم كثير ورعاته قليل، وإن ولي محمد صلى الله عليه وسلم من أطاع الله وإن بعدت لحمته، وإن عدو محمد صلى الله عليه وسلم من عصى الله وإن قربت قرابته.. وفي التراث السني أيضاً ما يجل ويحترم آل البيت دون تمييز في ما بينهم لأنهم حملة علم ولأنهم مقاومون للباطل ولأن نسبهم النبوي رتب عليهم مسؤوليات ولم يمنحهم أي أفضلية لكونهم يتصلون بهذا النسب.والخلاصة من كل هذا.. هو أن نتقبل الفكرة الأساسية.. من حقك أن تدعي أنك ابن الله ومن حقك أن تدعي أنك من نسل (أبو سفيان بن حرب) فهذا شأنك الخاص واحتفظ به لنفسك.. المهم هو ما هو سلوكك الآن كإنسان وكمواطن.. وفي هذا يعمل العاملون من أجل أنفسهم ووطنهم وبلادهم وليس من أجل هاشم بن عبد مناف أو معاوية أو «الأبتر» أو «زياد بن أبيه».