أضواء
د. شروق الفوازالخبر الذي تناقلته الصحف المحلية والمواقع الإخبارية عن امرأة شابة في العشرين لقيت حتفها في حادث مروري بعد أن غافلت شقيقها واستقلت سيارته في ساعة متأخرة من الليل لتستمتع بقيادة سيارة قادتها إلى حتفها، كان يمكن أن يكون خبراً عادياً تهمله كل الصحف ولا تشنف له الآذان لو أنه كان في مكان آخر من العالم غير المملكة العربية السعودية والتي كانت ولا تزال متميزة بمنعها قيادة المرأة للسيارة.أما والضحية كانت امرأة سعودية خرقت ذلك القانون ولقت حتفها، فلا بد وأن يأخذ هذا الحادث حقه في البحث والتحليل سواء داخل المملكة أو خارجها لأنه حدث نادر في قضية اجتماعية حساسة لطالما كانت مثاراً للجدل وأكثر إغراءً للثرثرة. الخبر ذكر في تفاصيله أن المرأة قادت السيارة مسرعة رغبة في المتعة والإثارة، لكن ماذا لو كان دافعها شيئاً آخر غير ذلك؟ هل كان المجتمع سيتفاعل مع الحادثة بالنظرة ذاتها؟ ماذا لقيت امرأة حتفها وهي تقود السيارة مضطرة لتقل أباً عليلاً في حالة حرجة للمستشفى، أو ابنا مريضاً في حالة خطر؟ أذكر قصة حدثت لامرأة أعرفها بعد أن أصيب ابنها الصغير بأزمة ربو حادة في ساعة متأخرة من الليل استدعت نقله السريع للمستشفى، في يوم اعتاد فيه زوجها السهر مع أصحابه في استراحة بعيدة في ضاحية من ضواحي الرياض. وكان من حظها العاثر أنها لم تتمكن من الاتصال بزوجها واستدعائه لضعف الإرسال أو لأسباب أخرى لم تذكرها. فما كان منها إلا أن حاولت الاتصال بكل من يمكنها التجرؤ بطلب مساعدته في تلك الساعة المتأخرة من الليل. فلم يجبها أحد وبعد أن بدأت حالة ابنها تزداد سوءاً ويئست من أن يجيبها أي هاتف. حملت ابنها بين ذراعيها لتطلب مساعدة جيرانها وبعد أن طرقت أبوابا عدة استجاب لها جار بعيد كان عائدا لتوه لبيته فتوجه لها متردداً بعد أن لمحها تحمل طفلاً ينازع أنفاسه بين يديها فأسعفهما لأقرب مستشفى بعد أن أرسله الله لهما استجابة لدعوات أم مفجوعة أعدمتها الحيل وتسلل اليأس إلى قلبها وأدماه. تقول تلك المرأة إنها كانت في حالة يأس قاتلة وأنها لم تتوقف عن التفكير عن ماذا يمكن أن تفعله لو حصل لابنها أي مكروه وعما إذا كانت ستغفر لزوجها عدم تواجده. هذه القصة يمكن أن تمر بها أي امرأة منعت حق القيادة ولم توفر لها وسائل بديلة تضمن لها عدم الاحتياج أو المخاطرة. لو كانت لدينا مواصلات عامة متطورة تضمن للإنسان سلامة المشوار متى احتاجه لما عدمت تلك المرأة الحيلة. فنحن نمعن في المنع ولا نقدم البدائل. لماذا لا توجد لدينا سيارات أجرة توفر خدماتها على مدار الأربعة وعشرين ساعة مربوطة بشبكة اتصال آمن تدعم سرعة الوصول عند الطلب وتضمن سلامته. لماذا لم يطور قطاع المواصلات مواصلاته العامة ويعززها بوسائل نقل مريحة داخل المدينة فليست كل النساء مرفهات ولديهن سياراتهن الخاصة بسائقيها. وليست كل النساء محاطات بأقارب ورجال مستعدين لنقلهن متى اقتضتهن الحاجة. فإذا كانت امرأة سعودية قد توفيت في مغامرة جريئة فغيرهن قد لاقين مصيرا مشابها وتمنين لو كان سمح لهن بالقيادة!عن/ صحيفة “الرياض” السعودية