مات أحمد ناصر محمد، شقيق رئيس الحزب والدولة في الجنوب اليمني حتى يناير 1986م، خبر اعتصر له قلبي ألماً وحزناً ومرارة! رحل رجل عرفته من أنبل الرجال وأشجعهم وأوفاهم!..وكان يقصد الصلاة خلفي والاستماع لخطبتي الجمعة مني في مسجد النصر العريق في حي المنصورة بعدن.. ولم يتردد يوماً في الوقوف بجانبي ومساندتي! حتى بعد أن فقد البصر بسبب مرض أصاب عينيه، ظل أحمد ناصر محمد ذلك الرجل المتواضع العصامي الذي يتخطى السبل المحفوفة بالمخاطر من أجل الوصول إلى المسجد ملتقى الإخوة والأحبة كما كان يحب أن يسميه دون أن يعتمد على أحد!أخلاق الفقيد الراحل لا يحصرها الوصف والعد.. ففي زمن أتهم فيه الجنوب بالكفر من قبل الجماعات الدينية المتطرفة والمتحدثة باسم الله ونيابة عنه تعالى، وهي تطلق الاحكام جزافاً على أبناء الجنوب التي تجلى حقدها الدفين في إصدار فتوى حرب عام 94م اللعينة، وأباحت دماء وأموال الجنوبيين في فتوى التمترس الشهيرة ـ سيئة الصيت- كان الفقيد الراحل من اعلام المتدينين الفضلاء، لا تنقطع أياديه عن مساعدة أحد لجأ إليه!.. بل كان متواضعاً للغاية، يصلي ويجلس ويمشي مع كل بسطاء الحي، ولا يكاد أحد يصدق انه شقيق زعيم الحزب والدولة آنذاك الأخ المناضل الكبير علي ناصر محمد، الرئيس الذي لم أزل أتذكر وقفته بجانبي عندما حققت السبق في مسابقة القرآن الكريم التابعة للمهرجان الشبابي العربي عام 82م في الرياض وكنت حينها موفداً عن جنوب الوطن اليمني آنذاك! فكان سروره بالخبر عميقاً للغاية!! ووجه مشكوراً بمكافأتي.كان أول معرفتي بالأخ الفقيد العزيز احمد ناصر محمد انني رأيت فيه خصالاً متواضعة كثيرة يشاطرني الوفاق عليها من عرف هذا الرجل ولو يوماً واحداً.. منها: انه يبدأ الناس بالسلام قبل ان يبدؤوه، وهذا خلق عال يقوي الصلة بين المرء والناس ومنها: انه ينادي الشخص اذا عرفه بأحب اسمائه وكنيته إليه، ومنها: انه اذا جلس حلقة العلم للاستماع دائماً ما يبادر الى التوسعة في المجلس لغيره اذا حضر عملاً بقوله عز وجل (يأيها الذين أمنوا اذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا، يفسح الله لكم...) من سورة المجادلة.لقد عانى الفقيد حياة مرة، آثر فيها عزة النفس والشرف والتواضع والصبر على الأقدار.. رأيته مرة بعد أحداث 86م، ولم تهن عزيمته بعد.. ولكنه لاقى من الشانئين والشامتين ما تتفطر منه النفس تحسراً!! فذكرته بقول أبي الفتح البستي ـ رحمه الله-والناس أعوان من والته دولته [c1] *** [/c] وهم عليه إذا عادته أعوان إذا نبا بكريم موطن فله [c1] *** [/c] وراءه في فسيح الأرض أوطان ويكفي شاهداً على حسن أخلاق الرجل ونظافة يده ومسعاه أن أحداً لم يستطع ان يصيبه بسوء او يحتسب عليه الاحتماء بالسلطة لتمرير أو ارتكاب أخطاء جسيمة!.فرحم الله المناضل العزيز الفقيد الراحل احمد ناصر محمد واوسع له في فسيح جنانه وتجاوز عنه وعن والديه انه سميع مجيب. وعظيم العزاء مني والمواساة للأخ المناضل الكبير الأستاذ علي ناصر محمد وسائر ذوي المغفور له وأهله ومحبيه.. إنا لله وإنا إليه راجعون.
أحمد ناصر محمد. الرحيل الهادئ!!
أخبار متعلقة